دعوة لتغليب الوسائل الدبلوماسية... ودروس من صواريخ كوريا الشمالية

المطالبة بانتهاج السبل الدبلوماسية وعقد مفاوضات مع السلطة الفلسطينية لحل "أزمة غزة"، وتحذير من تطور ملف إيران النووي على شاكلة نظيره الكوري الشمالي، وانتقادات لـ"الإرهاب الإسرائيلي" موضوعات نعرض لها ضمن قراءة أسبوعية موجزة في الصحافة الإسرائيلية.

"الدبلوماسية هي الطريق الوحيد للخروج من الأزمة":

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "هآرتس" افتتاحية يوم الاثنين الماضي، خصصتها للتعليق على رفض الحكومة الإسرائيلية لمقترح مصري يروم حل الأزمة، مشددة –كما يشير إلى ذلك العنوان- على أن الدبلوماسية تظل السبيل الأوحد للخروج من الأزمة والتصعيد الحاليين اللذين تشهدهما المنطقة. ويقضي المقترح المصري –حسب الصحيفة- بالإفراج الفوري عن الجندي الإسرائيلي الأسير، متبوعاً بإطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين، واعتماد وقف لإطلاق النار، إضافة إلى انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وإطلاق سراح أعضاء حركة "حماس" الذين تم إيقافهم مؤخراً.

الصحيفة، التي أشارت إلى أن رفض الحكومة الإسرائيلية للمقترح إنما يعزى إلى رفضها لمبدأ القيام بعملية مقايضة، اعتبرت أنه ليس ثمة ما يدعو لرفض مقترح من هذا القبيل من دون دراسته، على اعتبار أن المفاوضات غير المباشرة مع "حماس" هي "أفضل من المقاطعة الكاملة وحملة عسكرية تفتقر إلى هدف واضح". وإضافة إلى ذلك -تتابع الصحيفة- فإن مؤشرات عديدة تدل على أن العمليات العسكرية في قطاع غزة لن تفلح في إسقاط حكومة "حماس"، محذرة من أن من شأن أزمة شديدة في القطاع أن تؤدي إلى انهيار تام للسلطة الفلسطينية، ستلقي مسؤوليته على إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أنه مر على أسر الجندي الفلسطيني أكثر من أسبوعين من دون أن تعطي العملية العسكرية والحصار والعقاب الجماعي أي نتائج إيجابية. بل إن القوات الإسرائيلية –تتابع الصحيفة- لم تفلح حتى في وقف إطلاق صواريخ "القسام"، لتخلص إلى أن الدبلوماسية تظل الطريق الوحيد للتعاطي مع الأزمة.

"الضغط على المدنيين الفلسطينيين لا يجدي نفعاً":

نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في عددها ليوم الأربعاء مقالاً لـ"ديفيد كيمشي"، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، وفيه شدد الكاتب على أن السياسة التي تنتهجها حكومة إيهود أولمرت إزاء الفلسطينيين حالياً، ولاسيما سكان غزة، بهدف إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير لن تحقق مبتغاها، مشدداً بدلاً من ذلك على أهمية إجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وبعد أن أوضح كاتب المقال أن السياسة التي ينتهجها أولمرت في تعاطيه مع هذه الأزمة مردها إلى ضغط الرأي العام الإسرائيلي؛ حذر من أن هذا الأسلوب أثبت فشله من خلال تجارب سابقة، مشدداً على أنه إذا كان التوغل العسكري الإسرائيلي في غزة يلبي دعوة الرأي العام الإسرائيلي، إلا أنه لن يضع حداً بالضرورة لإطلاق صواريخ "القسام".

إلى ذلك، اعتبر "كيمشي" أن أسوأ سيناريو يمكن حدوثه هو فوضى تامة في الأراضي الفلسطينية، محذراً من أن إسرائيل بتصعيدها الأخير إنما هي في طريقها إلى تحقيق ذلك، ومذكراً في هذا الصدد بأن استهداف مؤسسات السلطة الفلسطينية، وبخاصة قوات الأمن، خلال "الانتفاضة" الأخيرة كان خطأ كبيراً ارتكبته إسرائيل وأدى إلى إضعاف السلطة الفلسطينية، وهو ما استغلته "حماس" التي ملأت الفراغ الذي خلفته السلطة الوطنية. وفي هذا السياق، حذر الكاتب من تكرار التجربة، معتبراً أنه في حال إسقاط حكومة "حماس"، فلربما يسد "الجهاد الإسلامي" الفراغ الحاصل، ليخلص إلى أن الحل لا يمكن أن يتأتى إلا عبر المفاوضات مع الرئيس محمود عباس.

