الاتحاد

مشكلة الهجرة تفتقر لحلول ناجعة... ومباحثات الدوحة "تدخل الثلاجة"

فشل المباحثات التجارية بين الثمانية الكبار، وزيارة نوري المالكي إلى لندن، وتحديد المسؤولية الحقيقية للعنف المستشري في الشرق الأوسط، مناقشة سياسة الهجرة في مجلس "العموم" البريطاني... قضايا نعرض لها في جولتنا الأسبوعية في الصحافة البريطانية.

"اتفاقية الدوحة تدخل الثلاجة": بهذا العنوان استهلت صحيفة "ذي جارديان" افتتاحيتها ليوم الثلاثاء متناولة بمرارة فشل المحادثات التجارية التي جمعت قادة الدول الثماني الكبرى في سان بطرسبرغ بروسيا. الصحيفة تنتقد تصلب القوى الدولية المؤثرة متمثلة أساساً في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورفضهما رفع الحواجز الجمركية المفروضة على المنتجات الفلاحية وتحرير القطاع الزراعي أسوة بقطاعي الخدمات والصناعة. وتلوم الصحيفة تحديداً الولايات المتحدة التي رفض وفدها التجاري رفع الضرائب المفروضة على الواردات الأميركية من المنتجات الزراعية ووقف تقديم الدعم للمزارعين بعدما امتنع الكونجرس عن منح الوفد صلاحية الوصول إلى اتفاق بسبب حمى انتخابات الكونجرس المقبلة التي تجتاح أميركا. فرغم الآمال التي كانت معقودة على القمة لإحياء مباحثات الدوحة وإعطائها دفعة إلى الأمام لجهة تطبيق المقررات السابقة وفتح المجال أمام المنتجات الفلاحية للبلدان النامية كي تلج الدول الصناعية بدون عراقيل، فإن الفشل الذي منيت به المباحثات التدريجية يعيد عقارب الساعة إلى الوراء وكأن شيئاً لم يكن. وفي ظل هذا الإخفاق ترى الصحيفة أنه من غير الممكن الحديث عن شعار منظمة التجارة العالمية الذي يساوي بين تحرير التجارة والازدهار الاقتصادي. إذ من المرجح أن يشجع موقف الدول الكبرى باقي الأطراف الدولية على نهج أسلوب الحمائية بدل تحرير الاقتصاد. وتعيب الصحيفة أيضاً على المجتمعين إهدارهم لفرصة الاجتماع الوزاري في "كانكون" قبل غزو العراق عندما كانت العلاقات الأميركية مع الاتحاد الأوروبي أقل توتراً، وكان الوقت حينها مناسباً لحسم مسألة الدعم الزراعي الذي تصر عليه اليوم كافة الأطراف على حساب التنمية في الدول الفقيرة.

"أشباح العراق": في افتتاحيتها ليوم الاثنين تناولت صحيفة "التايمز" المسألة العراقية التي تراجعت إلى المرتبة الثانية في اهتمام وسائل الإعلام بعدما تصدرت لبنان عناوين الصحف ونشرات الأخبار. لكن الصحيفة تعتقد بأن العراق هو الساحة الأساسية التي سيتقرر على أساسها مستقبل الشرق الأوسط، فضلاً عن أنها مازالت تشهد أفظع الجرائم، حيث يفوق عدد الضحايا الذين يسقطون في التفجيرات، أو على أيدي فرق الموت ما يسقط في لبنان وفلسطين وإسرائيل مجتمعة. لذا جاءت زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى لندن لتشكل فرصة جديدة يحاول من خلالها عرض خطته للمصالحة الوطنية التي يعول عليها في استعادة الأمن في العراق وإخراجه من دوامة العنف الأهوج الذي يعصف به. وحسب الصحيفة ترتكز خطة المالكي على ثلاثة عناصر أساسية: أولا العمل على إقناع السنة بالمشاركة في العملية السياسية وإلقاء السلاح وإقرار العفو الذي سيشمل المتمردين الوطنيين، بينما يتم تضييق الخناق على الإرهابيين الذين يستخدمون العراق كأداة لتحقيق أغراضهم الإقليمية. وثانيا تفكيك الميليشيات الشيعية وتطهير وزارة الداخلية من فرق الموت التي تقتل على الهوية وتساهم في تأجيج العنف الطائفي. وأخيرا تسعى مبادرة المالكي للمصالحة الوطنية، كما ترى الصحيفة، إلى إقناع الدول المجاورة بمد يد المساعدة للعراق كي يتمكن من مواجهة الإرهاب وإلا فإنه سينتقل إلى أراضيهم ويزعزع استقرارهم. وتذكر الصحيفة كيف أن بعض الجهات، وخصوصاً الدول العربية، بدأت تتحرك في هذا الاتجاه بالضغط على إيران وسوريا لوقف دعم المتمردين وهو ما استجابت له إيران على لسان رئيسها الذي أعلن نيته وقف مرور الإرهابيين عبر بلاده إلى العراق.

