الرئيس العراقي جلال طالباني ليس محبوبا في أوساط العراقيين الذين لجأوا إلى سوريا ويقيمون في الفلوجة الجديدة، أحد أنحاء دمشق العاصمة السورية.

يقول عمدة الفلوجة الجديدة «لا تعليق لديه» حول الزيارة التي قام بها طالباني إلى دمشق مؤخرا، ولكن العراقيين الآخرين ليس لديهم أية تحفظات فأحدهم قال «كلهم خونة» في إشارة إلى رجال الحكومة العراقية، وقالت امرأة بهدوء «مازلت اعتبر صدام حسين هو رئيسي».

اللاجئون العراقيون غاضبون بشكل رئيسي بسبب عجز حكومة بغداد عن توفير الأمن في العراق وهم قلقون من ان تكون نتيجة التقارب الأخير بين سوريا والعراق وضع ضغوط عليهم للعودة إلى العراق.

ففي شهر نوفمبر الماضي استأنفت سوريا والعراق العلاقات الدبلوماسية بعد انقطاع دام حوالي ربع قرن، وحتى الآن اتخذت كل من السلطات السورية والعراقية خطوات مترددة، مما يجعل من الصعب تجديد الفيز وجوازات السفر في دمشق.

كان لدى سوريا أعداد كبيرة من اللاجئين العراقيين قبل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، ولكن هجرة العراقيين هربا من تفشي العنف في بلادهم أخذت منحى دراماتيكيا وتقدر وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن هناك 2 مليون لاجئ عراقي وحوالي 7‚1 مليون لاجئ عراقي نزحوا عن مواطنهم الأصلية في داخل العراق.

ان معظم الذين لجأوا إلى البلدان العربية المجاورة مثل الأردن وبشكل خاص سوريا لأن الأردن شدد من إجراءات التحكم بالهجرة خلال العامين الماضيين.

ويقدر مكتب وكالة اللاجئين الدولية في دمشق وجود ما بين 000‚500 إلى مليون لاجئ عراقي في سوريا، وقد طلبت الوكالة هذا الشهر من المجتمع الدولي مساعدات إضافية بقيمة 600 مليون دولار لغوث اللاجئين العراقيين، حيث سيخصص ربع هذه المساعدات للاجئين العراقيين في سوريا، وبعض هذه المساعدات سوف تقدم مباشرة إلى أنظمة الرعاية الصحية والتعليم السورية التي تعاني من ضغوط كبيرة بسبب العبء الإضافي للاجئين العراقيين.

وتأمل وكالة اللاجئين الدولية بأن تعمل المساعدات الدولية على تخفيف تذمر السوريين من اللاجئين الجدد، هذا ما يقوله لورينز جوليز ممثل وكالة اللاجئين الدولية في سوريا، الذي أضاف يقول: هناك بدايات تذمر مع بداية تأثير اللاجئين على البنية التحتية والخدمات واستدرك قائلا: ان سوريا دأبت على الترحيب بالعراقيين ولا توجد أمامهم أية قيود بالمقارنة مع البلدان الأخرى في المنطقة، ولكن التذمرات تعتبر طبيعية في الأوضاع التي يشكل فيها اللاجئون عبئا على الموارد ويدفعون إلى ارتفاع الأسعار ويتنافسون على الوظائف المتاحة.

لكن مسؤولا سورياً نفى وجود أية نية لوضع قيود على اللاجئين العراقيين، وقال ان ذلك يتناقض مع سياسة سوريا للتضامن العربي، فسوريا دأبت على الدوام على معارضة الغزو الأميركي للعراق، وقد تم توجيه التهمة لها من قبل كل من بغداد وواشنطن بتقديم المساعدة للمقاومة المسلحة العراقية.

تمكن اللاجئون العراقيون في سوريا من توفير وضع مربح لهم، ففي الفلوجة وهي منطقة في دمشق تعيش فيها أغلبية مسيحية تعرف باسم جرمانا، حيث موجود فيها المطاعم والمقاهي وخدمات سيارات الأجرة التي تربطهم ببغداد.

ففي مكتب العبد للتاكسيات يقول صاحب المكتب انه لم يعد هناك أحد يسافر إلى بغداد، ولكن مئات السيارات تجتاز الحدود يوميا عند نقطة التنف في الاتجاه الآخر إلى داخل الأراضي السورية، فتدفق اللاجئين العراقيين إلى الأراضي السورية ازداد بكل تأكيد منذ فصل الصيف الماضي.

كما لاحظت وكالة اللاجئين الدولية تزايدا جديا عقب تفجير حسينية للشيعة من قبل الثوار السنة في سامراء في شهر فبراير الماضي والذي آثار موجة جديدة من أعمال القتل الطائفية.

رغم ان الكثيرين من اللاجئين يفضلون الحصول على لجوء سياسي في بلدان غربية والأمم المتحدة تعد برنامج إعادة توطين محدود لأكثر الجماعات تعرضا للمخاطر، إلا أن معظم العراقيين يحلمون بالعودة إلى وطنهم عندما تسمح الظروف بذلك.

هذه الأحلام يجري تجسيدها على مسرح في وسط دمشق، حيث يحضر مسرحية «الحنين للوطن» الكثيرون من اللاجئين العراقيين، ويشارك في العمل المسرحي شلة من الكوميديين العراقيين، ويقول أحد أفراد جمهور المسرحية: نحن نفتقد كل شيء عن العراق، الطعام والثقافة ومجرد العيش معا.

في نهاية المسرحية يخاطب الممثلون الجمهور ويدعونهم للعودة إلى العراق، ولكن الممثل عامر جهاد يعترف ان هذه الدعوة ليست واقعية في الوقت الحالي، كما اننا لا نستطيع عرض هذه المسرحية في بغداد في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه.

مصادر
الوطن (قطر)