هل تقود حرب لبنان إلى تسويات إقليمية دولية جديدة، أم تكون مجرد مقدمة لحروب إقليمية أشمل؟

أصحاب النزعة “التفاؤلية الموضوعية” الأمريكية، كالمحلل البارز ديفيد أغناتيوس، يأملون أن يسود الاحتمال الاول. وهم يرون أوجه شبه بين محصلات حرب أكتوبر 1973 وبين حرب لبنان 2006 :

فكما ان الحرب الأولى خلقت توازناً عسكرياً أقنع العرب واليهود بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وقبول ما يعرضه عليهم هنري كيسينجر، كذلك، يمكن لتوازنات الحرب الثانية التي خلقتها المقاومة العنيدة لحزب الله أن تسفر عن صفقات تسووية جديدة، وإن مرحلية أو مؤقتة.

منطق مقنع؟

ربما هو كذلك لطهران ودمشق. إذ إن أي تسوية تحفظ لحزب الله سلاحه ستعتبر نصراً عسكرياً يمكن الانطلاق منه لتحقيق مكاسب سياسية. في طليعة هذه المكاسب دفع الإدارة الأمريكية المتطرفة إلى فتح بعض أبواب الحوار معهما، وإغلاق كل أو معظم النوافذ التي يطل منها المحافظون الجدد ليهددوا امن نظاميهما.

لكن ما تقبل به طهران ودمشق، قد لا ترضى به (في هذه المرحلة على الأقل) واشنطن وتل أبيب، اللتان ما زالتا تعتبران أي وقف للحرب العسكرية لا يتضمن وقف حزب الله عن العمل ضد “الدولة” العبرية، سيكون بمثابة هزيمة تنسف أسس تفوقهما الاستراتيجي في الشرق الأوسط برمته.

هذا ما يفسّر ليس فقط إصرار واشنطن على رفض وقف إطلاق النار قبل أن تحقق “إسرائيل” أهدافها العسكرية، بل أيضاً تمسكها بتشكيل قوات دولية مقاتلة (الأفضل أن تكون أطلسية) تمنع حزب الله من الاقتراب من “إسرائيل”. كما هو يفسّر، في المقابل، رفض طهران ودمشق لأن تكون لهذه القوة الدولية أية أنياب أو حتى أضراس.

* ماذا يعني كل ذلك؟

 يعني أن ظروف التسويات التي وفرتها حرب أكتوبر 1973 القصيرة، ليست موجودة بعد في حرب لبنان 2006 التي ستكون طويلة في الغالب. وهذا على الأقل بالنسبة للطرفين الأمريكي و”الإسرائيلي” المصّرين على مواصلة الحرب سواء في شكلها العسكري أو الدبلوماسي.

لا بل أكثر: لا يستبعد بعض المحللين ألا تكون حرب لبنان، على عنفها الشديد، أكثر من “بروفة” لحرب أعنف بكثير تعد ضد إيران. ويعيد هؤلاء إلى الأذهان دراسة أعدها مركز أبحاث “إسرائيلي” قبل نحو سبعة أشهر، وأشار فيها إلى أنه يتعين على تل أبيب تحييد صواريخ حزب الله واحتلال جنوب لبنان، قبل أن تبدأ الحرب الجوية والصاروخية الامريكية و”الإسرائيلية” ضد إيران، وربما سوريا أيضاً.

هل هذا ما قصده رئيس الأركان “الإسرائيلي” حين قال قبل يومين إن “ضرب صواريخ حزب الله، هو جزء من توّجه استراتيجي اوسع ضد إيران”؟.

يبدو أن الامر كذلك.