تحت عنوان: <كيف تمّ اتخاذ القرارات>، كتب ألوف بن (هآرتس 27/6) أن: <القرار بالخروج إلى عملية عسكرية واسعة في لبنان رداً على اختطاف الجنود بالقرب من <زرعيت> في الثاني عشر من تموز/يوليو، قد اتخذ بسرعة قياسية!!>... كانوا في ضائقة بعد أسبوعين ونصف من أسر جندي في غزة، ودخول الجيش الى هناك.
واضح أن ردّ أولمرت وبيرتس السريع نجم عن حكومة جديدة ومحرجة لإثبات ذاتها بسرعة، وحاجة المدنيين اللذين يقفان على رأسها للظهور بمظهر لا يقلّ عسكرية عن الجنرالات، وواضح ان الخطف في لبنان بعد الخطف في غزة يعني أن تضع الحكومة الإسرائيلية حداً لتدهور قدرتها على الردع. كل هذا قد يفسر المزاج خلف قسوة وسرعة ردّ الفعل... أما تحوله الى حرب فلا يفسر على هذا النحو، وهو لم يتمّ برأيي إلا بعد أن اكتشفوا كم اللحظة مؤاتية دولياً وإقليمياً لعمل استراتيجي مفصلي ضد حزب الله، وذلك بعد التشاور مع أميركا التي نقلت لهم أيضاً وجهات نظر عربية مؤيدة لضرب المقاومة وعدم تفويت الفرصة... من حيث لا تدري وجدت إسرائيل نفسها في حرب، لأن لدى الجيش رأياً هو أن الحرب ضد حزب الله قادمة لا محالة، والتأجيل يعني منح الحزب فرصة أخرى لتقوية ذاته، ولأن أميركا وضعت، كما يبدو، أولمرت ورئيس أركانه ووزراء خارجيته ودفاعه في صورة موقفها وخطتها الإقليمية وموقف بعض العرب هذه المرة.
منحت أميركا إسرائيل حبلاً طويلاً لحربها إلى درجة أن المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم باتوا يخشون أن تشنق إسرائيل ذاتها بالحبل أو تتعثر به لطوله. ودخلت إسرائيل حرباً شاملة ضد المقاومة، ولكن من دون خطة حربية شاملة. في حين أنه خلافاً لما تعوّدت وعوّدت جمهورها، يقف في وجه هجومها خصم لديه استراتيجية دفاع شاملة عكف على إعدادها طيلة ست سنوات، لكي لا تتكرر تجربة ,1982 وهذا أصلاً مبرر وجوده وبقاؤه الوحيد كمقاومة، بعد الانسحاب لا يقنع من يختلف معه من اللبنانيين، ولكنه يتكلم لغتهم على الأقل: استراتيجية الدفاع عن لبنان، وليس تحرير فلسطين.
في مساء اليوم نفسه، قدّم أولمرت لحكومته خطة لتنفيذ هجوم جوي على منصات إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله (تبين ككلام فارغ فيما بعد)، وعلى رموز الحكومة اللبنانية، وعلى رأسها ميناء بيروت الدولي. وتمّ إبلاغ الوزراء أن حيفا ستكون معرضة للقصف في المقابل، وأن الحملة العسكرية لن تكون قصيرة. كما تمّ تفصيل ما يتوقع من ناحية عدد الصواريخ التي ستنزل على إسرائيل، ومن ناحية عدد الضحايا الممكن. وصدّقت الحكومة الخطة بالإجماع. أما أسئلة شمعون بيرس بشأن المرحلة الثانية والثالثة والرابعة، فلم تلق جواباً جدياً. وما زال بيرس يقول إما <أن ندخل في حرب شاملة مع حزب الله ونكملها أو نقبل بوقف إطلاق النار والتفاوض وتبادل الأسرى>. وهو في الواقع يؤيد الخيار الاول.وفي اليوم الرابع تمّ تصديق القرار الاستراتيجي الثاني وهو قصف مقر حزب الله في جنوب بيروت... ما يعني قرار المضي في سيناريو الحرب، ولمن لم يقتنع بعد أنها حرب اتضح التحول من مجرد عملية عسكرية إلى سيناريو الحرب الشاملة لحظة قصف مقار حزب الله في الضاحية الجنوبية. حدث ذلك بعد وقت من التنسيق مع الأميركيين وخلفهم حلفاؤهم العرب.
