تصفية الحساب مع دمشق لاحقاً

السفير

وجهت إسرائيل تحذيرا إلى سوريا، أمس، في أعقاب الإعلان عن قصف شاحنات كانت تنقل ذخائر وصواريخ لحزب الله.
وذكرت صحيفة <يديعوت أحرنوت> أن رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أرسل هذا التحذير الى سوريا بعد إعلان رئيس شعبة العمليات الجنرال غادي آيزنكوت أن دمشق تحاول نقل صواريخ لحزب الله.
وأشارت الصحيفة إلى أن اسرائيل أوضحت، مع بداية المواجهة، أنه ليس لديها النية لمهاجمة سوريا، وانها ترغب في بقاء السوريين خارج اللعبة. الا أن المراسل السياسي لصحيفة <معاريف> بن كسبيت نقل، إضافة إلى ذلك، تهديدا من مسؤول عسكري إسرائيلي <بتصفية الحساب لاحقا> مع سوريا.
وكتب كسبيت، نقلا عن مصادر عسكرية، ان حزب الله يبذل <جهودا يائسة لجر سوريا إلى المواجهة العسكرية مع إسرائيل>، وأن الجيش الإسرائيلي <لن يفاجأ إذا سقط قريبا صاروخ كاتيوشا داخل الأراضي السورية، بهدف توريط الدولتين في مواجهة تخفف الضغط عن رجال (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله في لبنان>.
وأشارت <معاريف> إلى أن الطائرات الإسرائيلية أغارت على عدد من الشاحنات السورية المدنية، التي قالت المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية إنها كانت تنقل صواريخ بقطر 220ملم من قواعد الجيش السوري إلى حزب الله. وأوضحت أن إسرائيل تابعت الشاحنات منذ لحظة خروجها من قواعد الجيش السوري، حيث تخزن الصواريخ، ولكنها لم تهاجمها إلا بعد أن اجتازت معبر الحدود اللبنانية، وتوقفت في موقع خفي داخل لبنان.
وكان الجنرال آيزنكوت قد أشار، في مؤتمر صحافي أمس الأول، إلى أن سوريا مسؤولة عن نقل الصواريخ، لكنه شدد على أن إسرائيل تمتنع عن مهاجمة سوريا، التي ليست مدرجة ضمن أهداف حملة الجيش الإسرائيلي.
وأشار آيزنكوت إلى سلسلة عمليات يقوم بها حزب الله لإشعال المواجهة بين إسرائيل وسوريا، معتبرا أن حزب الله يترك عن عمد دلائل تشخيص سورية على الصواريخ التي يطلقها نحو حيفا، كي ترى إسرائيل بوضوح من يقف خلف إطلاق النار.
وأوضح كسبيت أن قيادة الجيش الإسرائيلي تعتقد بعدم ضرورة العمل ضد سوريا في هذه المرحلة، لكنه نقل عن مصدر عسكري رفيع المستوى قوله <سوف نصفي الحساب مع سوريا في ما بعد>.
وتحدث كسبيت عن مظاهر توتر عصبي شديد في سوريا مؤخرا، فالجيش السوري يحرك القوات، ويعزز الدفاع الجوي ويبدو مرتبكا. وألمح إلى وجود خلاف غير بسيط بين إسرائيل والولايات المتحدة في الموضوع السوري، فالأميركيون يعتقدون أن العاصمة السورية هي العنوان الحقيقي لإسرائيل، ولن يعلنوا الحداد هناك إذا ما <عالج> الجيش الإسرائيلي دمشق، أما في إسرائيل فيعتقدون أن لا مجال لهذا الأمر في هذه المرحلة.
وبقيت سوريا حاضرة في المواجهة الحالية مع حزب الله، حيث كتب المختص بالشأن السوري البروفيسور إيال زيسر, في <يديعوت أحرنوت> مقالة بعنوان <بشار يلعب بالنار>، أشار فيها إلى أن قصف الشاحنات، التي تحمل السلاح إلى حزب الله، يظهر أن الرجل المسيطر في سوريا هو <حاكم مغامر، والأخطر من ذلك عديم الخبرة والفهم السياسي والأحاسيس الحادة، والذي يبدو أنه لم يتعلم الدرس من المصيبة التي جلبها لنفسه حسن نصر الله>.
