حصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على دعم البرلمان لتنفيذ خطته الأمنية في بغداد، وتعهد «عدم تركها ملاذاً للارهابيين وعدم توفير مسجد أو حسينية أو مركز حزبي اذا اتخذت مأوى للارهاب»، ووجه انتقادات حادة الى «بعض الغرباء عرباً وغير عرب»، من دون ان يسمي أي دولة.

وكان لافتاً ان التيار الصدري قدم دعماً غير مشروط لخطة المالكي، وفسر موقف التيار بأنه محاولة لتجنب المواجهة مع القوات الأميركية، خصوصاً أنه كلف مسؤولاً كبيراً «التفاوض» مع الأميركيين نيابة عن القادة الميدانيين لـ «جيش المهدي».

الى ذلك، قتل امس 41 عراقياً، بينهم 25 قضوا ضحايا انفجار سيارة مفخخة يقودها انتحاري في منطقة الكرادة.

وبعدما حض السياسيين من كل التيارات على تأييد الخطة التي ستدعمها قوة أميركية من حوالي 17 ألف جندي، قال المالكي انه على علم بأن «مجرمين فروا من بغداد، وآخرين فروا من البلاد». واصفا ذلك بأنه «أمر جيد لانه يظهر أن رسالة الحكومة تؤخذ مأخذ الجد».

لكن معلومات تداولتها وسائل الاعلام وسياسيون عراقيون اشارت الى عزم معظم أطراف الصراع على تجنب المواجهة الآن وانتظار ما قد تؤول إليه الامور بعد تطبيق الخطة الامنية. فيما قالت مصادر مقربة من ميليشيا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ان «أوامر واضحة وصلت الى قيادات التنظيم لتجنب الاشتباكات»، وان بعض عناصر «جيش المهدي» غادر بالفعل الى محافظات الكوت وبابل والتاجي (شمال بغداد)، وغادرت قيادات في هذه الميليشيا الى دول مجاورة.

وكان السفير الاميركي لدى العراق زلماي خليل زاد أعرب الثلثاء عن مخاوف من احتجاب «المسلحين عن الانظار الآن كي يقاتلوا في يوم آخر».

ويبدو ان المالكي استطاع تجاوز أزمة الخيارات الصعبة بين الضغوط الاميركية وضغوط تيار الصدر، حليفه الرئيسي الذي يدين له بتولي منصبه عبر اقناع الأخير بالتهدئة وتجنب الصدامات مع الاميركيين، خصوصاً في بغداد التي قال انها ستكون «نقطة محورية وحاسمة في القضاء على العنف».

وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» ان «جيش المهدي» خوّل «رحيم الدراجي، مدير بلدية مدينة الصدر التفاوض نيابة عن القادة الميدانيين مع المسؤولين العسكريين الأميركيين وعرض خطّة لتجنّب المجابهة المسلّحة».

وقال احد مساعدي الصدر لـ «الحياة» أمس ان «أكثر من باب للحوار مع القوات الاميركية فتح حديثاً عبر أطراف عدة، وان الايام المقبلة لن تشهد أي تصعيد أمني على يد التيار الصدري الذي ربما يسمح بدخول سلمي للقوات الاميركية الى المدينة للتفتيش عن الاسلحة والمطلوبين».

وأعلن النائب بهاء الاعرجي (التيار الصدري) امس تأييد كتلته الخطة الجديدة ومنح رئيس الحكومة حرية التصرف في إجراء تعديلات وزارية. وقال إن «الكتلة الصدرية مستعدة لتغيير جميع وزرائها وتمنح المالكي صلاحيات جلب وزراء من خارج التيار اذا اتخذ باقي الكتل الخطوة ذاتها».

لكن الدعم الذي حصل عليه المالكي لم يكن مطلقاً، فقد حصل تلاسن بينه وبين النائب عبد الناصر الجنابي (جبهة التوافق) السنية. وقال الجنابي ان «الجبهة لا تثق بالحكومة»، وطالب بفك الحصار عن المدنيين في شارع حيفا ووقف «عمليات الفصل الجماعي التي طاولت ضباطاً في الجيش «. ولفت الى «تداخل سياسي في اصدار الاحكام ضد المعتقلين في وزارتي الداخلية والدفاع». فقاطعه المالكي بالقول: «تثق بالحكومة عندما احيل ملفك الى الجهات المختصة، وتطالبنا بفك الحصار عن مناطق يسكنها ارهابيون ولا تتحدث عن خطف 150 عراقياً في منطقة البحيرات وأنت مسؤول عنها». وعكس اللغط الذي ساد الجلسة امس حال الاحتقان الطائفي العام في العراق مع دخول رئيس الوزراء طرفاً في تبادل الاتهامات، ما اعتبره نواب اشارة الى الانفصال بين الخطاب السياسي المعلن وحقيقة ما يجري على الارض.

الى ذلك، كشف نائب عن كتلة «الائتلاف» الشيعية لـ «الحياة» تشكيل كتلة جديدة باسم «التضامن» تضم نوابا من «الائتلاف»، واكد ان «الكتلة الجديدة تشكلت برغبة من عدد من الاخوة والاخوات في الائتلاف»، لافتا الى انها ولدت من رحم «الائتلاف» وستظل تحت خيمته، وسيكون لها برنامج وطني بعيداً عن الطائفية وما فرض على العملية السياسية من مواصفات طائفية.

أمنياً، قُتل أمس 41 عراقياً بينهم 25 سقطوا بانفجار سيارة مفخخة يقودها انتحاري في منطقة الكرادة (وسط بغداد)، أسفرت أيضاً عن وقوع حوالي 50 جريحاً. ولحقت أضرار جسيمة بحافلة ركاب كبيرة، غالبية ركابها من النساء. وكان الانفجار قوياً جداً أدى الى احتراق سيارات وهدم أحد المباني وإلحاق أضرار بالغة في المحلات التجارية والمباني المجاورة. وسقط 16 قتيلاً في أعمال عنف متفرقة بينهم ثلاثة سقطوا في عملية انتحارية شهدتها الفلوجة، علاوة على تفجيرين في بغداد.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)