في هذه الأثناء عقد البرلمان الإسرائيلي جلسة تهريجية للمزايدة الخطابية لا علاقة لها بصنع القرار.
وكان القرار الاستراتيجي الثالث، والذي لم يبحث على أي مستوى، ناهيك عن بحثه على مستوى الرأي العام، هو إدخال القوات البرية إلى جنوب لبنان بهدف تدمير المواقع الأمامية لحزب الله. تمّ ذلك بعد أن خلّفت الحكومة والجيش انطباعاً في الأيام الأولى أن الحديث عن عملية تدمير جوية، وليس عن <عودة إلى الوحل اللبناني>. لم يحقق سلاح الجو الأهداف المرجوة، وتوسّعت العمليات البرية تدريجياً، ثم ضاقت حسب النتائج اللحظية، لا استراتيجية ولا يحزنون.
وضعت للحرب المكناة حتى الآن رسمياً <عملية> أهداف ضبابية طفقت تتغير خلال سير المعارك. وتبين في هذه الأثناء أن كسر قوة حزب الله أمر غير ممكن التحقيق كهدف. ولذلك اكتفى بعد أيام بعض قادة الجيش بالإعلان عن أهداف لا يمكن قياس مدى تحققها وهي <إضعاف حزب الله>!!. وبعد عدة أيام تمت بلورة غطاء سياسي جديد للحملة ألا وهو تنفيذ القرار .1559
وبحسب الصيغة المحتملة للأهداف في أجواء <الإجماع الدولي> في دول <جي 8> على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها فإن الحملة العسكرية الإسرائيلية هي فقط المقدمة لخطوة سياسية دولية لفرض قرار مجلس الأمن ,1559 والتي تدعو إلى نزع أسلحة حزب الله ونشر قوات الجيش اللبناني في الجنوب. وأعلنت إسرائيل أنها ستقيم <منطقة عازلة> أو <حزام أمني> في الجهة اللبنانية من الحدود لمنع عودة حزب الله إليه. وقد ألقت هذه الصيغة الجديدة بالمسؤولية على عاتق المجتمع الدولي.
وكتب زئيف شيف (هآرتس 26/7) تحت عنوان <هل تم تحقيق الأهداف>، أنه خلال أيام الحرب بدأت ترد تصريحات لقادة وضباط كبار خلقت انطباعاً بأن أهداف إسرائيل من الحرب تتغير، وأنها ليست واضحة بما فيه الكفاية. ويقول أنه بعد أسبوعين من الحرب ما زالت إسرائيل بعيدة عن حسم المعركة، ولم يتم إنجاز الأهداف الرئيسية.
وحرب <الاستنزاف> التي يشنها حزب الله على إسرائيل تتواصل بدون توقف، ولا إشارة لانخفاض في الهجمات الصاروخية على إسرائيل بمعدل 80100 صاروخ يومياً. كما يقول إنه بالرغم من الضربات الشديدة الجوية والبرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي، لم تتعرض قدرات الحزب العسكرية لضربة فعلية، ولا يزال الدافع القتالي موجوداً، ومقاتلو حزب الله يقاتلون ولا يهربون. غالبية قيادته لم تمسّ، كما لم تتعرض المنظومة اللوجستية لإصابة، حيث لا يزال لديه مخزون كبير من الصواريخ من ضمنها صواريخ بعيدة المدى.
وتحت عنوان <هل فشل الجيش؟> يشير عاموس هرئيل (هآرتس 2/7)، أن ضباط المنطقة الشمالية كانوا قد حذروا بأن الوضع الأمني على طول الحدود <أصبح لا يُطاق> ويحمل <بذور الاختطاف القادم>. وأن الحكومة تجاهلت هذه التحذيرات. وفي المقابل يشير إلى أن الجيش لم يتوحد على النبرة نفسها، حيث قال بعض كبار الضباط في الاستخبارات والوحدات العملياتية أن تهديد الصواريخ غير حقيقي، وأن أفضل علاج لها هو تركها تصدأ في المخازن!
