بعد مقتل 25 فلسطينيا وجرح أكثر من 220 آخرين في اقل من 48 ساعة، وفي جولة من الاقتتال في قطاع غزة هي الاعنف اذ تخللتها اقتحامات متبادلة لمواقع مهمة لكل من حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وحركة "فتح" وأجهزة الامن الفلسطينية، كرر الفلسطينيون اعلان اتفاقهم على هدنة جديدة لا يعرف ما اذا كانت ستصمد امام اغواء الاهداف السياسية والصراع على السلطة .
واتفقت حركتا "فتح" و"حماس" على "تطويق الاحداث الدامية وتثبيت التهدئة" في اجتماع عقده ممثلون لهما في مقر الممثلية المصرية في مدينة غزة ظهرا، في رعاية الوفد الامني المصري المقيم بصفة دائمة في الاراضي الفلسطينية. الا ان اعلان تثبيت وقف النار لم يحل دون مواصلة الاشتباكات، مما ادى الى مقتل شخصين في بلدة عبسان شرق خان يونس، هما أحد أفراد القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية ومواطن فلسطيني، الى اصابة عشرة اشخاص بجروح .
وشارك في الاجتماع عن حركة "فتح" عبد الحكيم عوض واحمد حلس وسمير المشهراوي، فيما مثل حركة "حماس" نزار ريان وفتحي حماد وابو بكر نوفل.
وقال القيادي في "حماس" نزار ريان انه "تم الاتفاق على وقف النار وسيجري البحث على الارض في سبل التطبيق العملي لهذا الاتفاق" .
أما الناطق الاعلامي باسم "فتح" عبد الحكيم عوض، فأشار الى ان "اجتماعا آخر سيعقد الليلة ( امس) بين الحركتين في حضور وزير الداخلية سعيد صيام والمدير العام للامن الداخلي رشيد ابو شباك في اطار الجهود المبذولة لوقف النار".

الاشتباكات

وكانت جولة الاقتتال نشبت الخميس اثر استيلاء مجموعات تابعة لـ"حماس" على قافلة تحمل حاويات كبيرة لمواد غذائية وخيم تحرسها قوات من الحرس الرئاسي قالت "حماس" انها "أسلحة لفتح آتية من دولة خليجية كبرى".
وتواصلت الاشتباكات امس فاقتحم الحرس الرئاسي الجامعة الاسلامية في غزة بعد منتصف الليل وأحرق ما قال انه "مصنع كيميائي للمواد المتفجرة في أنفاق تحت مباني الجامعة تستخدمه كتائب القسام التابعة لحماس ".
وصرح ناطق باسم "كتائب شهداء الاقصى" التابعة لـ"فتح" في مؤتمر صحافي بأن "إحدى مجموعاتنا وقوة أمنية خاصة قامتا بعملية أمنية داخل مباني الجامعة الاسلامية بعد ورود معلومات أمنية تفيد أن مجموعة من المسلحين تستخدم الجامعة قاعدة عسكرية لتصنيع مواد قتالية وتوزيعها على حماس والقوة التنفيذية". وقال: " إن الجامعة تستخدم في مهاجمة مقرات وأفراد الأجهزة الأمنية ولذلك صادرت القوة المشتركة كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر والوثائق التي تكشف ارتباط المعتقلين الذين اوقفوا في الجامعة بجهات خارجية". وأوضح أن "عدد المعتقلين تجاوز العشرة أحدهم على الأقل يحمل جنسية دولة أجنبية وسيتم كشف تفاصيل في وقت لاحق حفاظا على سرية التحقيق". وأضاف أن "هذه العملية الأمنية تأتي بعد اعتراض مجموعات خارجة عن القانون من كتائب القسام والقوة التنفيذية مساعدات خاصة بالحرس الرئاسي وإعدام ستة من عناصر الأمن وسط قطاع غزة".
وقال شهود من غزة في اتصالات هاتفية مع "النهار" ان حرم الجامعة استخدم لقصف مقرات الاجهزة الامنية في غزة بما في ذلك مقرات للحرس الرئاسي في المدينة.
وذهبت اسرائيل الى أبعد من ذلك، فنسبت الى مصادر فلسطينية لم تسمها ان ضباطا ايرانيين موجودون في المكان يدربون عناصر حركة "حماس" على تصنيع الاسلحة ويقودون عمليات تخطيط معارك مع اجهزة الامن الفلسطينية.
وكانت الاشتباكات المسلحة تواصلت فجر امس ونهارا بين أنصار الحركتين في مناطق مختلفة من قطاع غزة، مخلفة اكثر من 23 قتيلا عرف منهم الصبي وليد حبوش (8 سنين)، رمزي ابو عمش (25 سنة )، مؤمن وشاح ( 24 سنة )، محمد شبير ( 24 سنة)، خالد مشهراوي (25 سنة) . وارتفع عدد الجرحى ليصل الى 220 توزعوا على مستشفيات القطاع.
وقالت مصادر أمنية ان الاشتباكات تركزت في مدينة غزة، التي شهدت عمليات اطلاق نار في محاور عدة انتقلت بعد منتصف الليل الى منطقتي بيت لاهيا وجباليا في شمال قطاع غزة. وسمعت اصوات انفجارات واطلاق نار كثيفة في كل انحاء مدينة غزة وتركزت في ساعات الصباح قرب المقر الرئيسي للشرطة الخاصة في شارع الوحدة، حيث تعرض المقر للقصف بقذائف "ار بي جي" في محاولة للسيطرة عليه.
وأضافت ان مقر الشرطة الرئيسي وسط مدينة غزة تعرض ايضا للقصف بقذائف الهاون التي سقط عدد منها على مقر جهاز الامن الوقائي الفلسطيني، فيما استهدفت اخرى مقر جهاز المخابرات العامة شمال مدينة غزة.
وأعلنت مصادر في المخابرات العامة الموالية لـ"فتح" ان مسؤولا كبيرا في المخابرات هو العميد عبد القادر اسليم (55 سنة) قتل خلال هجوم مسلح شنه مسلحون من "كتائب عز الدين القسام" و"القوة التنفيذية" على مقر المخابرات في جباليا شمال قطاع غزة.
وروى شهود ان اشتباكات عنيفة دارت بين مسلحين من حركة "فتح" وقوى امنية اخرى من جهة واخرين من حركة "حماس" قرب مقر جهاز الامن الوقائي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة حيث تمكنت عناصر "حماس" من السيطرة على عدد من مراكز الامن. وقالوا ان مسلحين من الحركة هاجموا مقرا للمخابرات العامة في البلدة ذاتها بالاسلحة الرشاشة والقذائف الامر الذي تسبب بسقوط قتيلين.
وهاجم مسلحون من "حماس" والقوة التنفيذية المقر العام لاتحاد عمال فلسطين شمال مدينة غزة قبل ان يشعلوا النار في مقر اذاعة عمال فلسطين الموالية لـ "فتح" .
وقال مسؤول في الاذاعة ان المسلحين فجروا عبوات ناسفة في مقرها . لكن "حماس" نفت ان تكون احرقت الاذاعة وقالت " ان لا علاقة لها بالامر".
ومساء، صرح مصدر مسؤول في الحرس الرئاسي بأن "عناصر من حماس حاصرت موقع قريش جنوب غرب غزة، حيث مئات العناصر من الاغرار الذين يتلقون تدريبات داخل المقر واطلق المسلحون النار بكثافة على الموقع واستخدموا قذائف مضادة للدروع، مما ادى الى اصابة العديد من الجنود الاغرار".
و اقتحمت عناصر من القوة "التنفيذية"، وكتائب "القسام"، حرم جامعة القدس المفتوحة، شمال قطاع غزة، بعدما قصفتها بالقذائف، وأضرمت النار في مبانيها وضربت حراسها.
وفي الضفة الغربية خطف مسلحون ملثمون القياديين في "حماس" عبد الجبار جرار (40 سنة) ومحمد الجمال (37 سنة) في مدينة جنين.

