لا تختلف الرواية السياسية كثيرا عن القصة التاريخية، لأن أهل الكهف بعد ان استيقظوا من سباتهم، عجزوا عن التعامل مع العالم خوفا من "الفتنة"، والشكل الأكثر واقعية لأنهم ينتمون لزمن ولى ... فهل هناك أوجه مقاربة عندما يتحدث السيد عمرو موسى عن موت عملية السلام!!!

هذه اليقظة المتأخرة لم تنه على الأقل لدى "النظام العربي" رٌهاب التعامل مع الآخر، لأن المغامرات "عواطف" والموت على الطريقة الإسرائيلية ألغاز ربما لا يحلها الزمن الذي يعيش فيها "النظام" العربي الذي اكتشف معادلة الإخفاق بـ"موت عملية السلام" ... فهل كان من الضروري أن يحترق العالم العربي حتى نحرز هذا الاكتشاف ... أو هل من الضروري أن نجلد بالتصريحات حتى نكتشف أن الصحوة السياسية مازالت تحلم ببهجة الأطفال، واسترضاء الكبار ببسمة..

ما جرى بالأمس في المؤتمر الصحفي بالقاهرة بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب لا يدفع على الابتسام كما فعل الوزير الإماراتي وهو يستمع لغضب الصحفيين، لأن من يموتون هم بشر من لحم ودم، ورٌهاب إسرائيل أقسى من الموت، فالابتسامات كانت تعبر تماما عن أشكال النظام السياسي الذي يحكم العالم العربي منذ الاستقلال ... النظام الذي يعتبر أنه يتأثر لكنه يدرك أكثر من الآخرين "تعقيدات" الموقف.

بالطبع لم يكن مطلوبا من الاجتماع شن حرب .. وليس المطلوب كما حصل في بعض المظاهرات بإعلان الجهاد، لأن هناك فرق كامل ما بين العواطف والقدرة على اقتناص اللحظة لإظهار لون واحد من "القوة السياسية".

وبالتأكيد نجح المؤتمر حسب تعبير الوزير الإماراتي ... لأنه أقنعنا بأننا مطالبون بالوقوف دون أي غطاء سياسي واستبدال الخوف بـ"المغامرة" التي سبقت المؤتمر وحددت سلفا آلياته. فعندما يبدأ الموت بحصاد الأطفال سيكون من الصعب علينا الوقوف في دور سريع جدا سيحصد حتى حلم التراثيين بالجنة.

بعد مؤتمر وزراء الخارجية في القاهرة لم يعد مهما تقديم أي تحليل سياسي ... لأن صحوة أهل الكهف قتلت في داخلنا الرغبة في التفكير حول مخرج وسط صراع الإرادات من حولنا، وربما علينا إعادة رسم خارطة إرادتنا كما نريدها لا كما يرسمها أهل الكهف في صحوتهم.

"المؤتمر" لن يذكرنا بلقاءات المماليك وصراعاتهم عشية هجوم تيمورلنك ... لأن هذه الواقع من التاريخ ... بل سيدعونا لرسم موقفنا وموقعنا وقدرتنا على احتباس الغضب لمرحلة أخرى لأننا اليوم نريد أن ننجو من الموت بطريقة جديدة ... نجاة تعيد الحياة لمجتمعات بقيت تنتظر صحوة أهل الكهف طوال مرحلة المعارك مع إسرائيل.