شعبان عبود.....النهار
مشعل: لن نقبل بغير عملية تبادل الأسرى وإسرائيل أوصدت الباب أمام المبادرات الديبلوماسية

أجرى الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى محادثات في دمشق امس مع كل من الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" خالد مشعل، تناولت الاوضاع في الاراضي الفلسطينية وخصوصا العمليات الاسرائيلية في قطاع غزة وقضية الجندي الاسرائيلي الذي أسره ناشطون فلسطينيون قبل اكثر من اسبوعين. واكد مشعل تمسكه بمبادلة الجندي الاسير، مشيرا الى ان اسرائيل هي التي اوصدت الباب أمام المبادرات الديبلوماسية.

الاسد وموسى

وجاء في بيان للرئاسة السورية ان الاسد بحث مع موسى في "آخر تطورات الاوضاع على الساحة الفلسطينية والجهود الجارية من اجل رفع المعاناة عن الشعب العربي الفلسطيني ووقف العدوان الاسرائيلي المتواصل". واضاف: "تم خلال اللقاء البحث في العملية السياسية الجارية في العراق، والخطوات التي قطعتها الجامعة العربية من اجل عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية في العراق، بالاضافة الى نتائج اجتماع دول جوار العراق الذي عقد في طهران".
كذلك عرض نائب الرئيس السوري فاروق الشرع مع موسى لـ"تطورات الاوضاع على الساحتين العربية والاقليمية وخصوصاً في العراق والاراضي الفلسطينية المحتلة في ظل العدوان الاسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني وضرورة التحرك العربي بما يخدم قضية الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع لاستعادة حقوقه في العودة واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس".
وافاد مصدر فلسطيني مقرب من "حماس" ان مشعل اجرى محادثات مع موسى تناولت "الاوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والجهود الديبلوماسية التي قام بها عدد من الاطراف العرب وغير العرب في موضوع الجندي الاسرائيلي الاسير".

