عن لبنان و"حزب الله" تحدث مسؤول مطلع في "ادارة" مهمة أخرى داخل الادارة الاميركية قال: "الوضع في لبنان سيئ. المشكلة الكبيرة بل الأساسية فيه هي "حزب الله". يبدو ان لا أحد في لبنان قادر على حل هذه المشكلة او يريد ايجاد حل لها. حتى النائب سعد الحريري زعيم "تيار المستقبل" قدم الينا اقتراحات تتعلق بـ"حزب الله" غير مقبولة". مثل ماذا؟ سألت. أجاب: "مثل ترتيب أوضاعه في لبنان وقبوله على ما هو عليه ريثما تجد مشكلات كبيرة أخرى حلولاً لها بمساعدته مثل السلاح الفلسطيني المنتشر خارج المخيمات وربما داخلها. نحن لا نريد ان نقوي "حزب الله". لقد أصبح ممثلاً للطائفة الشيعية. نبيه بري رئيس "امل" ورئيس مجلس النواب "صار" مع الايرانيين. والأمر نفسه بالنسبة الى نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان. تكوّن عند الشيعة في لبنان شعور بهوية شيعية. نحن لا نعترض على من يختار الشيعة لتمثيلهم سواء سياسياً او نيابياً او شعبياً. وربما نرحب بذلك، لكن هذا الأمر قد يكون أو قد يصبح خطراً على لبنان وخصوصاً اذا كوّنت كل طائفة أو مذهب فيه نفسها وصارت دولة أو شبه دولة داخل الدولة الأساسية وتصرّفت على هذا الأساس. النائب سعد الحريري قد يكون متقلباً. انا لا أقول انه غير جيد. لكنه لا يزال يحتاج الى مزيد من الخبرة وما يقوله تبريراً لموقفه المشار اليه من "حزب الله" هو انه يرى الحرب آتية بين الشيعة والسنة في لبنان. وهو لا يريدها ويرفضها وسيعمل كل ما في استطاعته لمنعها. وحده النائب وليد جنبلاط صامد في مواقفه ومحصن نفسه بالاقامة شبه الدائمة في معقله الجبلي "قصر المختارة". وهو لاعب سياسي جيد. لكنه يبقى هامشياً (Marginal) لأن الطائفة التي ينتمي اليها ويمثل الأكثرية الساحقة منها صغيرة جداً. أما المسيحيون فأين هم؟ العماد ميشال عون وجه ضربة كبرى الى "14 آذار" والى المشروع الوطني اللبناني واعطى الكثير لسوريا وحلفائها اللبنانيين او عبرهم وغطى الكثير من أعمال هؤلاء".
لكن "حزب الله" ليس مشكلة أو بالأحرى موضوعاً لبنانياً فحسب، بل هو موضوع اقليمي وتحديداً ايراني – سوري. ربما يسهّل ايجاد تسوية للمواجهة الدائرة حالياً بين اميركا والجمهورية الاسلامية الايرانية حل هذه المشكلة أو الموضوع. قلت. رد: "ربما. لكن هل تدرك ان المشكلة النووية القائمة بيننا وبين ايران معقدة كثيراً وان حلها في حال التوصل اليه يقتضي وقتاً طويلاً، أي ربما سنوات. قد يحتاج التوصل الى حل كل مشكلاتنا مع ايران نحو عشر سنين. هل تستطيعون في لبنان انتظار عشر سنين والبقاء على الحال الراهنة أو الوصول الى حال أسوأ منها؟ هذا مستحيل. ستفرطون ولا أحد يدري في أي اتجاه ستسيرون". هل تنجح سوريا في قلب الاوضاع اللبنانية لمصلحتها ولا سيما بعدما حققت نجاحات سياسية مهمة فيه اخيراً بواسطة حلفائها؟ سألت. اجاب: "قد تنجح في ذلك. رغم اننا نضغط كثيراً عليها ونستمر في محاولة عزلها. لكن نظامها المعزول خارجيا قوي وثابت في الداخل. طبعاً هناك خلافات واشكالات بين أهل هذا النظام وداخل مؤسساته ولا سيما الأمنية منها. لكن النظام يعيش معها كما عاش على مدى ثلاثين سنة. يبدو ان سوريا "ظمطت" على الأقل حتى الآن بوضعها ونظامها رغم الضغط الذي تعرضت له على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية". هل يمكن ان "تظمط" سوريا من التحقيق في اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري الذي تقوم به لجنة تحقيق دولية منذ أكثر من سنة؟ سألت. اجاب: "يمكن. على أي حال لا نعرف ماذا تحتوي جعبة رئيس لجنة التحقيق سيرج برامرتس. لا نعرف اذا كان صمته وتكتمه وتحفّظه حتى معنا ناجماً عن امتلاكه دليلاً قوياً او دليلاً ما على تورط سوريا في الاغتيال وتالياً عن حرصه على التثبت منه قبل الاشارة اليه والحديث عنه او اذا كان ناجماً عن غياب أي دليل ضدها في ملفاته. وهذا أمر يقلق الجميع بما في ذلك سوريا. سوريا متوترة من برامرتس. لا تعرف ماذا سيفعل. هل يخفي عنها شيئاً ضدها كي يفاجئها به مستقبلاً؟ في أي حال ان لبنان خط أحمر بالنسبة الى اميركا. وهي تريد ابقاء تماسك قوى "14 آذار" وتعمل لذلك وسائر القوى الاستقلالية وترفض عودة الاوضاع في لبنان الى ما كانت عليه قبل انسحاب الجيش السوري في 26 نيسان 2005 او عودة سوريا عسكرياً الى لبنان او السيطرة عليه بواسطة حلفائها ومن يمسكون معها فيه (Dominance) وذلك أمر تعتبره اميركا خطاً أحمر. لكن ماذا نستطيع ان نفعل؟" تدعون اللبنانيين الى القيام بواجبهم ملوحين ضمناً بأنهم مقصرون فيما هم يدعونكم الى التصدي للعوامل الخارجية وتحديداً الاقليمية التي تعطل تفاهمهم على حل خلافاتهم او تمنعهم من حلها. قلت. رد: "هذا صحيح. القولان صحيحان. لكن اهتمامنا كدولة كبرى ليس مقصوراً على لبنان وحده، فضلاً عن ان نشوء حوادث جديدة وتطور الحوادث القائمة والمعروفة يفرضان نفسيهما على اميركا. مثلاً سيظهر مساء اليوم على شاشة الـ"ال.بي.سي" اللبنانية مساعد وزير الخارجية الاميركي للشرق الأوسط دايفيد ولش (ظهر مساء 22 حزيران الماضي). وسيحاوره مارسيل غانم لمدة نصف ساعة عن لبنان وسوريا وربما عن غيرهما. لكن بعد انتهاء هذا الظهور سيعود ولش الى مكتبه. وسيجد ان عليه ان يتعاطى أو يستمر بالتعاطي مع كل القضايا الاقليمية الصعبة في منطقتكم والمعقدة وفي مقدمها ايران واسرائيل والفلسطينيين وسوريا وغيرها. هل تعتقد ان اميركا تستطيع في وضع كهذا ان تتحرك اذا لم يوفر لها اللبنانيون الارضية للتحرك والحافز؟".
هل هناك تحرك عربي حالياً أو بالأحرى مبادرة عربية وتحديداً مصرية – سعودية في اتجاه لبنان وسوريا بغية مساعدتهما على حل مشكلاتهما وخلافاتهما؟