تقترف الولايات المتحدة الخطأ الكبير بإصرارها على تجاهل الدورين السوري والايراني في حل الأزمة الراهنة بين لبنان واسرائيل. ويبدو ان كوفي عنان الامين العام للأمم المتحدة اصبح يدرك انه لا يمكن الخروج من هذا المأزق إلا من خلال الاتصال بدمشق وطهران وطلب مساعدتهما. واذا كانت الولايات المتحدة تتصرف في الحرب الدائرة الآن على انها صاحبة الحل والربط كما حدث في مؤتمر روما الذي انتهى الى اخفاق ذريع، فإن من الضروري التأكيد بأن ما تطرحه ادارة بوش حول ولادة «شرق أوسط جديد» هو مجرد أوهام لأن الذي يقرر مصير المنطقة في النهاية هو شعوب ودول الشرق الاوسط وليس الولايات المتحدة. ولقد سبق لواشنطن ان طرحت عشرات المشاريع الخاصة بالمنطقة العربية، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بدءا من مشروع ايزنهاور والنقطة الرابعة ومرورا بخطة روجز وانتهاء بالشرق الاوسط الكبير وكل هذه المشاريع ذهبت ادراج التطورات التي قادتها دول المنطقة وشعوبها! ويبدو ان الادارة الأميركية لم تقرأ التاريخ جيدا لأنها أصلا لا تؤمن لا بالتاريخ ولا بحقائق بل هي تمارس سياسة غطرسة القوة، وكأن الشعوب الحية غير موجودة وكأن الجماهير العربية هي مجرد «قطيع اغنام» وفق تعبير أحد المعلقين الأميركيين.. ومن المؤكد ان الولايات المتحدة لن تستطيع ان تدافع عن اسرائيل وتوفر لها الحماية الى ما لا نهاية خاصة عندما تكون هذه الأخيرة معتدية وتمارس العدوان ضد جيرانها لأن منطق الاشياء يقول إن رد الفعل العربي لن يظل في حالة «ستانيكو» بل هو يتجه نحو مزيد من الغليان والتفاعل، وبالمحصلة فإن المنطقة قد تتعرض لنوع من الزلزال الشيعي، وعندها فإن كل البوارج الحربية والطائرات والصواريخ لن تكون بقادرة على حماية اسرائيل من الغضب العربي!