د. ثائر دوري
إن الأمور بحاجة سريعة للخروج من معادلة : استبداد داخلي أو احتلال خارجي
د. ثائر دوري
إن الأمور بحاجة سريعة للخروج من معادلة : استبداد داخلي أو احتلال خارجي
د. ثائر دوري
(( " يا بنيتي ، قالت ، واضعة يدها بنفاذ صبر على مذكراتي الموضوعة على ركبتي ، ما الفائدة من الخربشة عن أكواخ محروقة و أناس ذبحوا في السابق ؟ إنهم لقوا حتفهم . أبطعمنا هذا أو يغطينا أو يجعلنا نعيش ؟ كان في القرية ثلاثة آلاف من الماشية و الغنم ..ليس هناك الآن دجاجة واحدة تستطيع أن تضع بيضاً . كيف أستطيع أن أطعم ابنتي و رجلي العجوز الذي أصابه اليونانيون بجراح ؟ ليس هناك حتى الملح لوضعه مع أوراق النبات التي نغليها لنسكت هذا الجوع الملتهب في بطوننا ....
ثمة شيء خاطيء ، ثمة شيء خاطيء ، يا بنيتي . كنا نعتقد أن الدرك الكارثة الوحيدة التي أرسلها الله في الماضي . كنا نقول آنئذ إن السلطان لا يعلم بأننا مضطهدون . مضطهدون ؟ كان ذلك فردوساً مقارنة بهذا . يا إلهي كم توسلت إلى اليونانيين كي يتركوا بعض الأغطية للذين بقوا على قيد الحياة ! ضحكوا و قالوا لي إن أوربا قد أرسلتهم ليفعلوا كل ذلك ، و أنهم لن يتركونا في سلام قط . يجب إخبار هذا الرجل أوربة ، يا بنيتي ، أن يتركونا و شأننا ، نحن الفلاحين الفقراء . ماذا فعلنا له ؟ )) فطمة نينة من قرية ملك إلى خالدة أديب – نقلاً عن كتاب الطرد و الإبادة ( مصير المسلمين العثمانيين – دار قدمس 2005 )
هذه الكلمات التي نطقت بها سيدة مسلمة في الأناضول الغربي قبل أكثر من مائة عام تطرح منذ ذلك الوقت إشكالية المفاضلة بين الاستبداد الداخلي و الاحتلال الخارجي . لكن ليس بالخفة و لا بالتواطؤ التي طرحت الأمور بها من قبل بعض المثقفين عشية العدوان الأمريكي على العراق ، أو كما يعاد طرحها الآن في أماكن أخرى من المشرق العربي من هواة النظر إلى الكون من خلال زوايا حادة.
و أجزم لو أن أحداً في المشرق العربي اليوم تفوه بالكلمات التي تفوهت بها هذه السيدة لصنفه هواة قسمة الكون إلى أبيض و أسود ، الذين لا يفهمون الدنيا إلا معنا أو ضدنا . هواة وضع الأمور في زوايا حادة ، إما مع الاستبداد أو مع الديمقراطية و لو كانت على حراب الأجنبي . لو أن أي شخص في المشرق قال ما قالته هذه السيدة لاتهموه على الفور أنه من أبواق الاستبداد و أنه يبرر للمستبدين . و كأنه لا يوجد في الكون سوى خيارين ، فإما أن تقبل بالاستبداد أو أن تقبل بالتدخل الخارجي بكافة أشكاله و درجاته حتى نهايته القصوى، أي الاحتلال الخارجي.
يتراوح استجداء الرافعة الخارجية بين الادعاء بالإتكاء على الدعم الخارجي ، أو تثمير الضغوط الدولية لصالح الخلاص ممن الاستبداد وصولاً إلى القبول بدبابات المحتل و كل ذلك بدعوى الخلاص من الاستبداد . لذلك بقيت تجربة هامة كتجربة أمريكا اللاتينية ، التي تنشأ فيها ديمقراطيات مقاومة في كل من فنزويلا و البرازيل تستعيد سيادة بلدانها و تسيطر على موارد أوطانها لصالح الطبقات الفقيرة معيدة الاعتبار إلى السياسات الاجتماعية و بالتالي البعد الاجتماعي الوطني للديمقراطية . لكل ذلك تبقى هذه التجارب بعيدة عن عقول و ألسنة منظري الزوايا الحادة الذين يريدون ديمقراطية عارية من أي عمق وطني أو اجتماعي، يريدون فقط الذهاب إلى صندوق الاقتراع، و لو بحماية دبابات الاحتلال، و لو كانت الجماهير فقيرة معدمة حافية ، عارية.............
إن الأمور بحاجة سريعة للخروج من معادلة : استبداد داخلي أو احتلال خارجي إلى فضاء ديمقراطي وطني تحرري يحافظ على الأوطان ، و لا يستجير من الرمضاء بالنار . و هذا ما تفعله المقاومة في الساحات العراقية و الفلسطينية و اللبنانية
بقلم تييري ميسان
تييري ميسان: أهمّ خبير جغرافيا سياسية على الإنترنت عالمياً
البنتاغون يُدبّر انتصار اوكرانيا في مُسابقة الأُغنية الأوروبية لعام ٢٠٢٢
موقع شبكة فولتير الإلكتروني يقاوم!
بقلم تييري ميسان, شبكة فولتير
شبكة فولتير
بقلم البابا فرنسيس, شبكة فولتير
بقلم تييري ميسان, شبكة فولتير
شبكة فولتير
شبكة فولتير
بقلم بسام صباغ, شبكة فولتير
شبكة فولتير
بقلم تييري ميسان, شبكة فولتير
شبكة فولتير