مع تفاقم الورطة الأميركية في المستنقع العراقي هل يستذكر جورج بوش أن كبار حلفائه الأوروبيين ـ خاصة شيراك الفرنسي وشرودر الألماني ـ نصحوه محذرين من مغبة غزو أميركي للعراق؟

الآن، ومع ظهور مؤشرات بأن بوش تراوده فكرة توسيع نطاق الحرب لتشمل إيران يتساءل وزير خارجية ألمانيا السابق يوشكا فيشر في مقالة صحفية: هل يمكن للسياسيين أن يتعلموا من التاريخ؟ أم أنهم ينساقون بدوافع غير عقلانية لتكرار نفس الأخطاء رغم دروس الماضي الكارثية.

وانطلاقاً من هذا التساؤل الازدواجي يتساءل فيشر عن الهدف من التحشيد العسكري الأميركي في الخليج قائلاً: إن هناك احتمالين:الاحتمال الأول أن إدارة بوش تهدف إلى تهديد إيران عسكرياً بغرض تمهيد الطريق لمفاوضات أميركية جادة مع طهران، ولا يرى فيشر بأساً في ذلك.

أما الاحتمال الثاني فهو أن إدارة بوش تسعى لتهيئة الجمهور الأميركي لحرب أميركية ضد إيران، ويعلق فيشر على هذا الاحتمال قائلاً إن النتيجة ستكون كارثة بلا حدود.

الوزير الألماني السابق يطرح هذه القضية على خلفية ما أطلق عليه بوش استراتيجية «جديدة» بشأن العراق.ويقول الوزير إن الجديد الوحيد في هذه الاستراتيجية هو توسيع مداها لتتجاوز العراق إلى إيران. وفي هذا الصدد اتهم بوش إيران بالتدخل في العراق وتهديد وحدة أراضيه وتعريض القوات الأميركية للخطر مع تهديد حلفاء أميركا في المنطقة.

وبإيجاز ـ يقول فيشر ـ إن إيران أصبحت الآن بؤرة للتركيز الأميركي بما يعيد إلى الأذهان المرحلة التحضيرية التي سبقت شن الحرب الأميركية على العراق.

وهنا يقول الوزير الألماني السابق إن تسديد ضربات جوية أميركية على إيران لن يجعل العراق أكثر أمنا بل ستكون النتيجة العكس تماما. كما أن المنطقة لم تنعم باستقرار بل أنها سوف تنزلق إلى هوة لا قرار لها. ثم أن هدف تغيير النظام في إيران لن يتحقق، بل أن الأرجح هو أن من يعتبرهم الغرب عناصر ديمقراطية نسبياً في طهران سيدفعون ثمناً باهظاً. ثم أن النظام الإسلامي الحاكم سيزداد قوة.

هل هناك خيار بديل أمام إدارة بوش؟

يقول فيشر إن الخيارات السياسية لإعادة الاستقرار للعراق وللمنطقة بأكملها ولتحقيق تجميد برنامج إيران النووي لم تنفذ بعد، عند هذا المنحنى يعود بنا فيشر إلى بداية القصة فيقول إن ما يجري في العراق كان قابلا للتنبؤ منذ الوهلة الأولى وأن شركاء أميركا وأصدقاءها تنبأوا به بصورة واضحة من خلال تحذيراتهم لإدارة بوش.

ويضيف فيشر:إن الخطأ الذي يبدو أن الولايات المتحدة ربما أصبحت على وشك ارتكابه (ضرب إيران) هو أيضاً قابل للتنبؤ بنفس القدر وهو تصويب حرب خاطئة في العراق لن يتحقق عن طريق توسيع نطاقها لتشمل إيران.

إن استراتيجية «تغيير النظام» بواسطة القوة العسكرية ـ يقول فيشر ـ هي التي قادت الولايات المتحدة إلى الكارثة العراقية، فبينما كان دخول العراق والإطاحة بنظام صدام حسين أمرا سهلاً فإن أميركا باتت الآن متورطة لا تدري كيف تنتصر أو كيف تخرج.

إن أي خطأ لا يصحح عن طريق تكراره، فهل يسمع جورج بوش أم يبقى أسير أجندة المجموعة اليهودية التي يطلق عليها «المحافظون الجدد»؟

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)