عبد اللطيف مهنا

ليكن في علم الجميع، وليخبر من يعلم من لم يعلم بعد، أو فاته علم ذلك، أن إسرائيل من الآن فصاعداً، وإلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، قد أصبحت تعني دولياً الترجمة الحرفية للمصطلح الخادع، الذي لطالما سلطوه على رؤوسنا وابتزونا به، نحن وسائر مستضعفي الأرض، المسمى ب"المجتمع الدولي"... قبل آخر حلقة في مسلسلات المذابح المستمرة التي خَصّنا بها المشروع الصهيوني، وبرعاية صاحبه المشروع الغربي الأصل في بلادنا، على مدار مايفوق القرن... ونعني هناالمذبحة "المتدرجة" الجارية راهناً في لبنان وفلسطين... قبلها كنا نقول أن هذا المصطلح الزائف المُضلّل، لايعني في جوهره سوى الغرب، لكنه هنا هو الغرب المُختصر موضوعياً في سيدته وولية أمره في هذه المرحلة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن مايجري، أو هذه الدماء الفلسطينية واللبنانية، أو العربية المسفوحة على مدار الساعة، والمواقف الأمريكية، وملحقاتها الأوروبية، وأصدائها الدولية الأخرى والإقليمية من هذه المذبحة، تنبهنا بأن علينا أيضاً، أن نختصر هذه الولايات المتحدة بدورها في اسرائيلها... إذ لم يعد كافياً، إذا ما تحرينا الحقيقة، أن نقصر الحديث في هذه الحالة عن ماكنا نصفها بحق بالثكنة أو القاعدة العسكرية المتقدمة للغرب، أو كنزه الإستراتيجي الذي يظل بمثابة "الوقف الذري" له، بما لها من دور في خدمة مشاريعه، أو مايعني راهناً خدمة سياسات الولايات المتحدة في بلادنا. كما لايكفي حتى الكلام عن الآلة العسكرية الأمريكية الطاحنة الهائلة التطور التي تدار إسرائيلياً. وإنما، ونحن نرقب مايجري، يمكن إجمال كل ذلك، أو اختصاره، بالحديث عن الحرب الأمريكية الإسرائيلية الدائرة في لبنان، دون أن ننسى ساحاتها الأخرى كفلسطين والعراق... واستطراداً، أما وقد فعلنا ذلك، فليس من الصعب أيضاً إلحاق الأمم المتحدة، ومجلس أمنها، وكوفي أنانها، بهذا "المجتمع الدولي" إياه... لاسيما بعد أن لم يعد من أحد، وحتى قبل تصريحات ومواقف الأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بالعدوان على غزة ومن ثم لبنان، أو قبل طرحه أمام مجلس الأمن لمقترحاته للحل، لايدرك أن هذه الهيئة الدولية قد أصبحت خلال العقدين الأخيرين رهينة أو مخطوفة هيمنة القوة الدولية الأعظم أو القطب الأمريكي الأوحد المتفرد بقرار العالم، أو هي موضوعياً قد غدت أشبه بدائرة ملحقة بالخارجية الأمريكية، حيث يمسك بزمامها مندوب هذه الخارجية السامي السفير بولتون بمآثره المعروفة. وعليه، هنا يمكن إضافة مصطلح رديف آخر، والذي ليس من المستبعد أو المستغرب أن يترجم بدوره في قادم الأيام ليعني اسرائيل ، ولعل بشائر مثل هذا تلوح اليوم، ألا وهو مايعرف ب"الشرعية الدولية"!!!

أولم تنتدب اسرائيل نفسها راهناً لتنفيذ القرار الأممي سيء الصيت 1559، الرامي لنزع سلاح المقاومة اللبنانية، بالحديد والنار؟!

