عبداللطيف مهنا

عمليتا المقاومتين الفلسطينية في "كرم أبو سالم" واللبنانية في "خلة وردة" النوعيتان ضد جيش الإحتلال الإسرائيلي، أو عمليتا "تبديد الوهم" و "الوعد الصادق" وتداعياتهما الفلسطينية واللبنانية، وكذا حجم ونوعية وأسلوب الرد الإسرائيلي عليهما، واستطراداً، ردود الأفعال الدولية والإقليمية أثبتتا أمرين كانا لايرقى لهما شك، قبل حدوث العمليتين، والآن، ها هما اتضحا لكل من يضع رأسه في رمال الوهم أو أصيب بحول العجز في العالم العربي، وهذين الثابتين هما الآن فحسب ما يمكن استخلاصه مما يجري الآن عملياً على الأرض، وما سوف يتواصل مستقبلاً في غزة أو الضفة أو في كل لبنان من الناقورة جنوباً حتى طرابلس شمالاً، وما قد يتوسع مداه إقليمياً فيما يأتي من الأيام وهما:

الأول، هو أن معركة هذه الأمة تظل واحدة ولايمكن تجزأتها، كما جزأتها اتفاقية سايكس بيكو ذات يوم، أو ماتريد تكريسه حتى الآن وريثاتها من القطريات. أما ساحة هذه المعركة فهي تمتد من القلب، من فلسطين ولبنان والجولان، أو بلادالشام، إلى الأطراف في العراق والصومال ودارفور، وسائر خارطة الوطن العربي من محيطه إلى خليجه، بما يعني أنها، أي كتلة هذه الأمة، مستهدفة جميعها ولايستثنى من هذا الإستهداف أحد، أسواء قاوم أو ساوم، مانع أو استسلم. وحيث الهدف المعادي هو واحد وهو إخضاعها، فإن هذا الإستهداف ضمناً، لايفرق بين الرسمي المهادن والشعبي الرافض... بمعنى آخر، إن هذا الإستهداف لايستثني أحداً منها، أسواء أكان الخاضع وهو الذي يظل رغم خضوعه قيد ابتزازه لجره للمزيد المزيد من الخضوع والإستسلام، أو الممانع الذي يرى أن قدره أو خياره هو أن يواجه أعتى قوة باطشة منفلتة لايردعها رادع أو يحد من غطرستها وازع، ويعزز إنفلاتها هذا، موضوعياً، خضوع الخاضعين، بغية كسر إرادته وثلم وجدانه الممانع... أي أن أعداء هذه الأمة لايرونها إلا وحدة واحدة، حتى ولو لم تنظر لنفسها، أو ينظر بعضها لها على هذا النحو، وبالتالي فإن هؤلاء الأعداء ضمناً وكأنما هم لايعترفون بسايكس بيكو التي سبق وأن فرضوها عليها.

والثاني، هو أن جبهة أعداء هذه الأمة المستهدفة هم أيضاً وحدة واحدة توحدهم مصالح مشتركة نقيضة لمصالحها، أو هي في الجوهر لا تترجم إلا حرب عليها، وإن تباينت ألوان بيارق هذه الجبهة المعادية فحجبت عن عيون قصيري النظر نقاط التقاطع بين أطرافها، وموّهت فأخفت عن الواهمين خطوط الإلتقاء المؤشرة على توافق تلك المصالح إن لم يكن تطابقها، ومن ثم استوجبت تكامل جهود هذه الأطراف من ذات الجبهة لقهر هذه الأمة أو إنجاز هدف إخضاعها.