كوريا الشمالية وإيران:

نشرت صحيفة "هآرتس" يوم الثلاثاء الماضي مقالاً للكاتب "روفن بيداتزور"، المتخصص في العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، وفيه أجرى مقارنة بين مساعي كل من إيران وكوريا الشمالية لتصبحا قوتين نوويتين، محذراً من أنه إذا كانت إسرائيل لا تندرج ضمن قائمة الدول المستهدفة من قبل كوريا الشمالية، فإن "تصرف كيم يونغ" قد يمثل قدوة لآية الله علي خامنئي والزعماء الإيرانيين الآخرين". وبعد أن ذكر الكاتب بمسلسل الشد والجذب بين واشنطن وبيونغ يانغ، والذي تمثلت آخر حلقاته في إقدام بيونغ يانغ على إجراء اختبار إطلاق صواريخ، شدد على أهمية أن ينتبه الساسة الإسرائيليون والأميركيون إلى أن إيران قد تقتدي بكوريا الشمالية وتقوم بتسريع عملية تطوير أسلحتها النووية على اعتبار أن إيران تعي جيداً أنه بمجرد حصولها على القنبلة، فإن إمكانية شن هجوم أميركي عليها ستتقلص، مثلما حدث في الحالة الكورية الشمالية. كما لفت "بيداتزور" إلى أن إيران تنتهج استراتيجية شبيهة إلى حد كبير بالاستراتيجية الكورية الشمالية تجاه المجتمع الدولي، ومن ذلك –يقول الكاتب- تقديم التنازلات الجزئية، والإدلاء بتصريحات معتدلة، والقيام بأنشطة سرية مخالفة لما تم الاتفاق عليه، وقطع تعهدات سرعان ما يتم نقضها، إضافة إلى محاولات كسب الوقت، ليخلص في نهاية مقاله إلى أنه ما لم تستخلص الولايات المتحدة الدروس والعبر من الحالة الكورية الشمالية، فإن إيران ستستكمل أيضاً تطوير أسلحة نووية، معتبراً أن إسرائيل لا يسعها إلى أن تمني النفس بألا يغادر الرئيس بوش البيت الأبيض تاركاً خلفه كوريا الشمالية وإيران وقد أصبحتا قوتين نوويتين.

"إرهاب إسرائيلي"

نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في عددها ليوم الأربعاء مقالاً للكاتب "أريك دايمانت"، رئيس منظمة "الشجاعة والرفض"، وفيه يرى الكاتب أن ما يسمى في إسرائيل بـ"الإرهاب الفلسطيني"، من قبيل عملية "خطف" الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، ليس سوى رد على إرهاب إسرائيلي مماثل، حيث قامت إسرائيل خلال "أزيد من 40 سنة من الاحتلال بخطف آلاف الفلسطينيين"، تماماً على غرار الطريقة التي خطف بها جلعاد شاليت، أي "تحت تهديد السلاح والضرب بدون رحمة، في غياب قاضٍ أو لجنة تحكيم أو شهود، ومن دون تزويد أسرة المختطف بأية معلومات حوله".

واعتبر "دايمانت" أي شخص يُصدق أن الجيش الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات الداخلية "الشين بيت" يحرصان على تقليل حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان "ساذجاً، ما لم يكن قد تعرض لغسل الدماغ"، مضيفاً أنه ما على المرء سوى الاطلاع على شهادات الجنود الإسرائيليين الذين نفذوا "اعتقالات إدارية" للاقتناع بحجم الفظاعة الأخلاقية لما ارتكبته وترتكبه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، ومشيراً إلى أن مئات السجناء الفلسطينيين ما زالوا يقبعون إلى اليوم في سجون "الشين بيت" من دون محاكمة. وبدلاً من الرد بما وصفه الكاتب بـ"الطرق الإرهابية"، دعا "دايمانت" إسرائيل إلى إطلاق سراح بعض الجنود والمدنيين الذين اختطفتهم على اعتبار أن من شأن ذلك خلق جو من المصالحة في الأراضي الفلسطينية.