...إنه ليس مستهجناً بعد الآن، القول، أن اسرائيل أصبحت ثاني من يقرر في هذا العالم، وهذا عبر واشنطن بالطبع، وأن هذا العالم كل ماعليه، وفق الرغبة الإسرائيلية والمشيئة الأمريكية، هو أن يحني الرأس موافقاً أو مذعناً على ما شاءته، إما تواطئاً ولتقاطع المصالح، أو نفاقاً تليداً على الطريقة الأوروبية، أو انتهازية أصبحت سياسة دولية متبعة، كما هو حال آخرين من غير الأوروبيين، تنتهج من قبل قوى تنظر لعلاقاتها المنشودة مع واشنطن عبر البوابة الإسرائيلية، أو لعجز وفقدان حيلة، أو لاستحقاق يفرضه ضرب من تبعية للدولة التي يصلهم القرار الإسرائيلي عبرها، كما هو حال أغلب الرسميات العربية والإسلامية... كان المشهد الدولي والإقليمي هذه الأيام، وحيث حمام الدم العربي النازف في لبنان وفلسطين يغطي شاشات تلفزة العالم، عبثياً بإمتياز، أو هو خارج المألوف ويمشي فيه المنطق مقلوباً على رأسه، بحيث لم تُفرغ المفاهيم الدارجة لقرون خلت من معناها فحسب، وإنما قُلبت إلى عكسها، أو أصبح كل شيء في أيامنا هذه يمكن أن يعني ضده، وبسهولة أو بوقاحة مقيتة وغير مسبوقة... الغازي والمعتدي، وبوحشية لايكفي وصفها بالهمجية، يغدو متحضراً مدافعاً عن نفسه، وضد من؟ ضد الضحية المُعتدى عليها التي تحولت، وفق هذا المنطق، إلى معتد، وغدت مقاومتها المشروعة سابقاً لمن يعتدي عليها إرهاباً، لابد من شجبه وإدانته، وبالتالي لابد من تجييش العالم كله، ومعه، ذوي القربى، لتحليل دم هذه الضحية المراق وكبت صراخها غير المسموح ومن ثم غير المسموع، وقمع حلمها في الإنعتاق قبل إيناعه!!!
"المجتمع الدولي" أو إن شئت "الشرعية الدولية"، لم يعد أو لم تعد تبحث بعد عن الجندي الإسرائيلي الأسير في عملية "كرم أبو سالم" الفدائية الفلسطينية، ولاعن زميليه الجنديين الأسيرين في "خلة الورد" في العملية الفدائية اللبنانية، وتجاوز هذا "المجتمع الدولي" تواطئه القائم أو مشاركته الدائرة في محاصرة سلطة اللاسلطة تحت الإحتلال في فلسطين، وقفز على جرائم حرب تدمير كافة البنى التحتية التي يقوم عليها بلد صغير كلبنان، و تغاضى عن إعادة قصف أو تدمير ماتم تدميره، وبحقد مزمن لم يعرف له التاريخ مثيلاً، أو هو متوارث من أيام زمن قتل الأنبياء، إلى مرحلة هي أقرب إلى الأسرلة بل أن هذا المجتمع أو هذه الشرعية ألقيا جانباً ذرائعهما أو مشاركتهما الموضوعية في هذا العدوان المبيت أصلاً، كاشفين بوضوح عن حقيقة الإستهداف الرئيس أو الأساسي، أو الذي حتى لااستهداف سواه، ألا وهو رأس المقاومتين الفلسطينية واللبنانية، أو أنهما في واقع الأمر تريان في أخذ رأس اللبنانية خطوة أولى تؤدي فيما تؤدي إلى التمكن من رأس الفلسطينية... وعليه، لم لاتنتهز اسرائيل مثل هذه الفرصة الكونية السانحة؟!

الثمانية الأغنى، أو المتخمين ثراءاً، اجتمعوا في العاصمة القيصرية "بطرسبورغ"، ليتفقوا على "العمل على ضمان أمن اسرائيل"، وطبعاً مع إدانة "الإرهاب" العربي ضد اسرائيلهم... منحوا الوحشية الإسرائيلية غطاءاً فازدادت آلتها الباطشة إنفلاتاً دونما حسيب أو رقيب أو رادع أو وازع، وأعطوها لتكمل عملها الوقت الكافي، والقابل فيمابعد، إن لزم الأمر، للتمديد...

