ليس هدوءا ما نراه في وجه السيد حسن نصر الله خلال كل مقابلة تظهر من بين "قلق الحرب"، فالظهور الإعلامي يعاكس عمليا ما عرفناه في الحروب السابقة التي يطغى عليها "الإنشاء"، وربما "حملات التعبئة" التي تستخدم كل ما أنعم به التراث علينا من "مترادفات" ... وبيانات السيد حسن نصر الله، إذا صحت تسمية خطاباته بالبيانات، تكسر القاعدة التقليدية التي تقدمها بيانات الأحزاب اليوم، وهي تدعو تارة للثورة، وأحيانا أخرى تعرفنا بأننا نتعرض لحرب عنيفة، وكأن القنابل الإسرائيلية لم تنقل هذه الرسالة بشكل عملي.

حسن نصر الله يستعرض معركة، وهو يعرف تماما إمكانياته ويطرحها علنا، وهو أيضا لا يفكر بتحليل شخصيته التي سارعت بعض القنوات لقراءتها وكأننا أمام حملة انتخابية وليس حربا، بل يحاول تقديم نوعية الصراع لأن الحرب الحالية لم تحدد محاور قبل انطلاقتها، وهي مواجهة اجتماعية بامتياز، لا تستند لدعم رسمي أو دولي بعكس معظم المعارك السابقة مع إسرائيل.

حسن نصر الله ليس هادئا لكنه يعرف تماما أن الضجيج السياسي ربما يجعل الحرب على نمط الحروب السابقة، لذلك لا بد من خلق تحد واضح في هذه المواجهة، لأنها سارت نحو خلق نموذج جديد في الصراع الدائر منذ عام 1948. وحتى اللحظة ربما يكون مطلوبا تتبع ما تسميه التحليلات السياسية بـ"الهدوء" حتى نستطيع كسر بعض المعطيات السابقة التي حفظناها عن ظهر قلب في الإعلام "الحزبي" أو "العسكري"، حيث ينتهي في كلام نصر الله حدود الكلام الإنشائي الذي يمجد أحيانا البطولة وأحيانا أخرى الصمود، لأن الأمرين يتحققان دون كلام أو سعي لإثبات أننا نتفوق بهما، ويبدو واضحا أن الضرورة تدفع ليس لإيضاح ما حصل بل لرسم ملامح الصراع في كل لحظة.

ليس هدوءا لأن حاجز الخوف تم كسره تماما، وبتنا نعرف أن "إسرائيل" تحتاج بالفعل إلى عمل مترابط، ومن زاوية أخرى فإننا نعلم تماما أن التشابكات السياسية لا يمكن حلها ونحن نحمل الخوف ونسير به نحو "المفاوضات" ... حاجز الخوف ربما كسر في فلسطين خلال الانتفاضة الأولى والثانية، لكن ما يميز الواقع الحالي هو أن كسر الخوف لا يعتمد على "الشجاعة" أو "البسالة" أو حتى "الشهادة" فهي شروط ضرورية لكنها لا تكفي على الأقل لاستمرار المعركة .. فكسر الخوف اليوم بعتمد أولا وأخيرا على شكل جديد في إدارة الصراع.