نضال الخضري

لن احتاج لسؤال رائحة الجسد المحترق عن ما فعلته .. أم ما الذي يدفع الموت ليكون بقسوة "العراق" ... العراق كما عرفناه زمن هولاكو، أو عرفته من الرائحة النتنة لرجال يحتفون بالنصر على أجساد النساء ... ثم كانت عبير الصورة التي تذكرني بالوشم .. ثم ترفعني نحو السماء الأولى في رحلة مناقضة لـ"الإسراء والمعراج" ... لأنني أرجة النار مزينة بأجساد الرجال ... وأرى الجنة كلها نساء ... فماذا فعلت عبير كي تدخل الجنة ...

حفلة اغتصاب نشهدها يوميا .. أو تعرفها كل أنثى عندما تصبح الأجساد رمزا لتمثال الحرية أو صورة ديمقراطية فظة لقدرة الذكور على استخدام الحرية ... عبير كانت عائدة من المدرسة .. لكنها لم تكن الوحيدة التي شهدت اختراق الطفولة، فنحن وهم قادرون على سحق أي ملامح للمستقبل .. بينما تبقى الإناث قادرات على اتباع حمية خاصة تضعهم في مساحات من المجهول ..

حفلت الاغتصاب التي أنهت عبير كانت ديمقراطية لأبعد الحدود لأن الجميع شارك بها .. وحفلة الاغتصاب كانت الصورة الأخيرة لما بعد الحداثة على الطريقة الأمريكية .. ثم نسأل لماذا تتراجع الحداثة والعلمانية وكل مفاهيم ما بعد التراث ... تفوق النموذج الأمريكي يتركني أو يترك الإناث لذاكرة السبايا دون خط تقدم لما كنا نحلم به ...

عبير لم تشهد حفلة اغتصاب لطفلة ... لأن الإناث يقفن على حدود من الكفر والعربدة ... والتقدم والتراجع ... والحداثة المقهورة برسولية الديمقراطية التي نراها يوميا في صور "بولتون" و "أولمرت" و ... "بن لادن" الذي يمارس حداثية التراث على شاكلة تنظيرات غيفارا، لكنه على ما يبدو نسي الزمن "الشفاف" للثورة واختطف من الماضي الزواج بأربع ... بينما نسي الجيش الأمريكي وهم الديمقراطية وأراد الحصول على الثأر من طفلة...

قبيلة نحن ... قبيلة هم ... قبائل تنتهي عند حدود جسد الإناث حتى ولو كان بصور لون الطفولة يغطيها ... لن أسأل عن حريتي بعد اليوم ... لأنني فقدت حتى النموذج الحداثي ... استقريت على أهواء تلطمني لتذكرني بأن قناعاتي هي ملكي وليس فيها أي نموذج ... ولن أتخيل صرخات عبير ... لأنني في النهاية أشهد جنود البحرية الأمريكية كأبطال لزمن ينتهي عند خصر أنثى كانت تتطلع لـ"الديمقراطية".....