قال المضيف، أو القيصر الروسي الأحدث الرئيس بوتن، وهو لازال الأقل إنحيازاً في هذا "المجتمع الدولي"، فيما يشتم منه تسديداً مستوجباً لفواتير شيشانية:

":يجب أن لانسمح للمتطرفين بإغراق المنطقة في الفوضى والتسبب باتساع رقعة النزاع"!، فرد من جانبه رئيس الوزراء البريطاني بلير، الذي يعتبر العدوان "رداً عادلاً" :

أن"الوسيلة الوحيدة لوقف العنف هي نشر قوة دولية في المنطقة"، فأكمل الرئيس الفرنسي شيراك:

"قوة دولية وحزام مراقبة"... ولابد أن تمنح "وسائل رادعة"... وذلك "لأن أمامنا وضعاً يستدعي تدخلاً خارجياً"!
أما الرئيس الإيطالي اليساري برودي ، ففكر أن عديد هذه القوة يجب أن لايقل عن "عشرة آلاف"... بيد أن الفكرة تطورت أو ستتطور لتقارب أن تغدوا أطلسية بالكامل، رغم أن الصدى الأممي لها أو لمشيئة ثمانية بطرسبورغ كان ماعكسه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، عندما وصف المطلوب بأنه "قوة دولية لإرساء الإستقرار"، والتي سارع بلير فأعطاها دوراً هو "أكبر" من مراقبين، و أراد لها مهمة تكون "أكثر وضوحاً ودقة"... بحيث لم يعد من الغرابة في شيء، وعلى ضوء مرامي الجاري واستهدافاته، وصفها بقوة "إرساء الإستعمار"، بدلاً من "الإستقرار"، لاسيما وأن هذه القوة "الإستقرارية" هي أساساً فكرة إسرائيلية المنشأ، بيد أن هذه "المدللة" الدولية التي هي إسرائيل، سارعت لتتحفظ على المطروح، لالشيء إلا من باب المناورة، فما كان من المندوب السامي الأمريكي-الإسرائيلي في مجلس الأمن بولتون إلا أن سارع متسائلاً:

وهل هذه القوة، ستفوّض في نزع سلاح حزب الله؟!

...إذن، وبالتوازي مع المذبحة الإسرائيلية الدائرة، بدا أن هذا "المجتمع الدولي" قد غدا واضح الإستهدافات ... قالها بوش في بطرسبورغ:

"لأول مرة بدأنا فعلياً بمعالجة جذور النزاع بشكل واضح"!!!
...وقد يتسآئل متسآئل عن مواقف باقي الأطراف في الثمانية اللذين لم يرد ذكرهم... وما هي سائر مواقف هذا "المجتمع الدولي" إياه؟

لعل الإجابة عن هذا تكمن فيما لخصه موقف ستيفن هاربر رئيس الوزراء الكندي، الذي رفض إدانة إسرائيل لقتلها سبعة كنديين من بينهم نساء وأطفال في الجنوب اللبناني، قائلاً:
"لاننوي الإشارة إلى إسرائيل"... اسرائيل التي هي عنده كانت "ضحية هجوم في الأساس"!

وإليكم بعض الأمثلة ذات المغزى:

مجلس النواب الأمريكي أقر بأغلبيته المطلقة، إذ لم يعارض منه ماأقره إلا ثمانية أعضاء ،مشروع قرار يعني الوقوف إلى جانب العدوان الإسرائيلي... وكان أن غينغرتش زعيم الأغلبية السابق في الكونغرس، قال بلهجة هرمجدونية، إن مايجري هو حرب عالمية ثالثة تمهد لانتصار الخير على الشر ... أو ماتصفه كونداليسا رايس قائلة "الذي نراه الآن هو شرق أوسط جديد يولد"... الأمريكان إذن، أو أصحاب القرار منهم على الأقل، يعتبرونها حرباً أمريكية...