في العمليتين البطوليتين، كان للمقاومين الفلسطينيين واللبنانيين ذات الهدفين المعلنين وهما: أسير أو أسيرين اسرائيليين مقابل أسرى عرب، بيد أن الأولى، وإنسجاماً مع اسمها، قد بددت فيما بددت الكثير من الأوهام التي لسنا الآن بصدد تعدادها، لكن أهمها أكذوبة إمكانية التسالم أوالتعايش مع عدو له مثل هذه الطبيعة الإستعمارية الإستيطانية العنصرية الذي تجعل منه النقيض أصلاً لمفهوم السلام، وقد نستفيض هنا لنصل إلى أسوء توصيف لأسوء أنواع استعمار شهدته البشرية...ووهم إمكانية كسر إرادة شعب مقاوم ضحى على مدار قرن للحفاظ على وجوده الوطني وصون قضيته العادلة من التصفية، ويقدم يومياً مالم يقدمه شعب آخر من تضحيات في سبيل تحرير وطنه واستعادة حقوقه التاريخية غير القابلة للتصرف... ووهم الجيش الذي لايقهر، والذي أصابته العملية بالإرتباك والتخبط فكشفت ردود فعله الخارجة عن الطور هشاشة الباطل، ومحدودية قدرة ما دعاه البعض بحق "القوة الفائضة" لكيان زرع عنوة في أرض الغير، وفشلت دمويته على مدار ستة عقود في تغييب أصحاب هذه الأرض أو نفي وجودهم أو كسر إرادتهم. تلك الإرادة التي من شأنها دائماً أن تفاجئه وتطرح مسألة وجوده برمتها قيد البحث.
أما الثانية، فقد عززت أهداف الأولى المعلنة، فبدلاً من أسير مقابل أسرى أصبح المطروح هو ثلاثة أسرى مقابل أسرى... هذا المعلن أو المباشر، لكنها وبحق أكدت ما سبق وأن قلنا بدايةً أنه الثابت الأول، وعززت مارمت إليه العملية الأولى، وخففت الضغط الدموي الذي تواجهه غزة. وإذا كانت الأولى قد أصابت المحتل بالإرتباك وأخرجته عن طوره فإن الثانية قد أصابته بالإرتجاج ووضعته أسير وضع معقد لاقبل له به...

كانتا ضربتين موجعتين متلاحقتين كشفتا عن وحدة معركة يخوضها شعبان صغيران صامدان ماهما إلا جزء من أمة واحدة هائلة الإمكانيات، مترامية الأطراف، مثقلة بمخزونها النضالي وما تجره خلفها من تاريخ، لم تقل كلمتها بعد . يعزز هذا الذي ذهبنا إليه وصف لرئيس أركان جيش الإحتلال الجنرال حالوتس الذي طالب البعض بإقالته، وهو أنهما، والعملية الأخيرة تحديداً، "نقطة تحول"، وإجماع بعض جنرالاته على أنهم حصدوا في غزة جنوباً وعلى الحدود مع لبنان شمالاً، فشلاً "مدوياً"، ووجدوا أنفسهم إزاء بداية لتعاون استراتيجي بين المقاومتين الفلسطينية واللبنانية، وبالتالي، سمعنا كلاماً اسرائيلياً عن "المواجهة الكبرى" و"مناطحة حزب الله"، وحرب "الجزاء المناسب"، واعتبار أن "تبديد الوهم" و "الوعد الصادق" مصدرهما واحد، والذي هو، ووفق بيان الحكومة الإسرائيلية، "مصنع منتجي الإرهاب ورعاته"!!!

باختصار، وكما سبق وأن انحسر المشروع الصهيوني التوسعي، بعد أن انكفأ فاقداً القدرة على مزيد من التوسع و الإحتفاظ بما إحتله و إندحاره عام الألفين في جنوب لبنان، انثلمت غطرسة القوة الفائضة مؤخراً في غزة وانكسرت هيبتها الرذعية، بعد أن فشل الجوع وعجزت المذابح وخابت مظاهر الخذلان العربي المتكيفة أو المتماهية مع سطوة الضغوط الدولية، في إعادة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت إلى دبابته التي هجرها أسيراً، وجاءت عملية "الوعد الصادق" اليوم لتعزز ما سبقها، وتزيد عليها، فيرد المقاومين اللبنانيين فيها التحية للمقاومين الفلسطينيين وبأحسن منها، بطولةً وتخطيطاً وتنفيذاً ونتائجاً... ولأول مرة، نصف مليون مستعمر يبيتون في ملاجئ مستعمراتهم، بعد أن وصلت صواريخ المقاومة اللبنانية إلى أعماق الجليل المغتصب، فزارت صفد بعد نهاريا ووصلت إلى عكا معرجة على القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي وأهم قواعده، ضاربة سبعة عشر هدفاً عسكرياً اسرائيلياً... ولأول مرة يكون نزوحاً مضاداً للمستعمرين حيث جرب المحتلون، مع الفارق، بعض القليل مماجربه الفلسطينيون على أيديهم قبل ستة عقود ولا يزالون... ويمكن ونحن بصدد المشترك بين العمليتين أن نلاحظ ما يلي:

أن الرد الإسرائيلي بذريعة الأسرى الثلاث، ولهدف واحد أحد وهو رأس المقاومتين الفلسطينية واللبنانية، قد ترجم حرباً لاهوادة فيها على البنى التحتية في كل من فلسطين ولبنان وصب لجام الحقد الصهيوني المزمن على الأهداف المدنية، معتمداً أسلوب المذابح المتنقلة، حيث المتدرج أو المتدحرج جنوباً في فلسطين تدحرج متدرجاً شمالاً في لبنان تحت شعار "تغيير قواعد اللعبة"... حتى الآن لم ينجح صائدوا الأطفال والحوامل والعجزة والصحافيين على توجيه ضربة ذي بال للمقاومين وكان حصادهم مقتصراً على الجسور والمدارس ومحطات الكهرباء والمؤسسات الخدمية وكل ما يعتبر وفق القانون الدولي جرائم حرب... لماذا؟!

لأن الهدف، أي رأس المقاومتين إن لم ينجح تحقيقه عسكرياً، فلعل، ووفق منطق الغزاة اللذين هم الأعجز عن فهم روح وإرادة الشعبين،أهوال هذا الدمار والدماء والأشلاء تنجح في تأليب الرأي العام الفلسطيني واللبناني ضدهما.

هل نجح هذا؟!

لعل، في نزول الجماهير اللبنانية تحت القصف للإحتفال بإغراق البارجة الإسرائيلية في شواطيء بيروت واستخدام المقاومة في ذلك صواريخاً لم يعلن عنها من قبل، وإنزالها لساحة المعركة صواريخ مضادة للطائرات لم تكن معروفة بأنها لديها سابقاً ، واعتمادها منطق العين بالعين والسن بالسن الإجابة الكافية على هذا السؤال... ونزيد لنقول:

في فلسطين الحكومة في واد والرئاسة في واد آخر، والمقاومة مع الأيام تبدو في واد ثالث، والشعب يصر، مهما فعلوا بنا فأسير مقابل أسرى، وجاءت عملية "الوعد الصادق" لتصادق على هذا الإصرار وتزيده عناداً... وفي لبنان فعلت الحكومة ما هو أقرب إلى ما كانت تفعله السلطة الأوسلوية الفلسطينية عادة بعيد كل عملية فدائية... الحكومة تبرأت مما فعلته المقاومة... لاعلم لنا، ولانتحمل المسؤولية... وعادت بعض أطراف جبهة نزع سلاح المقاومة لتطل برأسها خلف تصريحات تباينت في تناغمها مع العدوان ضمناً، جاءت من قبل رموز لها يبدوا أنها لم تقو على كظم غيظها، فلجأت إلى نوع متبع من فنون التورية السياسية اللبنانية المعروفة لإدانة المقاومة، لكن البعض قالها بالفم الملآن أن توقيت العملية هو "مشبوه"! والآخر ذهب إلى حد اعتبارها جاءت في توقيت "غير مناسب سياسياً واقتصادياً وسياحياً"، بيد أن هناك من اعتبرها "مرفوضة جملة وتفصيلاً"، ومنهم من قال أنها قد نفذت "بأمر عمليات إيراني سوري"!!!

