الإعلامية ماريا معلوف

يدخل الاستثمار السوري لأول مرة مجال الصحافة العربية الدولية من خلال صحيفة سياسية يومية تنطلق من مدينة الاعلام في دبي خلال الشهور القادمة، بالاشتراك مع مستثمرين لبنانيين وبرخصة لبنانية قديمة، الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين انطلاقا لاستراتيجية إعلامية سورية تدعم الموالين لها في لبنان وتركز على ترويج الرؤى السورية بشأن القضايا الدولية.

يتوازى ذلك مع تأسيس منطقة اعلامية حرة في دمشق في العام الماضي، والحديث عن قرب صدور صحف وقنوات تليفزيونية خاصة "لا تخضع لأي رقابة"، حسب ما تقول المصادر الإعلامية السورية.

ووقع الاختيار على الاعلامية والصحافية اللبنانية ماريا معلوف لترأس تحرير هذه الصحيفة التي ستحمل اسم "الرواد" مستفيدة من رخصة صحيفة لبنانية اسسها الصحافي الراحل بشاره مارون وكانت تحمل الاسم نفسه، وبالتالي تعتبر ماريا أول امرأة تتولى رئاسة تحرير صحيفة سياسية يومية عربية.

وبرغم أن القائمين على مشروع الصحيفة ناقشوا خلال الأسابيع الماضية تقييما لامكانية صدورها من المنطقة الاعلامية الحرة في دمشق، "مع احتفاظهم باستقلاليتهم وعدم خضوعهم لأي رقابة فيما يطرحونه من قضايا" حسب ما تؤكده معلوف، إلا أنها ترى مدينة الاعلام في دبي هي المرجحة حاليا، خصوصا أنها زارتها قبل أيام قليلة للتباحث حول بعض الإجراءات.

وقالت ماريا لـ"العربية.نت" إن مكتبها كرئيس تحرير سيكون في هذه الحالة في دبي بالاضافة لمكاتب التحرير الرئيسية، ومكاتب فرعية في كل من باريس ودمشق وبيروت.

ومع أن ماريا تصر على أن "الرواد" ستصدر بأموال مستثمرين صغار من سورية ولبنان، فإن بعض المراقبين يؤكد استحالة صدور صحيفة بهذه الكيفية والامكانيات من دون وجود ممول رئيسي قوي، وهو الذي أشارت إليه مصادر في بيروت بأنه رجل أعمال سعودي.

ماريا تنفي ذلك تماما وتقول: هذه اشاعات فلا يوجد رجل اعمال سعودي يدعمنا، وليس هناك ممول رئيسي، فقد عملنا دراسة عبر شركة حسابات مالية لاشراك عدد من المستثمرين الصغار في المساهمة، لأننا نريد الابتعاد بالصحيفة عن أية سطوة مالية تؤثر على استقلاليتها.

واستطردت: في الأصل ستشترك ثلاث مؤسسات اعلامية في اصدار "الرواد" وهي شبكة فولتير الفرنسية، وشركة الخليج للطباعة والنشر اللبنانية، ومؤسسة "أورينت جروب" السورية.

إلا أن مصادر إعلامية أشارت إلى أن معظم الصحف العربية الكبرى لا تستطيع تحقيق أرباحها إلا بعد سنوات مما يتطلب وجود ممولين لهم أهداف "غير تجارية".

من جهة أخرى تنفي معلوف ما تردد بأن الخط السياسي للصحيفة سيعبر عن اللبنانيين الموالين لسوريا، مؤكدة استقلاليتها التامة وانحيازها للحقيقة أينما وجدت، إلا أنها في نفس الوقت تقول معلوف بأنها تستشف في الأفق استقرارا في سوريا وفضاء مفتوحا للاعلام جعلها وزملاءها يخوضون ما تسميه "مغامرة" صحيفة لبنانية سورية مشتركة "لا تخضع لأي نوع من الرقابة السياسية".

وتقول لـ"العربية.نت" هذه التجربة القائمة على الدمج بين اعلاميين سوريين ولبنانيين في صحيفة مستقلة، تنطلق من قراءتنا بوجود استقرار نوعا ما في سوريا، فالمشاكل بين السوريين والأمريكيين في طريقها إلى الحل.

وبدأت إدارة الجريدة اتصالاتها مع كتاب وصحافيين عرب للاسهام في الجريدة، لكن ماريا تتحفظ على ذكر اسمائهم لأن بعضهم يمثل "مفاجأة كبرى"، وستكون هيئة التحرير خليطا من صحفيين لبنانيين وسوريين يتمتعون بخبرات كبيرة، تحفظت ماريا كذلك على اسمائهم بقولها "لم نوقع أي عقود معهم بعد".

وتعترف ماريا معلوف بأنه جرت مفاضلة طويلة بين دمشق ودبي، وأن الاتجاه نحو دبي جاء بسبب ما يمكن أن يصب في الصورة الذهنية عن مستوى الاعلام السوري الذي يحتاج لاصلاح تدريجي، لكن إنشاء منطقة اعلامية حرة في دمشق يمنح الأمل والتفاؤل بأن الاعلام السوري قادم إلى تطور خصوصا بعد صدور جرائد خاصة آخرها "الوطن"، وهناك أيضا قنوات تليفزيونية خاصة ستنطلق قريبا منها "الدنيا" وهذا يعني أن هناك اعلاما منفتحتا قادما على الطريق حسب قولها.

أما عن تجاهل بيروت في المفاضلة فقالت: دمشق سبقت لبنان بتأسيس المنطقة الحرة التي نفهم أنه لن توجد فيها رقابة خاصة أن معاييرنا تتمسك بسقف حريات عال جدا، وباثارة قضايا حساسة بمهنية تتمتع بالخبرة والحيوية، وهذه المعايير هي نفسها التي جعلتنا نرجح مدينة الاعلام في دبي.

وتتابع ماريا: نحن نريد ان نسير على نفس طريق الصحف التي تصدر في بريطانيا بحيث لا يحكمنا قانون اعلام، فالملاحظ في لبنان حاليا أن الصحفيين يساقون للتحقيق كأنهم مجرمون وليس وفقا لقانون المطبوعات، ولذلك لا نريد الاصطدام بالحكومة اللبنانية والقانون، وبقضاء لبنان الذي نحترمه ونقدره ولكننا نهدف لفضاء صحافي مفتوح.

وترى أن هناك ضرورة ملحة لصدور صحيفة مستقلة تغطي بؤر التوتر مثل فلسطين والعراق ولبنان وسوريا ومصر ومخاوف الخليج من ايران، وهي تجربة سورية لبنانية جديدة كمنبر لمعالجة كافة القضايا العربية.

وأضافت أن كتابا عالميين خصوصا من أمريكا اللاتينية سيكتبون خصيصا للصحيفة من خلال مركز تحريري في باريس بالتعاون مع المؤسسة الاعلامية الفرنسية "شبكة فولتير".

أعد العدد:
حكيم إدلسان