تكرر اسم الجولان السورية المحتلة في موضوعين منذ تداعيات خطف الجنديين الاسرائيليين. الاول ذكر من قبيل الرد على مؤيدي حزب الله بتذكيرهم أن سورية، التي تؤيد حرب حزب الله، لم تطلق رصاصة حتى الآن من اجل تحرير هضبتها المحتلة التي تبلغ مساحتها 1300 كلم مربعا والمؤهلون للخدمة العسكرية من الرجال اكثر من اربعة ملايين.

وورد اسم الجولان مرة ثانية في تصريحات المسؤولين السوريين انهم مستعدون للتفاوض مع الاميركيين من اجل حل القضايا العالقة بما فيها الجولان، لا قضية سلاح حزب الله وشبعا فقط.

والاقتراح جيد لولا انه قد يعقد قضية تبدو في مرحلتها الاولى واولوياتها وقف اطلاق النار لوقف الدمار الذي يحل بلبنان كل ساعة تمر، اضافة الى اننا امام واقع جديد خلقته مغامرة حزب الله، حيث قررت اسرائيل احتلال شمال نهر الليطاني لاستخدامه حاجزا اضافيا يعزز حماية حدودها.

الاقتراح جيد لأن المنطقة يمكن ان تنشغل مائة عام اخرى في معارك اضافية وجانبية كما هو الحال اليوم حول خطف جنديين وتبادل ثلاثة اسرى لبنانيين.

وللجولان قصة تشرح تعقيدات سورية. فالرئيس السوري الراحل حافظ الاسد وافق على عرض بالتفاوض مع الرئيس الاميركي حينها بيل كلينتون، وطار الى جنيف. ولاحقا وافق على اقتراحات بانسحاب اسرائيلي مقابل إنهاء حالة الحرب. نظريا أخذ الاسد مطالبه الاساسية واهمها استرداد كل أرضه المحتلة، ولم يحصل الاسرائيليون حتى على مواقع مراقبة ارضية كانوا اشترطوها وعوضوا عنها باستخدام الاقمار الصناعية لمراقبة ما يجري على الجانب السوري.

وحلت مشكلة بحيرة طبريا باقتراح شركة كندية تتولى التنسيق الاستثماري لحاجات البلدين. كان سيكون انفراجا حقيقيا لولا ان اسرائيل تباطأت متعمدة بحجة وضع الاسد الصحي غير المطمئن وانها ليست متأكدة من ان النظام السوري قادر على البقاء بعد وفاته، لذا فضلت الانتظار وأجلت المشروع. وبكل أسف لم يلتقط الرئيس بشار في عام 2000 المشروع ربما لأن بدايات الحكم لا تحتمل تحركا كبيرا كهذا، وازدادت القضايا تعقيدا في جنوب لبنان، ثم غيرت احداث الحادي عشر من سبتمبر اولويات الاميركيين، كما خوف الغزو الاميركي للعراق الحكومة السورية التي ظنت انها مستهدفة ايضا. ثم تعقدت العلاقات الفلسطينية ـ الاسرائيلية بالعمليات الانتحارية والمزايدات السياسية العربية.

ولأن دمشق تورطت في دعم «المقاومة» العراقية، فإن واشنطن قررت مقاطعة سورية، حين كان كولن باول وزيرا للخارجية، واكدت عليها بعد صدمة اغتيال رفيق الحريري، وتعقدت لاحقا بتحالف دمشق علانية مع ايران حيث اصبحت سورية رسميا دولة عدوة للولايات المتحدة. لذا لن يكون فتح الباب سهلا، ايضا لا أحد يستطيع ان يجزم ان إعادة الجولان يمكن ان تفك القضية السورية. يمكن ان التوجه لحل قضية الجولان ينهي هوسها بالشأن اللبناني، واستضافتها للتنظيمات الفلسطينية، ودعمها للجماعات العراقية، وتخفيض علاقتها بإيران. ومن يدري ربما تفتح الأزمة الحالية بابا جديدا للقضايا الاساسية وإنْ كنت أشك في نجاحه.