لقد كشفت العملية عن هزالة المشهد السياسي اللبناني ولدرجة أن المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة دعم حججه في مجلس الأمن بكلام لوزيرين لبنانيين! بيد أن الفرحة والإبتهاج، وحتى الإحتفال الشعبي اللبناني بالعملية، ثم بإغراق البارجة، ومظاهره المعبرة تحت وابل القذائف وغارات الطيران وقصف البوارج، كان هو الحقيقة اللبنانية الوحيدة الثابتة، تماماً كما كانت شبيهتها الفلسطينية، أما ماخلا ذلك فيظل بمثابة الزبد يذهب جفاءً!
كان للإسرائيليين إزاء عملية "خله وردة" نفس التعليق على عملية "كرم أبو سالم": كنا نتوقع مكان العملية، وأخذنا بأسباب الإستعدادات الكاملة، ومع ذلك نجحوا في تنفيذها..!

وكان لهم نفس الهدف، التحريض على احتراب أهلي في فلسطين ومثله بين الدولة والمقاومة في لبنان وصولاً إلى إعادته إلى ماقبل عشرين عاماً، كما توعد وزير الحرب عمير بيرتس، أي إعادة إذكاء نار الحرب الأهلية اللبنانية التي أمل اللبنانيون أنهم تركوها خلف ظهرهم... أي حرب لإشعال الحرب الأهلية... وحصار وتدمير للبنى التحتية يذكرنا بما فعله الأمريكان في العراق ، ذاك الباديء حصاراً أولاً، وتدميراً للأسس التي قامت عليها الدولة ثانياً، وأخيراً الدفع بالبلد المنكوب إلى حيث بوادر الإحتراب الطائفي، الذي أخذ في الإستشراء برعاية الإحتلال وبركاته هناك!

ما تقدم يؤشر على ما اعتبرناه بداية الثابت الأول أي وحدة معركة الأمة، وفيه ما يدل على الثابت الثاني أي وحدة جبهة أعدائها...ألم يشر حتى الجنرال حالوتس إلى هذا مستشهداً بتصريحات قائد المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وحول هذا الثابت، علينا ملاحظة مايلي:

فور العملية على حدود فلسطين الشمالية، وبدء العدوان على لبنان نشطت أربعة أطراف، يطلق عليها اللبنانيون "حكومة الظل" والمقصود بها، السفير الأمريكي والفرنسي والبريطاني ومعهم رابعهم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، أي مندوبي جبهة أعداء الأمة في لبنان... والمطلوب هو تنفيذ القرار 1559، بمعنى آخر تحويل الحدث العدوان إلى حرب ما كانت إلا لتنفيذه، انسجاماً مع هدف هذه الجبهة المعادية الرئيسي وهو رأس المقاومة اللبنانية، كما كان هو ذات هدفها بالنسبة للمقاومة الفلسطينية. هذا في لبنان، أما دولياً، فقد هب ذات الباحثين عن الجندي شاليت لنجدة زميليه الأسيرين في لبنان، وبدأت الضغوط الهائلة كونياً... كوفي أنان لم يهدأ، وطالب بالإفراج عن أسرى المحتلين فوراً ودونما قيد أوشرط... كان منه ما كان من سائر قوى "المجتمع الدولي" إياها!

لكن الولايات المتحدة كشفت ضمناً، من خلال مواقفها من هذه الحرب على أنها تتعامل معها وكأنما هي حربها وليست فحسب داعمة أو ممولة لها أو تدور بآلاتها الحربية، وإنما يتضآئل موضوعياً دور الآخرين فيها، و الإسرائيليون منهم، إلى مجرد كونهم أدواتها المستخدمة فيها، أو كورس يردد ذرائعها. المتحدث باسم الأمن القومي فريدريك جونز قال: إن واشنطن "تدين بأشد العبارات" العملية و"تطلب الإفراج الفوري وغير المشروط عن الجنديين" وتحمل المسؤولية لسوريا وإيران!