مشعل

وفي ما بدا رسالة مشتركة من القيادة السورية وقيادة "حماس" في الخارج لدحض الانباء عن خلاف بين الاسد وقادة الحركة، عقد مشعل مؤتمراً صحافياً في فندق "فور سيزونس" بدمشق وسط اجراءات امنية مشددة شملت الصحافيين المدعوين.
وسألت "النهار" مشعل هل جرت اتصالات بين قيادة "حماس" وقيادة "حزب الله" في موضوع الجندي الاسرائيلي، فأجاب بأن "اتصالاتنا مع جميع قوى المقاومة داخل فلسطين وخارجها مستمرة بما فيها حزب الله". وقال: "بالتأكيد هؤلاء حلفاؤنا ونحن واياهم في خط مقاوم".
وعن الجهود الديبلوماسية والوساطات التي دخلت على خط المفاوضات لحل ازمة الجندي الاسرائيلي تساءل: "لماذا بدأت الجهود الديبلوماسية مع الاسير الاسرائيلي ولم تبدأ مع اسر اسرائيل عشرة آلاف فلسطيني؟".
وعن المبادرة المصرية والاتصالات التي اجراها بعض الاطراف العرب مع "حماس"، قال: "نتعامل مع الجهود العربية باعتبارها جهودا سياسية لا وساطات وهكذا تعاملنا مع الجهد المصري، وهناك جهود من الاخوة في تركيا ومن قطر ومن مسؤولين اوروبيين اتصلوا بنا واتصلنا بهم، لكن اسرائيل ترفض الافراج عن الاسرى وهذا ليس مدخلا للحل". واضاف: "قلنا للوسطاء اننا لا نريد التصعيد ونحن مع المعالجة السلمية الهادئة وقلت لهم ان يذهبوا الى المناطق الفلسطينية وسيجدون ان المزاج الشعبي الفلسطيني لا يقبل بغير عملية تبادل للأسرى". واعتبر ان الافراج عن الجندي الاسرائيلي دون مقابل، استهانة بمشاعر شعبنا وآلامه. الوسطاء في أوروبا يدركون الحقيقة، لكنهم عاجزون عن فعل شيء".
وفي اشارة الى المبادرة المصرية قال: "اميركا لا تريد لاي طرف عربي ان يلعب دورا سياسيا في المنطقة ولا تريد ان يلعب هذا الدور سوى اسرائيل".
وخاطب من يهتمون باجراء وساطة من الدول العربية قائلا: "انضموا الينا وقفوا معنا وموقفكم لا يليق بالحدث... تعاونا مع المبادرة المصرية وهم يعلمون ان من احبطها واوصد بابها هو التعنت الاسرائيلي. الاخوة في مصر يجب ان يدركوا مزاج الشعب الفلسطيني الذي لن يقبل بأقل من عملية تبادل". وعن الموقف الاوروبي قال: "اوروبا امام اختبار اخلاقي وقيمي، واخص دور روسيا والصين اللتين لهما موقف متميز في مسألة كوريا الشمالية. نريد منهما موقفا مماثلا في قضيتنا والصراع العربي الاسرائيلي".
وسئل عما وصلت اليه المبادرة التي أطلقتها تركيا فأجاب: "التقيت مستشار رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو، وهم يعلمون ان اسرائيل ترفض كل الجهود الديبلوماسية".
ورد على اتهام دمشق وقادة "حماس" في الخارج بانهما وراء عملية اسر الجندي الاسرائيلي: "اتهام دمشق وخالد مشعل باتت سيمفونية مكررة والاسرائيليون قسموا الادوار بينهم وبين الاميركيين وهم يتكلمون بلغة واحدة، فما يجري في اسرائيل هو تصدير ازمة وهروب الى الامام واحسن تصدير، هو ان تذهب الازمة الى دمشق فتضرب اسرائيل عصفورين بحجر واحد، خصوصاً ان اميركا واسرائيل لا تعجبهما سوريا. كلما جرت مشكلة في العالم يتهمون سوريا بها، والتهم جاهزة ضدها، هذا شرف لسوريا ولو كانت سوريا ممالئة لاميركا واسرائيل لما اتهمت". ووجه "الشكر لسوريا وعلى رأسها الرئيس بشار الاسد واخوانه في القيادة السورية لان دمشق تتحمل الضغوط".
وعن الدور الخارجي لبعض الدول الاقليمية في عملية اسر الجندي الاسرائيلي تساءل: "هل يعقل الا يتحرك الشعب الفلسطيني الا بأوامر من دمشق وطهران؟ هذا خطأ، ان لكل فعل رد فعل عليه، لذلك فإن هذه الاتهامات وهذا الربط مرفوض وخصوصاً اذا اتى من ابناء جلدتنا. لذلك اطلب من المسؤولين في منطقتنا الا يسمحوا للصحافيين والكتاب بمثل هذه التحليلات".
واكد ان "المقاومة هي الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني ولحركة حماس، المقاومة ليست خياراً تكتيكياً، بل هي الاصل، والمقاومة لا تدار بجهاز الريموت كونترول فالمقاوم على الارض يعرف واجبه جيداً وما عليه ان يفعل. وتقدير الموقف العسكري على الارض يقرره المجاهدون وليسوا في حاجة الى تعليمات من الخارج. وهذا لا يعني ان المقاتلين مكشوفو الظهر، فنحن في قيادة حماس ندعم المقاتلين والقيادة السياسية تتشرف بالمقاومة".
وسئل عن موقفه من التهديدات الاسرائيلية باغتياله، فأجاب ان "التحريض الاسرائيلي علي هو وسام شرف على جبيني. يهددون باغتيالي وانا اقول اعلى ما في خيلهم يركبوها، ان الآجال بيد الله والاغتيال وقع علي منذ تسع سنين وهل يعقل ان اخاف؟ لقد شبعت من الحياة وقيمة الحياة ان اظل مجاهداً، وانا مشتاق الى لقاء الله تعالى واسرائيل لن تأخذ من خلال التهديد مني تنازلاً قيد انملة".
وعن الموقف الاسرائيلي من قضية الجندي الاسرائيلي، قال: "اسرائيل لا تبحث عن قيادة فلسطينية معتدلة، لان اسرائيل تريد كل شيء دون الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني. واقول للاسرائيليين ان قيادتكم لا يهمها حياة الجندي الاسرائيلي، ولو كان يهمها لقامت بالتبادل، وفي الماضي وافقت على عمليات تبادل للاسرى مع حزب الله والقيادة العامة وغيرها. ان اسرائيل تحاول كسب الوقت من اجل الوصول الى مكان الجندي الاسرائيلي، لذلك انبه شعبنا الى هذا الامر".
وحمل رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت مسؤولية استمرار احتجاز الجندي الاسرائيلي قائلاً: "بسياسته العدوانية واصراره على مواقفه، هو الذي يتحمل مسؤولية احتجاز الجندي".
واستغرب الذين"يتكلمون عن جندي أسير فيما نحن عندنا عشرة آلاف اسير وهناك اربعة ملايين فلسطيني في الضفة وغزة مخطوفون ويتعرضون للحصار". وقال "العالم يصر على ان يرى المشهد من خلال قصة الجندي الاسرائيلي، رغم ان العدوان على شعبنا لم يبدأ من أسر الجندي الاسرائيلي بل من قبله. اسرائيل تمارس الارهاب ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الدولية".
وعن الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية ضد مواقع اسرائيلية، قال: "البعض في المنطقة لا يقدرون الصواريخ الفلسطينية، لكن اسرائيل تحسب حسابها. صحيح هي لا تعالج الخلل في التوازن العسكري مع العدو، لكنها تعبر عن ارادة الصمود والاصرار على التمسك بالحق الفلسطيني".

تظاهرة دعم

وشهدت مدينة دمشق مسيرة جماهيرية، شاركت فيها شخصيات تضامنا مع صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية. وانطلق المتظاهرون من شوارع عدة في اتجاه ساحة يوسف العظمة وسط العاصمة، ورددوا هتافات تندد بارهاب الدولة الذي تمارسه القوات الاسرائيلية في حق الفلسطينيين، وبالصمت العالمي حيال ما يتعرض له الفلسطينيون من قتل وتدمير وتشريد وتجويع وحصار. وهاجمت صحيفة "تشرين" السورية الموقف العربي الرسمي مما يجري في غزة والتهديدات لسوريا. وكتبت: "من المؤسف ان العجز العربي الرسمي بلغ حدّ الهوان، وان الصهاينة يدركون تماما ان ما يرتكبونه من مجازر جماعية وشبه ابادة للشعب الفلسطيني، وما يقومون به من استفزازات ومكائد وتهديدات لسوريا المتضامنة قيادة وشعبا مع فلسطين... لن يوقظ تلك الضمائر التي فقدت ايمانها بتاريخها وهويتها وانتمائها".