ويضيف أنه قد تجلى نقص خطير في المعلومات الاستخبارية، بما فيه النقص في المعلومات بشأن وصول صواريخ إيرانية إلى حزب الله أتاحت قصف البارجة الحربية قبالة شواطئ بيروت، كما أن قوات الجيش الإسرائيلي التي تعمل مقابل مواقع لحزب الله فوجئت بحجم المنظومة الدفاعية والهجومية التي قام ببنائها بالقرب من الحدود. وفي المقابل تدعي الاستخبارات العسكرية أنه تمّ تحويل معلومات واسعة بهذا الشأن إلى الجيش الذي ينقل هذه المعلومات إلى الوحدات العاملة ميدانياً، بحيث بدا بعض القادة مذهولين مما شاهدوه في مارون الرأس وبنت جبيل!! وفي إجابة على السؤال <إلى أين؟>، يقول إن أعضاء من قيادة هيئة الأركان العامة اعترفوا له قبل يوم من نشر المقال، أن بإمكان نصر الله مواصلة إطلاق الصواريخ أياماً طويلة. بل إن بعضهم ذهب هذا الأسبوع إلى تأكيد الحاجة إلى خطوات سياسية مكثفة، ترافق عمليات القوات البرية وتتيح إنهاءها بسرعة، قبل الدخول إلى القرى وتجنب وقوع إصابات كبيرة.
وعلاوة على ذلك، فإن بعض الخبراء نصح الأجهزة الأمنية بتقليص الأهداف المعلنة للحرب! وفي هذه الحالة تبقى أمام إسرائيل مشكلتان أساسيتان، الأولى تقوية الحكومة اللبنانية من خلال توجيه ضربة قوية لحزب الله، تضاف الى قائمة الأهداف التي لم تنجز، أما الثانية فهي التوصل إلى تسوية سياسية تمنع إيران من إعادة تسليح حزب الله بعد انتهاء الحرب، استعداداً لمواجهات قادمة. ولا شك لدينا في أن الدبلوماسية الأميركية تكيّف نفسها بموجب الوضع العسكري الإسرائيلي، فتترجم <إنجازاته> سياسياً وتهبّ لنجدته وقت ضيقه. وفي سياق تقوية الحكومة اللبنانية يفطن ميرون بنبنشتي (هآرتس 26/7) إلى التناقض الغريب ويتساءل <كيف يمكن لأناس جديين شرعنة تدمير دولة بادعاء أن ذلك يساعد حكومتها؟>. الجواب طبعاً عند حكومة لبنان ورأيها العام.
بعد معركة بنت جبيل استمرت هآرتس (كلمة العدد 27/7) في تحديد الهدف بأنه المسّ الحقيقي والفعلي بحزب الله لغرض تقوية النظام السياسي في لبنان الذي يرفض أن يكون رهينة بيد إيران وسوريا، كأمر ضروري وحيوي لاستقرار وثبات أي ترتيب أمني يتم التوصل إليه، إضافة إلى قوة متعددة الجنسيات. واتهمت الصحيفة القيادة السياسية وقيادة الجيش أنها لا تفهم ما تفهمه الولايات المتحدة ويفهمه الجمهور أن وقفاً مبكراً لإطلاق النار لا يجدي نفعاً وأن عليها الاستمرار في القتال من دون عقدة حرب لبنان... الأجواء في الصحافة وفي أوساط الجمهور هي أجواء أميركية حربجية للغاية.
وتتشابه الأفكار الأميركية والشارعية الإسرائيلية مع بعض الأفكار العربية المعادية للمقاومة والتي ترى في الحرب فرصتها لتنفيذ مهمة التخلص منها دون أن <تتسخ> أيديها. وفي اليوم نفسه في هآرتس ناقش زئيف شيف زميله يوئيل ماركوس الذي كتب قبل يوم واحد في الصحيفة نفسها أن الجيش يجب أن ينتصر، ولكن تبين انه جيش غنيّ وغبيّ. يؤكد شيف ان الخيار الوحيد امام الجيش الإسرائيلي هو الانتصار في الحرب على حزب الله. ويقول: <إسرائيل لم تختر هذا الحرب، ولكن منذ أن تدهورت إليها وصلت إلى مفترق طرق استراتيجي>. ويدّعي شيف أن السلام مع الأردن ومصر سيتضرر ولن يكون هنالك من يوقع على اتفاق سلام مع إسرائيل في المستقبل إذا لم تهزم حزب الله في المعركة.
