نضال الخضري

ما عشقته في الحرب الحالية أنه كلما تضخم الخوف من البطش الأمريكي، اندثر رعبي ممن يعتبر نفسه "ولي أمري". فرغبة الآخرين في الهدوء تدفعني نحو نزوة لاكتشاف عدم الاستقرار، ولنبش القبور التي أحاطتنا وكأن الحياة انتظار لقدر الزواج والموت حسب المثل الشامي القديم.

نزوتي اليوم تتفوق على كل صور الموت التي شاهدتها ... وربما اختنق صوتي وأن أفكر بالجثث التي كانت تملك أحلاما ورغبات عشق تريد تحقيقها. لكن تتابع الصور أعادني من جديد للخوف الذي نحفظه عن ظهر قلب لأن "الفتنة أشد من القتل" ... ولأن الجميع لا يهوى معرفة ما يمكن أن يحدث في حالات "الحياة" القصوى ... عندما نريد الدخول لتجربة لا تنتهي في طمس القبور التي تضم رفاتنا قبل أن نموت، وترفع شواهد على أن سكونية لم تخلق يوما لحظة فرح هي خلاصة الدنيا.

من يموتون اليوم يعيدون تشكيلي ... وأحلم بان أسير دون إحباط جديد ... وأفكر أن الصورة القاتمة ظلال لزمن ينتهي بشكل سريع لأن دمار لبنان ينسف ما بقي في داخلي من رزانة ... من حياء تجاه لعنة الخوف التي تلازم الجميع ... ففي زمن الحرب نهلع، لكننا نرى الحياة بصورتها الأخرى، أو بعبثية البقاء على مساحة من الموت الذي عشناه سابقا رغم قدرتنا على التجول في مساحات الاستقرار.

لن أخاف الحرب ... أخاف الهزيمة ... هزيمتي الشخصية بالعودة لزمن الموات، لأن الجيوش تنتصر وتهزم، لكن الحياة عندما تختنق لن يعود هناك أي معنى لأن نطلق الصواريخ أو نبتهج بالأعراس.

لن أخاف من صور الموت التي تبثها وكالات الأنباء، لأنها تجعلني أحمل الحلم الذي تركته طفلة ممزقة وأركض فيه نحو أجيال تريد التمرد على الرعب الذي يسكننا ... فالرعب هول الذي يدمر بيروت اليوم ... والرعب هول الذي شكل الصمت كجدار خانق في وجيه الجميع ... ذكور يحلمون بزمن جديد وإناث يردن الانطلاق نحو أفق بقي عالقا بين زمنين.

ليست حربا ... إنها دمار يدفعني للنطق بكاء أو صراخا أو حتى نزيفا كي تتجدد الحياة بمن تطايروا أما اعين الجميع ... وأنا لا أحتاج لشرعية الذكور في مجتمع دولي يريد تغير قواعد اللعبة .. لأن الحرب تسحبني نحو دفن السياسة والتحمس للحياة.