صالح النعامي

في ظل عاصفة الانتقادات التي توجه لمصداقيته وتطعن في أهليته لقيادة الدولة العبرية، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت صباح اليوم الخميس على أن جيشه سيواصل الحرب حتى ينجز السيطرة على حزام أمني بين نهر الليطاني والحدود الشمالية لفلسطين مع لبنان. وأضاف أولمرت أن جيش الاحتلال سيواصل الاحتفاظ بالحزام الأمني حتى يصدر مجلس الأمن قراراً بتشكيل قوة دولية، تتولى السيطرة على هذه المنطقة. وزير الداخلية الإسرائيلية روني بارعون المقرب جداً من أولمرت، شدد على أن القوة الدولية ستتولى عملياً المسؤولية عن المواجهة العسكرية المستقبلية مع قوى المقاومة اللبنانية بعد تسلمها المنطقة، لذلك، فأن بارعون يشدد على أن عناصر القوة الدولية يتوجب أن يكونوا عناصر مدربين من ناحية عسكرية حتى يكون بإمكانهم مواجهة حزب الله. وقال بارعون أنه من الممكن أن يكون ضمن عناصر القوة الدولية جنود مصريين وسعوديين. وشدد ن على أن القوة الدولية ستكلف أيضاً بالتمركز على الحدود السورية اللبنانية وذلك لمنع عمليات تهريب السلاح من لبنان الى حزب الله عن طريق هذه المعابر. وتملص بارعون من تساؤول محاوره الصحافي رازي بركائي الذي قال له " لماذا تتوقع أن توافق الدول الاوروبية والعربية على ارسال جنودها ليكونوا هدفاً لعناصر حزب الله وليقوموا بالعمل الذي يتوجب أن يقوم به الجيش الإسرائيلي ".

التشديد الإسرائيلي على أن الهدف في المرحلة الحالية هو السيطرة على حزام أمني لا تثير الانطباع لدى المعلقين العسكريين والجنرالات المتقاعدين الذين يجمعون على أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة الفاصلة بين الحود ونهر الليطاني ليست مشكلة، حيث أن الجيش الإسرائيلي بامكانه أن يسيطر على هذه المنطقة في غضون يومين على اكثر تقدير. لكن المشكلة الحقيقية كما يقول العديد من هؤلاء الجنرالات تكمن في حقيقة أن الجيش الإسرائيلي لا يواجه جيشاً يمكن طرده من منطقة محددة، بل يواجه مقاتلين مدربين على حرب العصابات. وأكثر مما يميز عناصر حزب الله مقارنة بكل عناصر الميليشيا في العالم - كما يرى هؤلاء الجنرالات الذين تولى بعضهم في الماضي المسؤولية عن حملات عسكرية ضد الحزب – هو القدرة على الاختفاء، ومفاجأة جيش الاحتلال في الوقت والمكان الذي لا يتوقعه الجيش الإسرائيلي. ويشير جميع المعلقين الى تجربة بلدة " مارون الراس "، التي أعلن جيش الاحتلال أنه احتلها عدة مرات، لكن في كل يوم تقريباً يفاجئ مقاتلو المقاومة الإسلامية عناصر الوحدات المختارة الإسرائيلية العاملة في المنطقة بكمائن مسلحة. وكما يقول اليكس فيشمان المعلق العسكري لصحيفة " يديعوت احرنوت "، أن أحد الدلائل التي تثبت حجم الحماقة المتمثلة في دفع الجيش الإسرائيلي كل هذه التضحيات من أجل اقامة حزام أمني، هو قدرة المقاومة الإسلامية على قصف العمق الإسرائيلي من مناطق تقع الى الشمال من نهر الليطاني، وتحديداً من بلدة " النبطية ". ويتساءل الكثير من المعلقين عن الجدوى من هذا الحزام في حال تواصلت عمليات اطلاق الصوايخ على العمق الإسرائيلي. وتكتسب هذه التساؤلات أهمية بعدما أفادت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن المقاومة الإسلامية تستعد لإطلاق صواريخ على تل ابيب وعلى المدن تقع الى الجنوب من تل ابيب، في حال واصلت اسرائيل قصف بيروت ومحيطها. ولا يختلف إثنان من المعلقين على أن نجاح المقاومة الإسلامية في استهداف العمق الإسرائيلي بعد أكثر من ثلاثة اسابيع على الحرب يمثل " فضيحة " للدولة العبرية وجيشها، كما قال معلق الاذاعة الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية صباح اليوم ال خميس.