احتجاجات

وتواصلت التحركات الشعبية في الضفة الغربية وبعض مدن قطاع غزة للمطالبة بوقف الاقتتال الفلسطيني، وأدى ألوف من الفلسطينيين صلاة الجمعة في ساحة المنارة برام الله وشوارعها المتفرعة تلبية لدعوة "ملتقى الأسرى" احتجاجاً على "قتال الإخوة الذي يأتي على حساب القضية الفلسطينية ويهدد النسيج الاجتماعي الفلسطيني".
وشدد المستشار الأمني للرئيس عباس جبريل الرجوب عقب الصلاة على موقف حركة "فتح" الرافض للاقتتال و"أنها تقف في موقف الدفاع عن نفسها"، داعياً إلى "حماية الضفة والقدس والانتباه إلى مستقبلهما". وقال: "إن "فتح لن تنقلب على السلطة ولا تفكر في الانقلاب، وخيارها كان ولا يزال الوصول إلى السلطة عبر صندوق الاقتراع"، مبرزا "اهمية وضرورة العمل لحقن الدم الفلسطيني والحفاظ على الوحدة الوطنية".
و ناشد قاضى القضاة الشيخ تيسير التميمي، الرئيس عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية، الاجتماع فورا لحقن الدم الفلسطيني. كما ناشد "فتح" و"حماس" وقف "قتال الاخوة"، داعيا الى" حماية القدس التي تتسارع عمليات تهويدها من الاحتلال مستفيدا من اجواء الاقتتال".
وأعلن الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية ماعدا معتقل النقب، اضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجاً على الاقتتال الدائر في غزة وللضغط على الأطراف للعودة إلى الحوار.

اسرائيل تقتل 4

في غضون ذلك، قتل الجيش الاسرائيلي أربعة مسلحين فلسطينيين في الضفة في هجومين منفصلين.
وصرحت ناطقة عسكرية اسرائيلية بأن قوة تعمل في منطقة بيتونيا قتلت بالرصاص مسلحين كانا يرتديان ملابس مدنية. واضافت ان الجنود رصدوا مسلحا في مبنى دخلوه وان "القوة اطلقت النار عليه وقتلته" بعدما تجاهل امرا بالقاء السلاح. وقتل الثاني خارج المبنى.
وقال مسؤول أمني فلسطيني كبير ان القتيلين عضوان في جهاز الامن الوقائي الفلسطيني. وانهما كانا يرتديان الزي الذي يميزهما كعضوين في الجهاز. واشار الى ان الحادث حصل في مبنى قريب من مكاتب جهاز الامن الوقائي في بيتونيا.
وفي حادث منفصل في رام الله، قال الجيش الاسرائيلي انه قتل مسلحين فلسطينيين آخرين. وادعت الناطقة نفسها ان المسلحين كانا في سيارة وانهما فتحا النار على وحدة اسرائيلية ردت عليهما بالمثل. وأصيب جندي اسرائيلي اصابة طفيفة خلال الاشتباك.

مصادر
النهار (لبنان)