ويمكن على ضوء ماتقدم النظر إلى رسل الإنذارات الإسرائيلية وحاملي الشروط الأمريكية لوقف المذبحة، أومن حددت لهم اسرائيل والولايات المتحدة سلفاً المهمة، أو هؤلاء الذين توافدوا على بيروت حاملين العروض لامتوسطين، أو من لم يكن منهم أحداً من قد وضع في أولوياته وقف المذبحة، أو من جاء فعلاًً من أجل الأسرى الإسرائيليين الاثنين ... أو الثلاثة إجمالاً... الجميع، وأكثرهم صفاقة كان سولانا الإتحاد الأوروبي، وأشدهم نفاقاً رئيس الوزراء الفرنسي دوفيلبان، الذي أضاف للإشتراطات الأمريكية الإسرائيلية بأن موّهها بالمطالبة بما يدعوه الفرنسيون "هدنة إنسانية"... وماذا عن المواقف العربية؟!

كفانا الإسرائيليون مؤونة الإجابة، عندما ركز إعلامهم على مقولة: الكل معنا، دولياً، وإقليميا... ماعدا إيران وسوريا... والإرهابيين!!! أما الحكومة اللبنانية فتبدو من بين ركام البلد الذي تجلس فوقه الأقرب إلى كونها وسيطاً أو منتهزاً يبدي شيئاً من محاولة تثمير الدم المراق تفاوضيا... وكنا قد بدأنا نعود لنسمع في لبنانً ما يذكرنا بأيام مقولة: حرب الآخرين في لبنان... ولعل في هذا، ما دفع أولمرت، او شجعه، لأن يضع في قائمة استهدافاته في بداية العدوان، ما دعاه تحالفاً مع لبنان لمواجهة محور الشرّ!
ولعل هذا، أيضاً، ماحدا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى القول أنه ماكان للعدوان أن يبدأ لولا فشل الحوار اللبناني اللبناني في نزع سلاح حزب الله!
...إذن، هل مطلب رأس المقاومة اللبنانية ومعها الفلسطينية، هو فعلاً، والوصف هنا للسيد حسن نصرالله، قرار دولي بغطاء عربي!!؟

الإسرائيليون يؤكدون ماذهب إليه قائد المقاومة اللبنانية، عندما يقول وزير الحرب عمير بيرتس:

إنها "هذه هي المرة الأولى التي تتمتع بها حملة عسكرية اسرائيلية بهذا التأييد، خاصة من الدول العربية التي أيدت الخطوات التي تقوم بها اسرائيل للدفاع عن نفسها"!!!
... ونقلت صحيفة "يدعوت أحرونوت" عن مصادر اسرائيلية معقبة على هذا التأييد الذي تحدث عنه وزير الحرب، قولها: "ما نسمعه في الدول العربية ببساطة مذهل"! ثم تنقل الصحيفة مفصلة عبارات مما قاله حاكم عربي اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي مشجعاً... ولم تنس نقل تعقيبات اسرائيلية ساخرة على مثل هذا التشجيع المذهل تقول: إنهم "يقولون لنا في الواقع قوموا بعملنا جميعاً"!
قد نفترض هنا بعض كذب اسرائيلي تعودناه، لاسيما في سياق حرب نفسية، إلا أن الجو العربي العام في ظل حال الإنحدار العربي المشين المستشري، يوحي بما هو في صالح مثل هذه المزاعم الإسرائيلية محتملة الصحة!

وعليه، فإن كل مادار أو يدور الآن في كواليس مجلس الأمن و بالتناغم مع مايجري في دهاليز غرفة عمليات الحرب الإسرائيلية، وبعيداً عن تفاصيل أو مايدور الجدل حوله من بنود تقترح، هو مساع تهدف إلى تنفيذ ماتبقى من القرار 1559، وما الجدل الدائر، أو التباينات بين الأطراف المعنية، إلا حول كيفية الإخراج أو توفير وسائل القدرة على التنفيذ المنشود... والمشكل أن كل هذا يظل رهناً بإحتمالات هي، رغم كل مالدى هذه الأطراف من سطوة، تظل خارج تلك الكواليس وتلك الدهاليز، لأنها تتعلق بالصمود اللبناني... والفلسطيني... ومواقف واحتمالات الشارع العربي، الذي لايبدو أن هناك مواقفاً عربية ترتجى مما خلاه...

