النهار

تعامل المسؤولون الاميركيون باهتمام مع تصريح وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي في دمشق عن امكان التوصل الى وقف للنار يعقبه تبادل للأسرى، ورأوا انه يعكس قلقا ايرانيا من ان يؤدي استمرار القتال الى اضعاف "حزب الله" او ربما شله كتنظيم عسكري فعال، او احتمال توسع رقعة القتال ليشمل سوريا.
وأفادت مصادر تتابع التحرك الايراني ان ايران التي قدمت مساعدات عسكرية بالغة الاهمية لـ"حزب الله" وتحديدا الصواريخ المتقدمة من طراز "فجر" او "زلزال" التي يراوح مداها بين 47 و62 ميلا، والقادرة على الوصول الى تل أبيب، لا تريد ان يؤدي القتال الى تدمير هذه الترسانة. وقالت ان ايران كانت تشترط عدم استخدام هذه الاسلحة الا اذا استشيرت سلفا، او اذا تعرضت هي لهجوم اميركي او اسرائيلي في سياق التوتر الذي تسبب به برنامجها النووي، مع الولايات المتحدة والغرب واسرائيل. ووفقا لهذا السيناريو، يجب ان يكون استخدام الصواريخ "الخيار الاخير" بالنسبة الى ايران، لتخفيف الضغط عليها من خلال فتح الجبهة اللبنانية، واستخدام هذه الصواريخ المتقدمة التي تعتبرها طهران جزءا من منظومة دفاعية ايرانية اقليمية.
وأوضحت المصادر الاميركية ان ايران التي شجعت في رأي واشنطن "حزب الله" على التصعيد ضد اسرائيل، ربما أساءت، مثلها مثل "حزب الله" نفسه، تقدير رد الفعل الاسرائيلي، ولذلك فانها لا تريد تدمير استثماراتها العسكرية في لبنان في حرب لا تمس مباشرة بمصلحة الامن القومي الايراني.
ويسود اعتقاد في واشنطن ان "حزب الله" كان يتوقع ردا محدودا من اسرائيل مماثلا لردودها المحدودة منذ عام 2000، خصوصا انها منهمكة بهجوم عسكري على قطاع غزة. كذلك يعتقد ان حسابات "حزب الله" كانت ان اسرائيل التي قبلت تبادل غير متوازن للأسرى (أكثر من 400 اسير عربي في مقابل اسرائيلي واحد ورفات ثلاثة جنود) عام 2004، ستقبل مجددا بتبادل للأسرى، وعندها سيصير الحزب في مواقع أقوى حيال الدولة اللبنانية والقوى الاخرى التي تدعو الى تخليه عن سلاحه.
وترى المصادر ان ثمة يدا ايرانية وايضا سورية في توقيت عملية "حزب الله" لان ايران أرادت تحويل الانظار عن برنامجها النووي خلال قمة الدول الصناعية الثماني في روسيا، ولأن سوريا ارادت تذكير اللبنانيين والعالم بانها بدأت تستعيد نفوذها في لبنان، وانه لا يمكن معالجة مضاعفات الوضع في هذا البلد من دون الاعتراف بدورها.
وتقول مصادر اميركية مطلعة ان زيارة متكي لدمشق، وتصريحات المسؤولين الايرانيين، بمن فيهم الرئيس محمود احمدي نجاد ورئيس مجلس الشورى غلام علي حداد عادل، بان تعرض سوريا لضربة عسكرية اسرائيلية سيكون بمثابة ضربة للعالم الاسلامي وان ايران لن تتفرج عليها، او ان لا مكان آمناً في اسرائيل، هي محاولات لاخفاء حقيقة ان خيارات ايران في حال وصول الحرب الى الجبهة السورية، لن تكون جذابة او حتى عملية، اضافة الى انها تؤكد مدى التورط الايراني في لبنان. وتضيف ان ايران لا تريد ان تتعرض حليفتها سوريا لضربة عسكرية اسرائيلية لأن ذلك يكشف ليس فقط مدى ضعف سوريا ومحدودية قدرتها على الدفاع عن نفسها، بل سيحرج ايران، الدولة الاقوى في هذه الشركة غير المتوازنة بين الدولتين، لأن طهران لن تستطيع في هذه الحال تقديم اي مساعدة فعالة لحليفتها التي ستكون وحدها عملياً في اي مواجهة عسكرية مع اسرائيل. ولاحظت ان مجرد حديث ايران عن وقف للنار ولو بشروط، هو مؤشر واضح لكون "حزب الله" بدأ يبحث عن مخرج من المأزق.