"من هم الإرهابيون الحقيقيون في الشرق الأوسط؟": سؤال طرحه "أورين بن دور"، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة "ساوث هامبتون" البريطانية في مقاله المنشور يوم الأربعاء على صفحات "الإندبندنت" يتناول فيه العنف المستشري في الشرق الأوسط ويتساءل عن المسؤول الحقيقي هل هم الفلسطينيون وحركات المقاومة بصفة عامة الذين يقصفون المدن الإسرائيلية، أم هي الدولة العبرية نفسها عبر ترسيخها لعقلية الضحية التي قامت عليها منذ البداية؟ فالكاتب يوضح فكرته التي تقول بأن إسرائيل قامت على أساس الاضطهاد والعنف، إذا لم يكن بمقدورها جمع اليهود في جزء من فلسطين دون الانخراط في أعمال التطهير العرقي الذي مارسته ضد العرب الفلسطينيين، فضلا عن تهجير الآلاف منهم خارج وطنهم. واليوم مازالت إسرائيل تحاول التركيز على تلك العقلية كلما لمست الاستقرار يسود المنطقة. لذا تعيد تأجيج العنف وتمعن في إهانة الفلسطينيين كي تحافظ على الشعور بالخطر لدى المواطنين الإسرائيليين وترسيخ عقلية الضحية لديهم. والأكثر من ذلك تسعى إسرائيل أيضا في نظر الكاتب إلى تصوير نفسها كضحية مستباحة حقوقها في أنظار العالم من خلال استفزازها الطرف الفلسطيني للقيام بأعمال العنف كي ترد بقسوة دون أن يحاسبها أحد.

"سياسة الهجرة في بريطانيا وثغراتها": تناولت "ديلي تلغراف" في افتتاحيتها ليوم الأربعاء تصريحات وزير الداخلية "جون ريد" أمام مجلس "العموم" البريطاني يشرح فيها سياسته بخصوص الهجرة واللجوء السياسي. وهي تصريحات لم ترَ فيها الصحيفة سوى محاولة ترقيعية لمعالجة مشكلة الهجرة ولم ترتقِ إلى سياسة متكاملة وواضحة المعالم تسهم في طمأنة الرأي العام البريطاني وتقديم حلول ناجعة. فقد ركز وزير الداخلية في سياسته على ضرورة ترحيل العدد الكبير من المهاجرين غير القانونيين الذين يعيشون في بريطانيا، أو الذين لم تقبل طلباتهم للجوء السياسي، لكنه لم يحدد الطريقة التي سيتم بها ذلك. كما طمأن "جون ريد" مجلس العموم بأن الحدود الوطنية سوف تحاط بمراقبة شديدة، فضلاً عن تعزيز قوانين الهجرة الموجودة والعمل على تنفيذها ليتبين أن حماية الحدود يعني نشر قوات مراقبة الحدود التي لن تتم إلا بحلول 2014. وتعيب الصحيفة على وزير الداخلية عدم طرحه لخطة تفصيلية تحدد الآليات الضرورية لتنفيذ التعهدات التي تضمنتها تصريحاته. فمثلا تورد الصحيفة قرار "جون ريد" فصل إدارة الهجرة والجنسية عن مكتب الشؤون الداخلية دون أن يوضح الهدف وراء ذلك وعلاقته بموضوع الهجرة.