حالة الضعف والانقسام في الوضع العربي الراهن تبرر هذا الصمت او الموقف الضعيف ازاء الحرب العدوانية القذرة التي تشنها اسرائيل ـ وفي وضح النهار ـ ضد السكان المدنيين العزل والابرياء في قطاع غزة والضفة الغربية مثلما ان وجود علاقات مميزة وصداقات تربط بين بعض البلدان العربية وكل من اسرائيل والولايات المتحدة ليست مسوغا لهذا التواطؤ العربي في الجريمة ولو كان ما يجري في منطقة اخرى من العالم لبادرت هذه القوى الى التحرك السريع واستثمار علاقاتها من اجل مساندة الطرف الآخر وليس التوجه نحو ممارسة الضغوط عليه، فعلى الرغم من ان اسرائيل هي المعتدية، وهي التي تمارس الارهاب المنظم ضد الفلسطينيين وتقتل وتدمر كل شيء في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ويعطي رئيس الوزراء الاسرائيلي اولمرت الاوامر والتعليمات الى الجيش الصهيوني ابأ يستخدم كل ما لديه من وسائل القوة ويجيش الجيوش ويجند كل مظاهر القوة العسكرية الغاشمة بذريعة اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي المختطف فإن الضغوط العربية والدولية لا تتجه صوب اسرائيل واولمرت بل هي منصبة على حماس وقيادتها السياسية وحتى سوريا بحجة ان مفتاح الحل والربط هو في دمشق وليس في مكان آخر، فالكل يبدي استعداده للقيام بدور الوساطة، اي نقل رسائل التهديد الاسرائيلية الى حماس وسوريا وممارسة الضغوط عليها ودعوتها الى اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي شاليت في حين ان هذا الموقف يتجاهل تماما جوهر القضية الفلسطينية ومأساة الشعب الفلسطيني المستمر منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 وحتى الان، فالعالم لم يستطع ان يتحمل معاناة جندي اسرائيلي جرى اختطافه قبل اسبوع، في حين ان المجتمع الدولي لا يزال قادرا على تحمل معاناة الشعب الفلسطيني بل المساهمة في تعميقها وتوسيع دائرتها لتطال كل الفلسطينيين في الداخل والخارج! وهنا مكمن المفارقة الكبرى.