بوش يتحدى الدستور الأميركي... و"حرب غزة" للإطاحة بحكومة "حماس"


أصداء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعوة لنشر قوات دولية في إقليم دارفور، ونجاح المحكمة الأميركية العليا في التصدي لقرار بوش الخاص بتشكيل محاكم استثنائية لمعتقلي غوانتانامو، وفقراء العالم أصبحوا ضحايا الوعود الوهمية للدول الغنية... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية موجزة على الصحافة الأميركية.

"حرب حماس":

تحت هذا العنوان جاءت افتتاحية "واشنطن بوست" يوم السبت الماضي لتصف المشهد الراهن في قطاع غزة بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليت" قائلة: "إذا كانت لدى حماس الرغبة في مساواة نفسها بحزب الله أو أن تضع نفسها في حرب مع إسرائيل، لترى هذه الأخيرة أن لها الحق في تدمير القدرات العسكرية للحركة، أو القبض على قادتها ومن ثم الإطاحة بحكومتها، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن أليس كل ما يحدث حرباً حقيقية؟ الصحيفة أشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أجل يوم الجمعة الماضي تنفيذ قرار بتوسيع نطاق الهجمات على قطاع غزة بهدف توفير بعض الوقت للوساطة في مسألة اختطاف الجندي، خاصة من مصر، لكن إطلاق الصواريخ من القطاع نحو إسرائيل ظل متواصلاً، وهو سلوك من سلوكيات الحرب تشجعه وربما ترعاه حركة "حماس". الصحيفة ترى أن حياة "جلعاد" لا يضمنها سوى قرار سياسي فلسطيني، ولن يتوقف إطلاق الصواريخ من القطاع إلا بهدنة بين إسرائيل و"حماس". أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس -الذي يحاول جذب "حماس" نحو تشكيل تحالف سياسي مع حركة "فتح" العلمانية- فلا تزال لديه القدرة على لعب دور الوسيط لإبرام اتفاق بين "حماس" وتل أبيب بخصوص هذه الهدنة، لكنه يحتاج إلى مزيد من الدعم سواء من مصر أو من دول عربية أخرى أو من الأمم المتحدة. وحسب الصحيفة، فإنه "بدلاً من شجب جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة، يجب مطالبة حماس ومن يرعاها سواء في دمشق أو طهران بوقف أعمال الحرب والإرهاب".

أزمة دارفور والدور الأفريقي:

خصصت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الجمعة الماضي، لتسليط الضوء على تطورات المشهد في إقليم دارفور السوداني. فبعد مرور قرابة شهرين على اتفاق "أبوجا" المدعوم من الولايات المتحدة، الذي وقعته الحكومة السودانية مع واحد من بين ثلاثة فصائل متناحرة داخل الإقليم. وحسب الصحيفة بدا واضحاً أن الاتفاق لن يتم تفعيله دون وجود قوات أممية، وبدلاً من الاتفاق على نشر قوات دولية في الإقليم، يبحث الرئيس السوداني عن أسباب يبرر بها رفضه السماح لنشر هذه القوات، فهو يرى أن وجود قوات دولية يعني محاولة لإعادة استعمار السودان، وضمن هذا الإطار يلقي عمر البشير اللوم على منظمات يهودية تدفع باتجاه تدخل دولي في الإقليم. وعلى الرغم من أن قوات الاتحاد الأفريقي غير قادرة على الاضطلاع بمهمة إحلال السلام في دارفور، يصر الرئيس السوداني على قدرة الاتحاد على القيام بهذه المهمة. لكن قوات الاتحاد الأفريقي البالغ عددها 7000 جندي غير مجهزة جيداً، ومن المفترض أن مهمتها ستنتهي في 30 سبتمبر المقبل. من جانبه يرى البشير أنه إذا ثبت عدم فعالية قوات الاتحاد الأفريقي، فإن الحكومة السودانية ستقوم بالمهمة، غير أن هذا ليس حلاً، لأن الحكومة السودانية متورطة في الأزمة عبر دعمها لميليشيا "الجنجويد". الصحيفة ترى أن الحل يكمن في الضغوط على الحكومة السودانية كي توافق على نشر قوات دولية داخل دارفور. وضمن هذا الإطار يستطيع الاتحاد الأفريقي تأكيد رغبته في إنهاء الأزمة في دارفور ومناشدة دول أخرى للمشاركة في قوات أممية بالإقليم.

