نضال الخضري

لماذا أشعر أنني أنتظر كربلاء ... بدون معاوية أو أحفاد النبي .. كربلاء البشر الذي يرسمون الموت على وجوهنا، ثم يرحلون ويتركوننا نلملم الصور ونرسلها للعالم شهادة افتراضية في زمن أصبحنا فيه من الغاضبين "افتراضيا".

أتخلى اليوم عن مساحتي وأتركها للعراء، لأنني مثل كل المهجرين أغادر مجال الأنثى إلى فضاء "الانتظار" خلف كل الجموع التي تاهت لحظة تجردت للحاضر ولم تكتشف أن الماضي لم يعد يمنحها الشرعية .. الماضي القريب أو البعيد .. لا فرق هنا لأن زمن الحرب يخلط الأوراق يدعنا نبحث عن المناوشات أو العجز في رسم صورة نعلقها على أجسادنا.

أفكر أن أشم جسدي بتاريخ "ولادة الشرق الأوسط الكبير" ... لأنه سيتصالح فوق مساحة الأجساد، فإذا اتجه الزمن أماما رآني أحدهم وتذكر أن الولادة تحتاج لخصب وفرح وقدرة على ملامسة الناس، وليس لموت يقتلنا قبل أن تظهر الطائرات.

ليس عجزا ما أشعر به ... أو رغبة في مغامرة أخيرة ... فأنا أقف وكأن التاريخ يدور حولي فلا أنتشي من اغتصابه، أو مداعبته لكل مسامات الجسد الغارق في حريق الحروب. فالتاريخ يمر وكأنه ملامح حلم شاهدته سابقا، لكنه يبقى حولي وكأنه قدر من التكرار المقيت ... لا جدة في الحروب ... إنها الملل من الفعل الذي ينتقل بين العواصم وينسى أنني واقفة هنا أبحث عن "مستقبل" يجب أن أراه في الوجوه، ولكن التكرار يبقى ... وأنتظر لأنني في النهاية أعرف ثمن التكرار جيدا.

الحرب .. والموت .. وأشلاء السياسة ولا يبقى سوى لون المغامرة أو المقامرة أو حتى نسيان كل التواريخ التي تحمل نكبة ونكسة وأعداد لا تحصى من الضحايا والمشردين والمهجرين و.... فهل أستطيع قطع الحبل السري الذي يربطني في الماضي؟!! من الوجوه حولي لا أمل ... ومن الوجوه خلفي انتظار لحفلة اغتصاب ... وفي النهاية ليس هناك سوى المغامرة ... كسر المعقول الذي لا نستطيع من دونه اقتحام الغد.

ليست دعوة للثورة ... بل انتصار لكل ما يحرك فينا الحب والحمية ... ويدفعنا إلى أبداع مواجهة حقيقية .. مواجهة لم يحلم بها التراثيون أو مبشرو البيت الأبيض من المحافظين الجدد.