نستطيع استقبال نائب الرئيس الأمريكي بشعار غير مسبوق، فهو القادم كي يحشد بعض دول المنطقة ضد إيران، فإنه أيضا يقدم مشروعا للنموذج الجديد في تكسير الدولة .. ابتداء من كسر "القرار الداخلي" وانتهاء بإعادة رسم "الديمقراطية" على مساحة الجماعات بدلا من المجتمع.

ورغم التباعد ما بين "حشد" المنطقة" ضد إيران، والتعامل مع مفهوم الدولة، فإن المهمة يمكن أن تصبح متقاربة أكثر من المعتاد، لأن المسألة في الموضوع الإيراني مرتبطة بالدرجة الأولى بموضوع الملف النووي الإيراني الذي مهما اختلفت أهدافه، لكن الإدارة الأمريكية تملك صورة واحدة له يعتمد على عدم كسر التوازن.

الولايات المتحدة لا تنظر إلى القوة النووية في شبه القارة الهندية بنفس الزاوية التي تراها في إيران، والسبب هو تداخل الشأن الإيراني مع باقي دول المنطقة، حيث يظهر التوازن في ظهور "دولة" مدعومة بقوة "علمية" بالدرجة الأولى. بينما من المفترض أن "الشرق الأوسط" هو نقطة تحول إلى "دول" ما قبل العلم.

"الدولة العلمية" هي المفهوم المناقض اليوم للتشكيلات التي يروج لها على قاعدة الأزمات .. فديمقراطية الدولة ظهرت على أساس من الأزمة والاحتلال، أو انهيار بعض المفاهيم. وتبدل النظرة إلى الدولة أو حتى ضرورة تطويرها يتم التعامل معه على أساس المواقف المعلنة لـ"النشطاء" أو السياسيين، عوضا عن طرحه كمجال للبحث والرأي، أو حتى "تعويم" هذا المفهوم ليتم تداوله وفهمه من الجميع.

عمليا فإن تشيني لا يحمل أي موضوع متعلق بالدولة ... ومهمته السياسية تدفع بشكل تلقائي عجلة التبدل نحو البحث عن قوة الدولة في "المواد الخام" بدلا من البحث العلمي، وهي في نفس الوقت تطرح "رسم الموقف السياسي" على أساس الخطر الذي "كان" في مرحلة ما قبل الدولة ...

بالطبع لن يوقف أحد جولة تشيني .. والاستراتيجية الأمريكية مستمرة وباقية لأن المصلحة الأمريكية تسير في هذا الاتجاه. بينما تبقى دول المنطقة ضمن إطار البحث عن موقف سياسي أو الهروب من ازمة ما، فتتكسر "قوة" الدولة ... أو ربما تتحول نحو اتجاه العصور الوسطى.