فماذا عن هذا الصمود... ماذا عن المقاومة؟

للإجابة على هذا السؤال لابد من طرح سؤال آخر، وهو: وما الذي تستطيع آلة التدمير والتقتيل الأمريكية الإسرائيلية فعله بعد في لبنان؟

إنه، وبعد كل مالحق بالبلد المعتدى عليه من دمار وخراب، جاز القول أنه ليس ثمة هناك مايمكن خسارته، وإذا أضفنا لهذا الذي لحق، ماسالت حتى الآن من دماء غالية زكية، فهل هناك أمام اللبنانيين خياراً سوى المقاومة... الخيار الذي يرجحه، بل ويجعله خياراً يبدو أنه لا من بديل عنه،أو لاسواه، إنه، رغم جسامة التضحيات، الأقل كلفة مقارنة مع ما تستهدفه الإشتراطات الأمريكية الإسرائيلية؟!

... ويرجح ذلك، وهنا عودة إلى السؤال الأول، أنه وبعد أكثر من أسبوع من العدوان الذي لم يستثني بشراً أو حجراً، وبعد أن تمكنت المقاومة من تحييد البحرية الإسرائيلية بعد تدمير البارجة القاصفة لبيروت، ولم تعد هناك من أهداف للطيران، الذي يكرر اليوم تدمير المدمر، أويغير على ركام مادمره، يرجحه أنه لم يبق في جعبة الإسرائيليين سوى العدوان البري، أو هذا المتبقي الذي، وبعد مذبحة "المركفاه" أو زينة الدبابات الإسرائيلية، لازال يتعثر في الأمتار الأولى من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة... وعليه:

تراجعت لغة الوعيد الإسرائيلي، فلم نعد نسمع عن "سحق" و"هرس" حزب الله، إذ استبدلت هذه بأخرى مثل: "إنهاكه" و"إضعافه"... واستمر باروميتر المطالب الإسرائيلية المعلنة في التذبذب عاكساً تذبذبه عجزاً وإرتباكاً، فمن مطلب شريط حدودي عرضه عشرين ميلاً، تقلصت هذه الأميال إلى كيلومتر واحد، وهكذا... ولازالت صواريخ المقاومة تتعدى وهي تتجه جنوباً حيفا، وها هي الميركفاه تحترق الواحدة بعد الأخرى في عيترون، وحيث بات الطيران لايجد مايغير عليه، ابتعدت البحرية مؤثرة السلامة في جوف البحر... ولأنه ماثم معسكر أو موقع أو قاعدة، وإنما حضن جماهير داعمة لم يعثر الإسرائيليون بعد للمقاومة اللبنانية على عنوان، أو مكان ثابت بعينه، لكي يقصفوه أو يضربوه سوى بيوت قادته أو منتسبيه في الضاحية... ألم تدك عشرون طائرة، ألقت ثلاثة وعشرين طناً من المتفجرات، وفق البيانات الإسرائيلية، أساسات مشروع لبناء يضم مسجداً وملحقاته في ضاحية بيروت بحثاً عن قيادة حزب الله؟؟!

أوليس في هذا يكمن ماعبّر رئيس أركان الحرب الإسرائيلية الجنرال حالوتس عن مخاوفه منه، عندما قال أنه يخشى الإنجرار لحرب إستنزاف طويلة؟!

أوليس في هذا مادفع التلفزيون الإسرائيلي إلى تشبيه ماجرى، لاسيما نوعية الإشتباكات البرية، بالحرب الفيتنامية؟!
...في لبنان اليوم نصف مليون مهجّر لبناني، يقابلهم نصف مليون مهجر من المستعمرين الإسرائيليين، ويمكن إضافة حوالي المليون إلى هؤلاء ممن يختبئون الآن في الملاجيء... في لبنان، الإنتصار في ظل عدم التكافؤ في ميزان القوة بين المعتدي ومن يقاومه، وحيث الأول يحظى بغطاء كوني، والآخر بإنكشاف قومي، يكمن في عدم السماح لإسرائيل بتحقيق استهدافاتها من العدوان... الإنتصار هو أن تبقى راية المقاومة... وهذا بالضبط جوهر ما يقلق "المجتمع الدولي"!

... في لبنان اليوم اسرائيل هي "المجتمع الدولي"... أما المقاومة فهي مستقبل أمة لعلها لم تقل كلمتها بعد...!