المشهد ملفت للنظر لأن الملصقات التي ظهرت في شوارع دمشق من "اللجنة العالمية لنصرة رسول الله" موقعة من "القرضاوي" وعلى خلفية دعائية لـ"الرفاهية" و "الدلال" التي تعدنا بها أحد أصناف الزبدة ... والملصقات أيضا كانت مترافقة ولا تزال مع صور المهجرين من لبنان إلى سورية .. وربما مع القلق الذي نبديه من واقع نتابعه على شاشات التلفزة ... ثم لن نسأل عن هذه "النصرة" التي جاءت وكأنها حملة دعائية أو افتراق ثقافي بين ما يحصل في لبنان، وبين "العصبية" التي تدفع البعض نحو مهرجانات "تراثية"!!!

والمشهد أيضا لا يكتمل إلا مع استحضار المعارك التي نوهم أنفسنا بأننا نخوضها ضد طواحين الهواء، محققين أعلى انتصار لنا ... بينما يتسلى البعض باكتمال الترويج للسلع على خلفية الرسوم التي نعتبر أنها لم تحترق ولم يظهر منها سوى ما تم نشره في بعض الصحف ...

"نصرة الرسول" لم تعد حالة عادية أو ظاهرة نستطيع قراءتها دون أن نشعر بأن مكافحة الإرهاب تطال المجتمع بكامله، وتبحث وسط التصريحات العربية عن كل ما يدفع للخوض في مجزرة جماعية، ونبقى إرهابيين، أو حتى تائهون في تراجع بعض الشركات أو اعتذارها عن "الرسوم المسيئة" ... وبالطبع فإن الأفق لا يحمل ما يسيء لنا لأننا قررنا الشهادة تحت الأنقاض وبشكل جماعي ... ما دامت الجنة لنا فلتكن لنا وحدنا ولننه "دار الفناء" بشهادة ما بعدها شهادة.

أخطر ما في الملصقات هو لون اللامبالاة ... عندما تصبح "الرسوم المسيئة" قضية نهائية للثقافة ... ومرحلة تكتيكية للعبور نحو الموت الذي نراه أمامنا ... فهذه النصرة وسط الحرب مستمرة على أشلاء الأطفال، فهل تستطيع النصرة فرض مقاطعة لكل الغرب؟!! أم أنها لا تملك سوى أساليب "فتح الجهاد" وكأنه على طريقة "الفزعة" التي شهدتها "الجاهلية" في صراع القبائل.

"حرب مفتوحة" و "نصرة مفتوحة" لأن الهم هو الاعتذار وليس التوقف عن القتل ... والهم الثقافي هو الدعوة للتمسك بقدسية الرموز بينما لم نعد نملك ما يستباح في عقلنا وحياتنا. فالنصرة "المفتوحة" هي بالفعل مشرعة الأبواب على كل ضيق يلم بنا لتجمع المال دون الرأي العام. فمنذ أربع سنوات و "نصرة" فلسطين قائمة ثم "نصرة" أفغانستان" وبعدها العراق ... وأخيرا نصرة الرسول، وربما لن يجرؤ أصحاب النصرة على فتح شعار لنصرة "المقاومة" لكنهم بلا شك سيجمعون المال لنصرة لبنان ... وتتكرر المجازر وتتكرر "النصرة" .. بينما نتأمل الملصقات لنستمتع بما يعتقدون أنهم منعونا من الاستمتاع به ... فنحن نستمتع بالفعل لأن الموت يحاصرنا ولا نستطيع محاصرة "النصرة".