"بوش ضد الدستور":

هكذا عنونت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها يوم الجمعة الماضي لانتقاد قرار الرئيس بوش بمحاكمة المشتبة في قيامهم بأعمال إرهابية أمام محاكم استثنائية. الصحيفة أثنت على مواقف المحكمة العليا الذي رفض خلاله قرار الرئيس بوش، مشيرة إلى أنه للمرة الثانية خلال عامين تقف المحكمة العليا في وجه الرئيس الأميركي كونه يحاول توسيع صلاحياته التنفيذية في الحرب على الإرهاب. المحكمة العليا رأت أن إدارة بوش تجاوزت الكونجرس وانتهكت القانون الدولي بإنشائها لجاناً عسكرية لمحاكمة معتقلي غوانتانامو، وهو ما رأته المحكمة انتهاكاً للدستور باسم الحرب على الإرهاب، وهو سيناريو أشبه ببرنامج التنصت على المكالمات الهاتفية دون إذن قضائي. الصحيفة أشارت إلى أن الطريقة التي سيحاكم بها معتقلو غوانتانامو والسرعة التي ستتم بها المحاكمات تتوقف الآن على الكونجرس الأميركي، وخاصة أن قيادات الحزب "الجمهوري" ألمحت إلى أنها تنوي إلزام إدارة بوش بضرورة تصحيح العيوب التي تعتري مثول المعتقلين أمام محاكم استثنائية، ومن ثم يتعين على مجلس الشيوخ والنواب الموافقة على محاكم تلتزم بمعايير اتفاقية جنيف وبالقواعد المتبعة في المحاكم العسكرية.

عام على قمة "جلينايجلز":

"بعد أن تعهدت الدول الغنية بمضاعفة المساعدات التي تقدمها للبلدان الفقيرة، يبدو أن وعود هذه الدول ذهبت أدراج الرياح"، هكذا استنتجت "لوس أنجلوس تايمز" في افتتاحيتها أول من أمس السبت، مذكرة بأن القمة الأخيرة لمجموعة الثماني الصناعية التي عقدت قبل عام في "جلينايجلز" باسكتلندا، كانت أشبه بحملة غير مسبوقة رفعت عنوان "لنجعل الفقر تاريخاً"، ونجح رئيس الوزراء البريطاني خلال القمة في إقناع الدول الغنية بزيادة مساعداتها للبلدان الأفريقية، وبالفعل وقعت هذه الدول اتفاقاً تاريخياً يقضي بإعفاء البلدان الأفريقية الأكثر فقراً من ديونها، وتعهدت الدول الغنية بمضاعفة حجم مساعداتها لبلدان القارة السمراء بحلول عام 2010، والعمل على إنهاء التعريفات الجمركية وسياسات الدعم المطبقة في الدول الغنية والتي تلحق الضرر بصادرات البلدان الفقيرة، لكن دول الثماني لم تفِ بوعودها تجاه دول أفريقيا. على سبيل المثال تعهدت إيطاليا بأن تزيد من مساعداتها لأفريقيا لتصل بحلول 2010 إلى 5.5 مليار دولار بدلاً من 1.2 مليار دولار قدمتها بالفعل لدول القارة، غير أن مساعدة روما لدول القارة السمراء لم تزد خلال عام 2005 إلا بمقدار 26 مليون دولار. غير أن حالة إيطاليا أفضل قياساً بألمانيا التي خفضت العام الماضي حجم مساعداتها لدول أفريقيا. ما يعني أن فقراء العالم بحاجة إلى أفعال حقيقية لا مجرد وعود جوفاء.