تراقب دمشق باهتمام كبير ما يجري في لبنان وحوله نظرا للتأثير الكبير الذي تتركه التطورات في لبنان على الوضع العام في الشرق الاوسط وعلى الامن والاوضاع في الدول المجاورة وعلى الامن والاستقرار في البلدان العربية المشرقية وعلى الصراع الدائر في داخل العراق بين الاحتلال والتطلع العراقي الى استرداد السيادة والاستقلال وكذلك على الصراع العربي - الاسرائيلي ومخططات الادارة الاميركية لاخضاع المنطقة كلها الى المشاريع التي رسمتها هي وفي مقدمتها مشروع «الشرق الاوسط الجديد» الذي تتبوأ فيه اسرائيل موقع الوكيل الاول لواشنطن.
ويلفت النظر في دمشق الجهد الكبير الذي تصرفه الولايات المتحدة وجهات اقليمية معنية سائرة في ركابها للترويج لفكرة ارسال قوات مسلحة أجنبية للمرابطة في الجانب اللبناني من الخط الفاصل بين المواقع اللبنانية في أرض الجنوب اللبناني وفي المواقع الاسرائيلية وراء الخط الأزرق الذي رسمته الامم المتحدة واخضاع هذه القوات الاجنبية للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة اي اعطاؤها حق استخدام القوة حيثما تجد ذلك مناسبا او مطلوباً منها من قبل الجهات المسيطرة عليها.
وكان تصريح الدكتور محسن بلال وزير الاعلام السوري حول رفض الشعبين السوري واللبناني لفكرة وضع قوات اجنبية على الحدود اللبنانية السورية تعبيراً عن الحساسية الكبيرة الموجودة في دمشق حيال المشاريع التي ترمي الى ايجاد اسباب التوتر على الحدود بين البلدين ولوضع قوات اجنبية بين البلدين الشقيقين.
ويستغربون في دمشق اتجاه دوائر اجنبية ودوائر لبنانية وعربية قليلة الشأن الحديث عن استخدام قوات اجنبية في الداخل اللبناني على الرغم من ان التجربة التي جرت بعد الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 لاستجلاب قوات اجنبية قد منيت بفشل ذريع ادى الى سحب القوات الاجنبية وخاصة منها الاميركية (المارينز) و(البارجة نيو جيرسي) على عجل بتأثير اعمال المقاومة. ولا تعتقد الدوائر المتابعة للتطورات في المنطقة أن الأوضاع في بيروت وبقية المناطق اللبنانية أفضل منها اليوم من تلك الأيام التي لا تنساها القوات المسلحة الاميركية والقوات الاجنبية الاخرى التي جاءت الى لبنان خاصة اذا اخذ المرء بعين الاعتبار واقع وجود المقاومة الوطنية اللبنانية وحزب الله الموجود في البرلمان والحكومة والذي يحظى بتأييد شعبي متنام داخل الرأي العام اللبناني.
ولا تقل حساسية الاوساط المتابعة في دمشق حيال الحديث عن استخدام الجيش اللبناني لتنفيذ المخططات التي وضعتها الولايات المتحدة ودول غربية اخرى والدوائر الاسرائيلية للبنان عن حساسيتها تجاه وضع قوات اجنبية على الحدود بين البلدين الشقيقين (سوريا ولبنان) نظراً لخطورة مجرد التفكير في ادخال الجيش اللبناني في الالعاب السياسية الداخلية والخارجية وفي استخدامه لتنفيذ سياسات تثير حساسيات داخلية خطيرة وتؤدي الى اثارة الحساسيات السياسية والطائفية داخل صفوف الجيش وما يترتب عليها من اخطار تمس الوحدة الوطنية وتخرج الجيش عن نهجه الوطني وعقيدته القائمة على الاعتراف والايمان بأن اسرائيل هي العدو المباشر لاسرائيل.
واخطر ما يراه المراقبون في دمشق هو ان يحاول البعض لدوافع حزبية وايحاءات خارجية معادية استخدام الجيش لتنفيذ مخططات موجهة ضد المقاومة وحزب الله.
ولا يغيب عن بال المتعاطين بالشأن السياسي في دمشق ان تواجد قوات اجنبية في لبنان مكرسة لتفنيذ ارادات خارجية سيستثير نشاط أوساط المتطرفين ويستجلب خلايا تابعة للقاعدة إلى الساحة اللبنانية التي عرفت بعض خلايا هذه المنظمة.