كل ما يفعله العرب هو إحصاء عدد الشهداء الفلسطينيين الذين يسقطون يوميا جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وبالتالي فإن هذا المشهد يطرح الكثير من التساؤلات المشروعة. هل أن احصاء عدد القتلى والمصابين وخاصة في صفوف الأطفال والنساء والشيوخ، هو بمثابة مقدمة لحدوث تغيير في الموقف العربي؟

لقد جرت العادة أن تقوم الأمم والشعوب الحية بإحصاء خسائرها وعدد قتلاها بعد انتهاء الحروب والمعارك وليس خلالها ويبدو أن العرب أرادوا أن يسجلوا سابقة على هذا الصعيد. فأصبحوا يكرسون كل جهودهم من أجل رصد وإحصاء وتتبع أعداء الشهداء والمصابين والمفقودين في الاراضي الفلسطينية المحتلة وكأن الدور العربي أصبح أقرب إلى أن يكون «شاهد زور» على ما تقوم به إسرائيل! وعبارة أدق فإن في هذا التصرف العربي ما يوحي وكأن الدول العربية ليست طرفا في الصراع مع العدو الصهيوني بل هي مجرد مراقب يقوم بإحصاء عدد القتلى والجرحى، وذلك في أعقاب كل عملية عسكرية إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والغريب أن ثمة عدة فضائيات عربية أصبحت متخصصة في هذ العمل، وهي لا شك استفادت من تجربة الاحتلال الأميركي للعراق. فقد كان واضحا ومؤكدا أن بعض الجهات العربية لا تتقن ولا تجيد سوى جمع أرقام الضحايا والتعامل معها على أنها مجرد اضافة جديدة إلى المعادلة الكبرى التي بدأت عام 1948 باغتصاب فلسطين، وما تزال مثمرة حتى الآن. وقد يجد البعض في هذه الهواية العربية مؤشرا قويا على أن الاوضاع في المنطقة لن تظل كما هي وأن الفترة القادمة لابد أن تشهد بداية التحول ولكن المؤكد أنه سبق للعرب أن خاضو غمار تجربة مماثلة وخاصة أثناء وبعد العدوان الإسرائيلي على المنطقفة عام 1967.

فقد تشكلت مراكز أبحاث ودراسات في أكثر من عاصمة عربية لدراسة حجم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية التي لحقت بالعرب كافة آنذاك.