... وكونداليسا رايس وزيرة الخارجية ظلت على اتصال دائم ومباشر مع القيادات في المنطقة بهدف "تحميل حزب الله مسؤولية أفعاله"، ووزارتها أعلنت عبر الناطق باسمها:
"نعترف بوضوح كلي بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها"!
أما الرئيس بوش الحريص على مايقول الأسرائيليون أنه بالنسبة له "الإنجاز الوحيد" في الشرق الأوسط، أي لبنان ما بعد إغتيال الحريري، فزاد على ما قاله سابقيه فأكد على أن "سوريا يجب أن تحاسب"!

وعلى وجوب مساعدة ماوصفهم ب"وكلاء السلام"، وهؤلاء هم كما قال: اسرائيل وعباس!!!

... وأخيراً، كان الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار قطري في مجلس الأمن يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وعجز المجلس في دورة ترأسها فرنسا عن إدانة العدوان على لبنان أو مجرد المطالبة بوقفه وإكتفى ببيان صحفي وحتى ليس رئاسياً غير ملزم، معطياً العدوان مزيداً من الوقت ...

...إذاً في المتدحرجة شمالاً....و الدم العربي المسفوح في فلسطين ولبنان والعراق....ما يقول: أصبح لمن يعنيه الأمر الحلال بيّن والحرام بيّن... بان الخيط الأبيض من الأسود...من هي أطراف جبهة العدو ومن هي الجبهة المقابلة المستهدفة...أما المواقف العربية الرسمية، أو تلك اللامواقف أو هذا الصمت العربي القاتل، فتقول:
أن مايدعوه البعض ب"الواقعية السياسية" هو الوبال الأشد فتكاُ بالعرب من استهدافات جبهة أعدائهم، والذريعة الدائمة لكل من ارتضى لنفسه أن يسدد الطعنات الغادرة لظهر المقاومة... هذه التي تعبر بتضحياتها عن شرف وعناد وإرادة أمة تذبح في فلسطين ولبنان والعراق... تلك التي لايستثنون منها أحداً، أسواء من توسط بين العدو والشقيق، أو من يحمل دونما أن يرف له جفن المقاومة المسؤولية الكاملة!..

في غزة قنبلة تزن ربع طن أسقطوها على منزل عائلة أبو سلمية فأبادوها... تسعة شهداء من بينهم سبعة أطفال ولم ينجو منها إلا واحداً... وفي النبطية أو جوارها في قرية الدوير صنعوا في عائلة عكاش ما صنعوه في عائلة أبو سلمية، والحصيلة ثمانية شهداء، فقالت الجدة الناجية: أنا الآن أم لثلاثة عشر شهيداً!
... وفي العراق يكفي أن نقول، أن الأمة كلها، مجازاً، قد غدت الأشبه بالطفلة الشهيدة المعتدى على شرفها عبير أما جبهة أعدائها فيمكن اختصارها، أيضاً مجازاً، في الجندي المجرم ستيفن غرين!

في غزة... في بغداد والأن في بيروت، الخطوط الدفاعية الأمامية عن أمة بكاملها، والأمر في لبنان لازال في بدايته... الحرب، كما قال قائد المقاومة اللبنانية مفتوحة والمبادرة كما تقول صواريخ المقاومة ليست حكراً على إسرائيل ... وأخذت مع الصمود والوقت الشروط الإسرائيلية تجنح نحو التواضع، وخفض جنرالات الموت سقف توقعاتهم، وعلت الدعوات لإقتصار التدحرج شمالاً على "مهمة عقابية" بعيداً عن "أوهام الحسم" ... وإجمالاً هناك في بلادنا، قلباً و أطرافاً، جبهتان لاأكثر:

جبهة ستيفن غرين وجبهة وليد شحروري... وليد شحروري الجريح النابلسي ابن السادسة عشرة النازف دماً، الذي قاوم أربعة وعشرين ساعة، ولم تفلح الصواريخ وقنابل الغاز التي دكت المقبرة التي تحصن بها في إجباره على الإستلام... أرسلوا إليه والدته مجبرة لعلها تقنعه بالإستسلام فطلب منها العودة... لم يأسرو وليداً إلا بعد نفاذ ذخيرته... لأنه كان بحق يؤمن بأنه إنما يدافع عن شرف عبير العربية.