اختتم رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري أمس، لقاءاته في موسكو باجتماع عقده مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي (الدوما) قسطنطين كوساتشوف.

ونقلت وكالة «يو بي آي» عن وكالة «نوفوستي» الروسية ان كوساتشوف قال بعد اللقاء الذي دام ساعة وربع الساعة: «إن روسيا لا تؤيد التسرع غير الضروري في التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتدعو إلى تنظيم العمل في هذا المجال بالشكل الذي يضمن تكاتف المجتمع اللبناني وليس إحداث انشقاق فيه»، مؤكداً أن بلاده «تؤيد جميع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تتعلق بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في اغتيال الحريري، ولكن من الضروري الأخذ في الاعتبار جميع التفاصيل والجوانب القانونية لهذه القضية».

ونقلت وكالة «نوفوستي» عن كوساتشوف قوله إن الأزمة السياسية الداخلية في لبنان «تهدد البلد بخطر اندلاع حرب أهلية كما تفرغ الجهود التي ترمي إلى تطبيع الوضع بما في ذلك الدعم المادي الخارجي من مضمونها».

وأكد كوساتشوف أن الاجتماع مع الحريري كان «مثيراً جداً للاهتمام، وأعتقد بأننا كنا متفقين حول كل المسائل المهمة المتعلقة بالوضع القائم حالياً في لبنان»، مشيراً إلى أن بلاده تتابع «باهتمام بالغ التطورات، ونعتقد بأن الحل الوحيد للازمة الحالية، التي لن أقول أبداً إنها حرب أهلية، سياسي يجب التوصل إليه من خلال حوار سياسي داخلي»، ولفت إلى أن الحريري «أكد ترحيبه بهذا الحوار وكذلك الغالبية النيابية والحكومة اللبنانية. هذا أمر مهم جداً ويجب ألا يحصل في هذا الحوار أي تدخلات خارجية».

وأشار كوساتشوف إلى ان «باستطاعة الدول الاكثر مجاورة للبنان ان تلعب دوراً فاعلاً وبناء جداً في التوصل الى حل للازمة، لكنها لسوء الحظ لا تضطلع بهذا الدور حالياً بل على العكس»، موضحاً ان «روسيا وعدداً من الدول الأعضاء في اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط يمكنها المساهمة في شكل كبير في التوصل إلى حل للازمة، وان موسكو تدعم بالطبع الحكومة الحالية والغالبية النيابية في لبنان بهدف إنجاز هذا الحل السياسي».

وبدوره، اعتبر الحريري أن «فهم الوضع في لبنان هو بمثابة فهم للوضع في المنطقة، التي تحتاج إلى لاعب قوي كروسيا يضطلع بدور مهم فيها»، آملاً في «ان يستمع اصدقاء روسيا الى نصيحتها لأنني اعتقد انهم اذا استمعوا اليها فلن تكون هناك نزاعات».

وكان الحريري زار أول من أمس، رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ايغور ايفانوف في الكرملين وعقد معه اجتماعاً استمر ساعة وربع الساعة، وحضره النائب باسم السبع والنائب السابق غطاس خوري ومستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان.

واعتبر ايفانوف ان «مؤتمر باريس-3 لمساعدة لبنان شكل دليلاً إضافياً للتضامن الدولي مع لبنان»، معرباً عن أسفه « لأن الوضع اللبناني ما زال متوتراً، ونحن نتوقع توافق القوى السياسية اللبنانية للوصول الى حل للمشاكل ولاستقرار لبنان».

ثم أشار الحريري الى ان موقف «روسيا كان مشرفاً لبلادنا من خلال دعمها لها في مختلف المجالات ووقوفها الى جانب مسألة إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المجرمين الذين اغتالوا الرئيس الحريري، والتي تشكل أساساً للاستقرار في لبنان»، مجدداً التأكيد «اننا مع الحوار في لبنان ولا نريد غير الحوار».

وكان الحريري استهل لقاءاته في موسكو باجتماع عقده مع نائب رئيس مجلس الدوما ارتور تشيلينغاروف، في حضور الوفد اللبناني المرافق.

وفي مستهل اللقاء، خاطب تشيلينغاروف الحريري، بالقول: «لقد حافظت على كل الصفات الجيدة التي كان يتمتع بها والدك الذي كان صديقاً كبيراً لي ولروسيا، لقد ورثتم عنه الحكمة، وكلنا ثقة بأنكم ستتمكنون من لعب دور فاعل في استقرار بلدكم».

ودعا نائب رئيس مجلس الدوما إلى إيجاد حلٍّ وسط مع المعارضة في لبنان من طريق المؤسسات الدستورية وفي مقدمها البرلمان اللبناني، مؤكداً ان بلاده ضد أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية اللبنانية.

وفي حديث إلى تلفزيون «راشا توداي» في موسكو، قال الحريري: «اننا في 14 آذار لن نتخذ أبداً قراراً باندلاع الحرب الأهلية وأننا نفضل ان نموت على ان نمضي في حرب أهلية لأن لبنان دفع الكثير من الدماء منذ العام 1975 وصولاً الى سلسلة الاغتيالات التي حصلت بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، ونريد ان نعيش مع الجميع في بلد ديموقراطي يؤمن بالسلام من دون أي تدخل في شؤوننا الداخلية»، لافتاً الى أن «الناس في هذه الأيام تعتقد بأن الأفق مسدود، وانه لم يعد هناك حوار وان الامور تسير نحو مزيد من التعقيد»، موضحاً أن «المنطقة كلها تمر في وضع صعب وهي في حاجة لإيجاد حلول لكل المشاكل الموجودة فيها. لهذا السبب أتيت الى موسكو حيث يلعب الرئيس فلاديمير بوتين دوراً إيجابياً كما فعل دائماً، في حلِّ مسائل عدة في الشرق الأوسط».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)