الانتقادات لمصداقية أولمرت تتواصل

من ناحية ثانية تواصلت الانتقادات لمصداقية اولمرت وأهليتته كرئيس للوزراء، في اعقاب تصريحاته التي قال فيها أن الحرب الحالية حققت انجازات غير مسبوقة لإسرائيل. افتتاحية صحيفة " هآرتس " في عددها الصادر اليوم الخميس قالت أن اولمرت أراد من خلال ذلك محاولة رفع معنويات الجمهور الإسرائيلي. لكن الصحيفة اعتبرت أن ذلك غير مبرر مطلقاً، معتبرة أنه في الوقت الذي يعتمد فيه القادة الإسرائيليون على لغة الخطابة، يعتمد حزب الله على لغة الفعل فقط. وشددت الصحيفة على أن أكبر مؤشر على صدقية حزب الله هو قدرته على مواصلة قصف العمق الإسرائيلي. من ناحية ثانية وبعد صمت طويل تحدث المؤرخ والمفكر الإسرائيلي الكبير توم سيغف الذي تحدث بمرارة في مقال في صحيفة " هارتس " في عددها الصادر اليوم الخميس عن انعدام مصداقية قادة الجيش وترددهم وعدم اقناعهم للجمهور بأنهم حققوا انجازات في هذه الحرب.

" لنعيد تقييم علاقاتنا مع امريكا "

المؤرخ سيغف اعتبر أن للولايات المتحدة دور كبير في توريط اسرائيل في هذه الحرب. وشدد على أنه كان الأجدر بالحكومة الإسرائيلية ألا تستمع لدعوات واشنطن التي أغرت تل ابيب بشن الحرب على لبنان. واعادة سيغف للأذهان حقيقة أن الولايات المتحدة تنقصها الدراية بكيفية التعامل مع الشرق العربي، وذلك بخلاف دول أوروبا. وقال سيغف أنه كان من الأفضل لإٍسرائيل لو وافقت على إجراء مفاوضات من أجل تأمين اطلاق سراح الجنديين الأسيرين. ويذكر أن الكثير من المعلقين والساسة اليساريين في إسرائيل من أعتبر أن هذه حرب تشنها إسرائيل ب " الوكالة " عن امريكا، وهي في النهاية لن تخدم لا اسرائيل ولا امريكا، كما قالت زهافا غلون رئيسة كتلة حزب " ياحد " في البرلمان الإسرائيلي.

" صديقي عمير لقد ورطوك "

الى ذلك وجه الشاعر الإسرائيلي نتان زاخ، الذي يعتبر من اشهر الشعراء في إسرائيل رسالة الى صديقه عمير بيريتس لافتاً نظره الى أن أولمرت قد ورطه عندما غرر به و اقنعه بالموافقة على تولي منصب وزير الدفاع. وفي مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الخميس، قال زاخ أنه كان أكثر الإسرائيليين الذين تحمسوا لقيادة بيريتس، وعلقوا عليه أمالاً، لكنه خيب ظنه وأماله عندما تبين له أنه بالامكان التغرير به على هذا النحو ". وأضاف أنه اتصل ببيريتس قبل يومين هاتفياً واطلعه على موقفه من الحرب التي وصفها بأنها " بائسة ويائسة ". واعتبر زاخ الذي خدم في صفوف جيش الاحتلال منذ العام 48، أن السبب وراء اندلاع الحروب هو عدم استعداد إسرائيل لدفع الثمن المطلوب في التسويات السياسية.