أبدت اللجنة الرباعية للشرق الاوسط التي اجتمعت امس في واشنطن على مستوى وزراء الخارجية، قلقها العميق لاستمرار الاقتتال بين حركتي المقاومة الاسلامية "حماس" و"فتح" ودعت الى احترام القانون والنظام. كذلك دعت الى إحياء المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية من أجل انهاء الاحتلال المستمر منذ عام 1967 واقامة دولة فلسطينية ديموقراطية تعيش بسلام مع اسرائيل، لكن الخلافات القوية بين واشنطن وموسكو على إشراك سوريا في العملية السلمية والتعامل مع "حماس" ألقت بظلالها على الاجتماع الاول للجنة في 2007، وانعكست في التصريحات المتناقضة لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الروسي سيرغي لافروف في المؤتمر الصحافي المشترك لاعضاء اللجنة بعد الاجتماع الذي استمر ساعتين في وزارة الخارجية الاميركية.
وشددت رايس على ضرورة احياء الاتصالات الفلسطينية – الاسرائيلية على رغم استمرار العنف بين القوى الفلسطينية.

البيان المشترك

وأيدت اللجنة، في بيان مشترك تلاه الامين العام للأمم المتحدة بان كي – مون، الاجتماع الثلاثي المقرر عقده قريبا في المنطقة بين رايس والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت وأملت "أن يستمر الحوار الهادف الى تحقيق نتائج والذي بدأ بين الزعماء الفلسطينيين والاسرائيليين، وأن يتقدم في اطار تجديد العملية السلمية، من أجل بدء مفاوضات ذات جدوى". وتعهدت متابعة الاتصالات الفلسطينية – الاسرائيلية عن كثب، وعقد اجتماعات دورية على مستوى الممثلين البارزين للجنة او على مستوى المبعوثين. وحضت الفلسطينيين والاسرائيليين على تطبيق الخطوات التي اتفق عليها بين عباس وأولمرت في الاجتماع الذي عقداه في 23 كانون الاول الماضي و"التوقف عن اتخاذ اي اجراءات يمكن ان تقرر سلفا عددا من المسائل التي يجب ان تحل خلال المفاوضات، وأن يطبق كل طرف تعهداته بموجب المرحلة الاولى من خريطة الطريق". وأكدت مجددا أهمية "خريطة الطريق" ورحبت بجهود واشنطن "للتعجيل في التقدم في خريطة الطريق". وأبرزت "أهمية مبادرة السلام العربية، وخصوصا تأكيدها الالتزامات المشتركة للحل المبني على الدولتين".
وكررت اللجنة دعوتها "الى وقف فوري وغير مشروط لكل اعمال العنف والارهاب". ونددت بالتفجير الانتحاري في ايلات آخر الشهر الماضي، ودعت مجددا الى وقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل. وأبدت "قلقها العميق من العنف بين الفلسطينيين"، داعية الى "اخحترام القانون والنظام" وأكدت دعمها لبناء المؤسسات الفلسطينية وتطوير الاقتصاد الفلسطيني.
وتحدث البيان عن استمرار المقاطعة الدولية لـ"حماس"، اذ قال ان اللجنة "دعت الى الوحدة الفلسطينية لدعم حكومة تلتزم اللاعنف وتعترف باسرائيل وتقبل الاتفاقات والالتزامات السابقة معها بما فيها خريطة الطريق". و"جددت اللجنة دعوتها السلطة الفلسطينية الى التزام هذه المبادئ".
وشارك في الاجتماع، الى الامين العام للامم المتحدة ورايس ولافروف، وزير الخارجية الالماني فرانك – فالتر شتاينماير، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، والمفوضة الاوروبية للعلاقات الخارجية والسياسة الاوروبية للجوار بينيتا فيريرو – فالدنر والممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن المشترك للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا.
واعتبرت اجتماعات اللجنة التي تضم الولايات المتحدة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا، مبادرة جديدة تتخذها اللجنة، على رغم شكوك العديد من المراقبين في احتمال تحقيق أي اختراقات حقيقية، في ضوء الضعف الراهن للحكومة الاسرائيلية التي تترنح تحت وطأة عدد من الفضائح المالية والجنسية، واقتتال القوى الفلسطينية، وانشغال الولايات المتحدة بحرب العراق.

