أنــــور بيجــــو

.. ربما تتركز الروايات حول الوقائع ... هل كان في شقته في دمشق حين تم اعتقاله ؟؟ هل أعطي فرصة ومسدساً للهرب ثم ، بعد أن اتجه صوب عمان ، عاد وسلم نفسه ؟؟؟ ما دور السفارة الفلانية .. وما دور الشخصية ( العلتانية ) ؟؟ هل قال تلك العبارة قبل الإعدام ؟؟ هل ... وهل ... تفاصيل .. روايات .. نفي ... وتأكيدات و... و ... واغتيل الرجل ، تطايرت كتفه ورئته ... وتدفق دمه و ... لم يتوقف ذلك الدفق حتى الآن .

وتبقى كل تلك الوقائع والتوقعات ... التفاصيل والروايات .. النفي والتأكيدات .. يبقى كل ذلك بدون قيمة فعلية عملية ، إن لم يساهم بصورة جدية في الجواب على السؤال : ما السبب الجوهري الذي من أجله قتل الرجل ؟؟

حتى هذا السؤال ، ربما لو أجيب عليه اليوم بوثائق ويقين ، فما أهميته غير إنصاف أو إدانة مرحلة من الزمن الماضي ؟؟ ... ما أهميته إن لم يطرح سؤالاً جديداً : اليوم ، لو عاد الرجل وقال ما قال وفعل ما فعل من جديد ، هل يمكن أن يُقتلَ لنفس السبب من جديد ؟؟

لأنطون سعاده في قلوب الملايين ، من أنصار له ومختلفين معه ، مكانة جليلة ، وتقدير عالٍ لوفائه لقضيته ، وتبجيل لشجاعته في مواجهة الموت ...... لكنّ الحقيقة ، إن إجلاله وتقديره وتبجيله ، هو في أن نحترم ما كان الرجل يحترم ... فيكون معنى السؤال هو بكل وضوح ودقة : (( هل قضية الأمة التي أحب واحترم أنطون سعاده ، هل ما زالت قضية صحيحة ؟؟ )) هل هي حل لكل ما تعانيه هذه الأمة من إشكالات وصعوبات ومرض وضعف ؟؟

من دخول صدام الكويت وهبوب عاصفة الحريق .. إلى مشاهد الدمار الشامل في كل زاوية في العراق ... إلى ساحل غزّة المشتعل وقلب جنين المهروس ... إلى فصول (( العداوة )) بين الشام ولبنان .. أو بين الشام والأردن .... إلى تفاصيل السياسات المصرية السعودية ... إلى استعداد الإسلام أن يقع في الفخ الأمريكي ... ولأن لا أحد مسؤول عن قضيته ، فالقضية بالذات تقتل كل يوم في شوارع بغداد وغزة ... وفي صدى أبواق الحقد اللبنانية على نفوس الواقفين على طرفي الحدود بين لبنان والشام ... وفي سياسات شرم الشيخ والرياض .. وفي شرعة هيئة الأمم ( المنتصرة ) .... ومع كل ذلك ... إننا نعتقد أنه لو قدّر لأنطون سعاده أن يعود ، رافعاً راية قضيته من جديد ، فإن الوقائع تؤكد ، أن ( هذه المرة ) سيكون تخاذل مدّعين الإيمان بصحة قضيته سبّاق إلى قتله... من جديد .