الرأي العام: لندن - من إلياس نصرالله: يواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، للمرة الاولى، منذ شن إسرائيل حربها على لبنان، اتهاماً خطيراً بأنه كان على علم مسبق بأن الدولة العبرية تنوي تدمير القرى في جنوب لبنان قبل خطف «حزب الله»، للجنديين من أجل القضاء على قواعد الحزب وأنه لم يفعل شيئاً لوقف هذه المجزرة، وهو اتهام يحظى بأهمية كبيرة كونه صدر هذه المرة، ليس عن المعارضين لبلير أو المعادين له، بل من داخل حزب العمال الحاكم الذي يتربع بلير على كرسي القيادة فيه منذ نحو عشر سنوات.

وكتبت أسبوعية «نيوستيتسمان»، وهي المجلة النظرية التابعة لحزب العمال والتي كثيراً ما توصف بأنها يسارية كونها تلتزم خط الحزب الرسمي المدافع عن حقوق الطبقة العاملة، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أبلغ الرئيس جورج بوش قبل الحرب نيته توجيه ضربة قاضية للحزب وأن الخطة تتضمن «تدمير» القرى في جنوب لبنان، وأضافت أن الرئيس الاميركي أبلغ بلير هذه الخطة حالاً بعد إطلاع أولمرت عليها.

وتابعت المجلة: «إذن بلير كان يعلم, وهذا يكشف عن زيف الجدل الذي دار خلال الأسبوع الماضي حول الدعوة لوقف إطلاق النار», وأضافت ان «المسألة لم تقتصر فقط على غض الطرف والتقصير في وقف المذبحة، بل تعدت ذلك إلى تقديم مساعدة فعالة» لتنفيذها.
من جهتها، نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «ديلي ميل» عن مصدر من داخل الحكومة، أن إسرائيل أطلعت واشنطن بالفعل على الخطة وأنه تم إبلاغ لندن بالأمر, ونقلت عن عدد من النواب في مجلس العموم أن بلير كان ضالعاً في الخطة وأنه أوفد مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط اللورد ليفي للقاء المسؤولين الإسرائيليين، وأن ليفي أجرى عشرات اللقاءات مع الوزراء الإسرائيليين لبحث الخطة قبل شن الحرب بكثير، رغم المشاكل التي كانت تحيط بعلاقة بلير باللورد على الساحة الداخلية وتورطهما في فضيحة منح الألقاب الرسمية «لورد وسير» للمتبرعين لحزب العمال التي أدت إلى اعتقال ليفي وإخضاعه للتحقيق من جانب الشرطة.

وأشار النواب إلى أن العدد الكبير من الزيارات التي قام بها ليفي، لإسرائيل خلال يونيو ويوليو الماضيين، هما أكبر دليل على العلاقة الحميمة وغير العادية بين تل أبيب ولندن في وقت كانت الأولى تعدّ العدة لشن الحرب.

وأوردت «ديلي ميل» على لسان جون بايك، أحد كبار المستشارين العسكريين للحكومة الأميركية: «تسألون ما إذا أعطت الولايات المتحدة إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة حزب الله وإبعاد قواته من جنوب لبنان؟ نعم بالطبع فعلت ذلك», وقال أن هناك على حد علمه اتفاق بين واشنطن وتل أبيب على توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للمفاعل الذري الإيراني، «ربما السنة المقبلة, ونظراً لكونه من المؤكد أن إيران في حال ضرب مفاعلها النووي ستطلب من حزب الله أن يبدأ بقصف إسرائيل، تقرر ضرب حزب الله قبل توجيه الضربة للمفاعل الإيراني».

ويأتي اتهام بلير بعلمه المسبق بخطة الحرب على لبنان تتويجاً لحملة واسعة ضد الموقف المؤيد لإسرائيل وخروج عدد من الوزراء والديبلوماسيين وغيرهم من المسؤولين علناً ضده, ووصف السير رودريك بريثويت، وهو من أبرز السفراء البريطانيين السابقين، الضرر الذي أحدثه موقف بلير من الحرب على لبنان بالضرر الهائل الذي لحق ببريطانيا ومصالحها في العالم العربي عقب مشاركتها في حرب السويس على مصر وأدت إلى خروجها لاحقاً من منطقة الخليج وعدن.

وسارع مكتب رئيس الوزراء إلى نفي علمه بتفاصيل الخبر الذي أوردته «نيوستيتسمان»، غير أن زعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي السير منزيس كامبل، قال: «إذا صحّ هذا الاتهام فأنه سيمس صميم مصداقية رئيس الوزراء وشرعية حكومته, لأن أسئلة كثيرة ستثار حول عدم مصارحته البرلمان بهذا الأمر»,

ولوحظ أن بلير حاول في تصريح له صباح أمس، الدفاع عن نفسه والتأكيد أنه «لم يعط الضوء الأخضر» لإسرائيل لمواصلة حربها، معترفاً بالخلافات الداخلية في مجلس الوزراء حول الموقف من الحرب على لبنان.