هل سيسافر محامو صدام إلى الولايات المتحدة لتمثيل عبير قاسم؟!! وهل ستشكل لجان حقوق الإنسان في الشرق الأوسط موفديها لحضور جلسات المحكمة على شاكلة ما يحدث عند محاكمة النشطاء السياسيين؟!! وهل سيعتصم البرلمانيون أمام مجالسهم لأن زملاء لهم اعتقلوا بعد أن ظهرت النتائج الديمقراطية بشكل لا يتناسب وقناعات من اخترعوا هذا المصطلح؟!!
ليست مجرد أسئلة لكنها بوابات عبور لمعرفة حجم الفعل السياسي الذي نقوم به لحرصنا على الشأن العام، وللتعبير عن أن ممارسة مهن "خاصة" يستوجب مواقف خاصة أيضا، لأن مسألة حقوق الأفراد تخرج عن ليست موقفا سياسيا فقط بل وجداني يفرض التعامل مع ما يحدث حتى نستطيع رسم صور حقيقية للشأن العام.
ربما ليس من المطلوب من لجان حقوق الإنسان وأعضاء مجالس النواب التوقف عن العمل، بل تقديم صورة جديدة للحياة السياسية، تتجاوب مواقف سابقة قاموا لكنها جاءت بشكل مفاجئ ... وانتهت بالسكتة القلبية. فالحياة السياسية لا تقتصر على المطالبة بإلغاء قانون الطوارء أو بالاحتجاج على تصرف رجل دولة اختفى فجأة وظهر في باريس ... وهي أيضا تتجاوز البيانات والتصريحات إلى رسم ملامح جديدة لتصرف من يعتبرون نفسهم ضمن "النخب" السياسية والثقافية والاجتماعية و ....

وهناك ثلاث أسباب على الأقل تدفع كل من يعتبرون أنفسهم "نخبا" أو قادة رأي للتعامل اليوم بشكل جديد:

أولا – إن حفلات الاغتصاب ليست حدثا فرديا يمكن التعامل معه فقط عبر المحاكم، بل هو نتيجة سياسية لآلية اتبعها البعض في النظر إلى الأمور، ابتداء من "أحلام" الديمقراطية بدلا من التفكير والتخطيط لها، وانتهاء بكوابيس التراث التي تجسدها "مخطوطات" على شاكلة البشر.

ثانيا – إن ثقافة "الشرق الأوسط الجديد" ليست كتابا وخطبا نسمعها من الإدارة الأمريكية، بل نماذج توضع لتصارع داخل مساحاتنا الاجتماعية ... بدء من الديمقراطيات التي تملك خيارين متناقضين فقط، وانتهاء بالرغبة في ملامسة قناعة بأن الغرب عالم آخر غير عالمنا ... رغم أننا نعيش العولمة.
هذه الثقافة مرمية اليوم بيد أصحاب العمائم الذين يصرون على قيمة التراث لمواجهة التغريب، وبذلك فنحن نعفي العقل من التعامل مع الصراع كما نراه اليوم لا كما حلم به أصحاب غزوة الخندق. ألا يستحق الشأن العام المطالبة بأن ننهي أحقية البعض في رسم معرفتنا!!

ثالثا – نموذج "الديمقراطية الفلسطينية" يرسم مساحة جديدة من التعبير عن جدية الفرز في مسألة القيم المعاصرة... وهذا الأمر ليس وهما أو مؤامرة ... هي بالفعل أكثر من قناعات مسبقة تفرض في كل لحظة حتى قبل معرفة ماذا ستفعله حماس ... وهي أيضا تساوم سلامة المنطقة بسلامة الجندي ... ألا يستحق الشأن العام رسم ملامح عمل جديدة مع هذا النموذج.

لن نتوقع الكثير لكن على الأقل نحن غاضبون!!!!