هناك من يبحث عن "الدروس المستفادة" من الحرب الحالية، بعد ان وصلت الجهود الدبلوماسية إلى مرحلة تعطي مؤشرات بوقف المعارك .. لكن الحرب ربما ستعلن بدايتها عندما تقرر إسرائيل وقف عمليات القتل، ومن الممكن أن تصبح السياسة مجالا جديدا لتصفية آخر الحسابات مع الصورة التي كنا نريدها لشرق أوسط يحمل الحياة ... بينما يعتبر آخرون أنه لم يولد بعد.

في مجمل الطروحات السياسية هناك حالة من التناسي بأن الحروب تنتهي أحيانا مع صمت المدافع، لكنها أيضا تشتعل في الثقافة المشوهة بفعل الموت والدمار أو حتى "التعقل" الذي هبط فجأة على البعض فاستراحوا ولكنهم لم يريحوا أحدا من التعابير القميئة لزمن الحرب.

والجهود الدبلوماسية أيضا تحاول صقل المعارك على شاكلة الحلول "النهائية" داخل جغرافية المعركة .. لكن الحرب لم تكن على مساحة محددة فيزيائيا، رغم أن المعارك تم حصرها، وحاولت إسرائيل وضع حزب الله كطرف وحيد، وربما أوحد، داخل غاياتها من الحرب، رغم أنها لم تنس تدمير كل ما تصل إليه طائراتها.
"الدروس" المستفادة لا تظهر إلا في التناقض الحاد بين الرغبات الإسرائيلية و "الوداعة" التي نحملها معنا أينما ذهبنا، محاولين إقناع أنفسنا بأن "سد الذرائع" سيضع كل "الواقع الإسرائيلي" في قفص الاتهام أمام المجتمع الدولي ... هذا اللون الذي يريد للسلام أن يكون "جنة مفقودة" نجدها بالدم الذي يلبي رغبة الحقد الإسرائيلي.

خلال أيام الحرب كانت السياسة تتفوق على أي درس يمكن أن نحصله من الموت المزروع أمامنا، فهي كانت قادرة على القفز إلى كل الأحلام الطوباوية لتقنع الآخرين بوداعتها وقدرتها على "الحب في زمن الحرب" ... وعلى العفو عند "عدم المقدرة"، ولم يكن هناك من ضرورة لأي بحث آخر في القناعات التي تتطور داخل المجتمع بأنه مذبوح من البداية حتى النهاية.

ليس هناك من ضرورة لأي درس من الحرب لأننا أثبتنا القدرة الحقيقية على خلق الوهم، وبناء عالم افتراضي يتم فيه شطب المجتمع من أي معادلة والاعتماد فقط على عدسات التصوير التي تلاحق السياسيين أو تتصل بهم في غفوتهم لتسأل عن الآفاق القادمة، رغم أن كل الجهود السياسية كانت تنتظر قتل ممنهجا جديدا حتى تفكر هل بالإمكان إيجاد أفق؟!!!