واعتبر زيسر أن الحذر السوري في البداية كان يخفي خشية من التورط، ولذلك اكتفوا فقط بإظهار تأييدهم المعنوي لحزب الله، ولكن لم يكن في ذلك ما يكفي، من وجهة نظره، لإخفاء <دورهم ومسؤوليتهم عن الحرب التي فرضها حزب الله على إسرائيل. فبعد كل شيء، فان كل ترسانة الصواريخ وباقي الوسائل القتالية تلقاها نصر الله من سوريا. فقد نقل بشار الأسد إليه صواريخ متقدمة كتلك التي أطلقت على حيفا، الأمر الذي لم يكن يتصوره والده (الرئيس الراحل) حافظ الأسد. وفضلا عن ذلك، فقد أصبحت دمشق محطة انتقال للسلاح الإيراني الذي يمر عبرها إلى حزب الله، وهكذا أصبحت سوريا أنبوب الأوكسجين اللازم الذي من دونه ما كان لحزب الله أن يصل إلى ما وصل إليه في مستوى التهديد الذي يشكله على إسرائيل>.
وخلص زيسر، بعد استعراض علاقة حزب الله بالقيادة السورية، إلى أن <الأنباء عن أن السوريين يواصلون تسليح حزب الله، من دون اتخاذ أية وسائل حذر لازمة، تنضم إلى حقيقة أن خالد مشعل زعيم (حركة) حماس ومخطط اختطاف (الجندي الإسرائيلي) جلعاد شاليت لا يزال يمكث بالطبع في دمشق، ويواصل قيادة حماس. وهنا ينبغي القول، للمرة الألف انه في قصر الرئاسة في دمشق يوجد حاكم شاب عديم المعرفة، كفيل بان يكتشف بان نهاية كل مقامر مغامر أن يدفع ثمنا باهظا لقاء مغامراته>.
غير أن المغامرة ليست صفة تطلق على سوريا وحزب الله وحسب، بل هناك من يطلقها على إسرائيل أيضا. وقد كشف المعلق السياسي في <هآرتس> عوزي بنزيمان النقاب عن أنه <خلال العام الأخير من قيادة موشيه يعلون لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، قام بتنظيم لعبة حرب بين إسرائيل وحزب الله، والحرب التي تدور الآن هي تطبيق دقيق للسيناريو الذي وُضع في تلك اللعبة: تصعيد متزايد ومتسع ليشمل كل الأراضي اللبنانية والجبهة الداخلية الإسرائيلية.
ويشير بنزيمان إلى أن <العقدة ظهرت في آخر اللعبة التمثيلية: إسرائيل لم تخرج من هذه اللعبة منتصرة برغم تفوقها العسكري. كان عليها أن تلجأ إلى مساعدة سوريا، وترتيب علاقاتها معها، حتى تخرج من هذه الحرب منتصرة من الناحية السياسية، بما يترتب على ذلك من ثمن إقليمي>.
غير أن بنزيمان يرى أن <الظروف والملابسات التي تجري فيها الحرب الآن تختلف بعض الشيء عن التصور الذي وضع على طاولة الرمل في تلك اللعبة، السيد الأساسي لحزب الله هو إيران، وليس سوريا، ولكن العوامل متشابهة، وهي تضع على طاولة الحكومة المسألة التالية: كيفية إنهاء المرحلة العسكرية مع إنجاز سياسي ملموس. التحدي أصبح ضاغطا في ظل الشعور بأن القوة العسكرية آخذة في استنفاد نفسها، وأننا قد وجهنا الضربات الأساسية، وأن بنك الأهداف يكرر ذاته، وأن كل معركة تستطيل وتمتد ستقوم بإلغاء وشطب إنجازاتها الميدانية>.
وأبدى بنزيمان أمله في <أن يكون أولمرت و(وزير الدفاع عمير) بيرتس قد اطلعا على نتائج اللعبة التدريبية التي أجراها يعلون والجيش قبل عامين، قبل أن يصادقا على العملية العسكرية الجاري>.