في معاريف في اليوم نفسه 27/,7 أي بعد معركة بنت جبيل، كتب أمنون دنكنر ودان مرجليت، وهما صحافيان شبه رسميين، يتصرّف كل منهما على حدة كأن وظيفته أن يشرح كيف يفترض أن تدار الدولة وكيف تخاض الحرب وكيف يتم الانتصار من دون إثارة الشفقة، أما سوية فيخرج مقالهما كأنه القاسم المشترك الأعظم لكافة عقد الغرور والتبجح والاعتقاد بدونية الآخر في الشخصية الإسرائيلية العنصرية. عنوان المقال: <تصميم أكبر مشاعر أقل>. يمجد الكاتبان عظمة التحمل والجلد عند النفس الإسرائيلية ضد العدو، ولكن هذا التضخيم لقوة تحمّل مقتل بضعة جنود، وهذه المفاجأة من العدو القاسي <الذي يقتل لنا جنوداً> يدلّ على عكس التحمل. وقد يجد القارئ المستغرب من عبثية الوضع نفسه متسائلاً: أين يوجد عدو كهذا يقتل جنوداً في الحرب؟ يجب أن تكون إسلامياً وقاسياً بلا رحمة، لكي تقتل الجنود... فقط في إسرائيل يمكن سماع وقراءة هذا التمسكن والتظلم والإصرار على الشفقة الذاتية عند من شردوا 750 ألف إنسان وقتلوا 600 وشوّهوا الآلاف، وسدّوا أفق مستقبل مئات الآلاف. ومع ذلك يكتب هؤلاء <علينا أن نقسّي قلوبنا>، كأنها كانت رؤوفة عطوفة إلى أن قتل لهم عشرة جنود في معركة، و<ألا يخاطر الجيش بحياة الجنود>، و<أن يتم تدمير القرى والمدن بالطائرات قبل إرسال الجنود إليها>... ويسمّى هذا قوة احتمال!! وانضمّ إليهما في يوم 28/7 رئيس تحرير <يديعوت أحرونوت> رافي جينات داعياً إلى هدم كل شيء حتى <لا يجرح شاب من جولاني>. وقد وجدت دعوتهما آذاناً صاغية عند السياسيين الذين يحتاجون إلى تملق الجمهور، فقام حاييم رامون الذي يواجه تهمة التحرش الجنسي بتبني الدعوة فوراً في اجتماع المجلس الوزاري المصغّر في اليوم التالي، لا بدّ هنا مَن تذكر كلينتون الذي قصف أفغانستان والسودان، فوراً بعد فضيحة مونيكا لوينسكي، وذلك من دون أن يكون هنالك سبب بيّن لقصف السودان. هكذا دفع بعض السودانيين حياتهم ثمناً لانحرافاته المشهورة. أما رامون فيجب أن يمنحه تفوق دولته الجوي قدرة على تحويل انحرافاته إلى قتل لبنانيين. كما تبناها إيلي يشاي رئيس قائمة شاس الذي دعا إلى عدم دخول أية قرية قبل <تحويلها إلى صندوق من رمل>. وهو تعبير إبداعي خلاق من وحي عالم حركة شاس وعوفاديا يوسف الثقافي.
