د.عبدالهادي حواضري

لم يكن مرضياً للكثير أن يكون خيار الشعب الفلسطيني اختياره لحماس , ممثلاً عنه , مانحاً إياها ثقته .. فمنذ اللحظة الأولى تجمع الغرب وإسرائيل و أمريكا و الكثير من زعماء العروبة ليحاسبوا الشعب الفلسطيني على خياره !! فتصدر حماس كحكومة فلسطينية منتخبة بشكل حر وديمقراطي ربما شكل عدوى مستقبلية للكثير من الأنظمة في المنطقة , وربما أزاحت الشعوب كثيراً من الدمى التي خلقها الغرب " كمرابعين " يأتمرون بأمره , ويسيرون بهديه !!
وهكذا بدأت فصول المحاسبة للشعب الفلسطيني , فالشعوب المسلمة عامة , والعربية خاصة ليس من حقها التعامل مع الديمقراطية إلا من خلال المنظور الأمريكي للديمقراطية المتمثلة بديمقراطية العراق !!

في كل يوم تدك غزة , وفي كل يوم تلاحق الصواريخ الإسرائيلية النشطاء الفلسطينيين , ولا أحد يحرك ساكناً , واستطاعت المقاومة الفلسطينية اختطاف جندياً إسرائيلياً وهذا حقاً مشروعاً ووسيلة لم يتثنى لهم غيرها للضغط على إسرائيل لإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية ...

بدأت العقوبات الجماعية للغزاويين ... وبدأ القتل الجماعي ضمن صمت عربي رسمي لا يبدده صمت الأموات ... وبدأت إسرائيل صولاتها وجولاتها مستبيحة بآلاتها العسكرية كل ما تريد استباحته , والزعيم العربي غير معني بما يجري !!

وأخيراً جاء رد حزب الله لاغياً فصلاً من فصول الصمت العربي وليصفع حالة التجبر الإسرائيلية بعملية رائدة ضربت إسرائيل بعنجهيتها التي استمرت طويلاً بأنها القوة التي لا تقهر !! جاءت عملية حزب الله سنداً قوياً للفلسطينيين الذين لم يقف معهم إلا الشعوب التي لا حول لها ولا قوة والمغلوبة على أمرها !! لقد قام حزب الله البطل بعملية نوعية قتل خلالها ثمانية من جنود الصهاينة وأسر اثنين وجرح ما يزيد عن العشرين !!

ومهما قيل ... فعملية حزب الله وسام يتقلده الشرفاء على صدورهم رغماً عن حالات التشكيك و الادعاء التي خرجت من هنا وهناك !! إن عملية حزب الله ورغم ما ستجره من أذى للشعب اللبناني خاصة والشعب العربي ضمن إطار الممانعة عامة , هي حالة من حالات النضال الرائعة التي ستكون مفتاحاً لفتح باب الحرية لكثير من الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية , وإطلاق سراح الشعوب المقيدة بأطر سلاطينها !!

ليهنئ السادة أصحاب القرار العربي بقراراتهم الاستسلامية , وليحافظوا جيداً على كراسي حكمهم , ومزيداً من الألم لشعوبهم !! فغداً ستشرق شمس أخرى وعندها لا بدّ سيتغير الحال , فدوامه من المحال !!