رايس

وصرحت رايس بأن استمرار القتال بين الفصائل الفلسطينية "يجب الا يكون سببا لتفادي موضوع كيفية التوصل الى دولة فلسطينية". وقالت ان "توفير الافق السياسي للدولة الفلسطينية يمكن ان يساعد الشعب الفلسطيني على رؤية ما هو ممكن في اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل". لكنها رأت انه من السابق لاوانه في هذه المرحلة الحديث عن جدول زمني لاقامة الدولة الفلسطينية، وانه من المهم الحديث عن التزامات الولايات المتحدة واعضاء اللجنة الرباعية والاطراف الاخرى المعنيين في العالم لبذل جهود لاحراز تقدم سريع.
واشارت في هذا السياق الى الجهود التي تبذلها واشنطن عن طريق مبعوثها الجنرال كيث دايتون لاعادة بناء المؤسسات الامنية الفلسطينية لاستعادة الامن والنظام. وكانت واشنطن تعهدت تزويد اجهزة الامن الفلسطينية معدات غير قتالية بقيمة تزيد عن 80 مليون دولار.

الخلاف على سوريا

وبرز خلاف سريع بين رايس ولافروف في موضوع سوريا، اذ قال لافروف انه يؤيد مشاركة "جميع الاطراف الذين يمكن ان يساهموا في احراز التقدم في هذه العملية، وبالتأكيد في هذه الحال يمكن سوريا ان تضطلع بدور بناء". ولفت في هذا السياق الى ان مساهمة السوريين " في تسهيل الاجتماع بين أبو مازن (الرئيس عباس) والسيد (خالد) مشعل (رئيس المكتب السياسي لـ"حماس") في دمشق حديثا، وهذا اجتماع في رأينا جعل من الممكن التقدم في عملية الحوار بين الفلسطينيين ... وأود ان اشدد على انه عندما نتحدث ليس فقط عن حل النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي، بل عن حل المشاكل المختلفة في الشرق الاوسط، ان كنا نتحدث عن لبنان او سوريا، فاننا نعتقد انه ليس من المناسب عزل أي طرف".
وشدد على ان "حماس" هي قوة سياسية، وانه لا يمكن حل المشاكل في العالم من طريق "المقاطعة او العزل". ودعا الى العمل مع "حماس" ومحاولة التأثير على مواقف الحركة لقبول المبادئ التي دعت اليها اللجنة الرباعية،. وابرز ضرورة "العمل المستمر مع حماس، وهذا ما تفعله روسيا".
لكن حجج لافروف لم تقنع رايس التي كررت موقف حكومتها التقليدي والمعروف من الحوار مع دمشق، وهو القائل بأن "سوريا تدرك ما يتعين عليها ان تقوم به كي تكون طرفا يعزز الاستقرار، ليس فقط بالنسبة الى القضية الفلسطينية – الاسرائيلية، بل في المنطقة ككل، ولا تحتاج سوريا الى الولايات المتحدة لتقول لها ما يمكن ان تقوم به في هذا الوقت، وانه على سوريا ان تتصرف وفق ما هو واضح بالنسبة الى السير على طريق تعزيز الاستقرار في المنطقة".
وصرح شتاينماير بأن اللجنة تعمل من اجل تحقيق سلام شامل في المنطقة، وهذا يعني ضرورة "التحاور مع جميع الشركاء الاخرين غير اسرائيل وفلسطين، واعتقد اننا نشاطر الرأي ان سوريا يجب ان توضح انها مستعدة وعلى نحو بناء للمشاركة في عملية السلام".
وذكر ان اللجنة ستجتمع مجددا في برلين بعد لقاء رايس وعباس واولمرت منتصف شباط.

مصادر
النهار (لبنان)