ونصل إلى المرحلة الرابعة من عملية صنع القرار، إذ تنشر يديعوت أحرونوت 28/7 أن رايس قد خلفت وراءها طاقماً للعمل مع القيادة الإسرائيلية لإعداد تسوية تشمل قوة متعددة الجنسيات (بتنسيق مع إسرائيل قبل بلير) تتسلّم قطاعاً ضيقاً في جنوب لبنان وتبادل الأسرى الإسرائيليين بأقلّ ثمن ممكن. (لاحظ أنه عندما وصلنا إلى الأسرى وصلنا الى التبادل رغم كل شيء!!) ونزع سلاح حزب الله، لا أقلّ!! أما من سيقوم بمهمة نزع السلاح فذلك أمر آخر. هنا يتمّ تعديل القرار والهدف مرة أخرى من خلال فحص التقدم العسكري ثم فحص الوضع السياسي اللبناني والعربي والإقليمي مع الأميركان، وهذا يعني مرة أخرى أن الحرب أميركية في كل جانب من جوانبها، وبالتأكيد في كيفية إنهائها وتحديد المكتسبات.
بحسب صحف يوم 28/7 ظهرت في جلسة الحكومة المصغّرة يوم 27/7 خلافات سياسية أمنية بين الموساد والمخابرات العسكرية. حول <ماهية الضربة التي تلقاها حزب الله حتى الآن>. اتفق الاثنان حسبما جاء في الصحيفة <أن حزب الله ضعف> نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان. يرى مئير دجان والموساد بأنَّ حزب الله يستطيع الاستمرار بالحرب حتى وقت طويل في المستوى الحالي. في حين تدّعي الاستخبارات العسكرية أن <الحزب تلقى ضربة قاسية أكثر بكثير مما يقيّم الموساد>.
وقرر المجلس الوزاري المصغر، السياسي الأمني، مواصلة العملية العسكرية بشكلها الحالي، وعدم توسيعها، ولكن تمّ تصديق توصيات أجهزة الأمن بتجنيد واسع للاحتياط من أجل <إنعاشه> و<إعداده لأي تطورات محتملة> (أي توسيع العملية)، وبهذا تبنّى المجلس بشكل معدل توصيات أجهزة الأمن! طالبت قيادة الجيش بتجنيد واسع النطاق للاحتياط من اجل عملية عسكرية أرضية تستمر شهرين، ل<طرد حزب الله من منطقة جنوب الليطاني>، ولكن بعض الوزراء عارضوا توسيع العملية الأرضية.
وقرر الاجتماع أن أي توسيع للعملية العسكرية أو تفعيل القوات المجندة منوط بتصديق إضافي من المجلس. (حسب هآرتس جاء هذا القرار من أجل عدم استفزاز سوريا، وتؤكد ذلك يديعوت أحرونوت الجمعة 28/7)، كان إجماع بين الوزراء على فعل كل ما أمكن لتجنب المواجهة مع سوريا. وقال أولمرت إنه لا يريد أن يفتح جبهة ثالثة. كانت هنالك إذاً أهمية للردع السوري في عملية صنع القرار حول الزجّ بفرقتين في اجتياح بري.
وبرأينا فإن تجنيد فرقتي احتياط على الحدود هو تهديد بالاجتياح إذا لم يتمّ إيجاد آلية دولية لبنانية لتنفيذ القرار .1559 ويتضمن ذلك من وجهة نظر إسرائيل انتشار الجيش اللبناني و/أو قوة دولية في قطاع ضيق على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. أما كيف سينزع هؤلاء سلاح المقاومة، فهذه مسألة نظرية وقضية طويلة ليس لإسرائيل ولا لقوات دولية إجابة عليها خارج نطاق الحرب. وتقول الحكومة اللبنانية إنها كتسوية لا بد أن تمر عبر إعادة مزارع شبعا وإعادة الأسرى اللبنانيين، مما يسحب البساط من تحت قدمي تمسك حزب الله بسلاحه. ويبدو لنا أنه لن تكون هنالك تسوية ممكنة بشأن نزع السلاح، أما وجود قوات أجنبية لحلها بالقوة فلن يزيدها إلا تعقيداً... وهذا الخيار وتعقيداته واردة بالنسبة لأميركا، إلا إذا كان القرار حولها مجرد سلم للنزول عن الشجرة ووقف إطلاق النار، قبل محاولة لترسيم القطاع العازل الحدودي. من أجل ذلك يفترض أن تكون إسرائيل وأميركا قد اقتنعت أن المهمة العسكرية قد فشلت. وهي لم تقتنع بعد.