بلدة "أم الرشراش" المحتلة منذ عام 1948، عاشت صباح يوم الإثنين عرساً فلسطينياً مميزاً، فقد زفت لفلسطين الشهيد الشاب"محمد فيصل السكسك"، القادم من "بيت لاهيا" في قطاع غزة، إبن العائلة المُهَجَّرة من عروس البحر مدينة "يافا". إنطلق "محمد" من منزله في حي "السلاطين" الواقع غرب بيت لاهيا نحو الهدف دون وجل أو تردد. لم تكن المجابهة جديدة عليه، فقد عاشها مرات عديدة، إذ شارك بكل معارك الدفاع عن الشعب في عدة مناطق داخل "غزة"، وقد تعرض للإصابة في ساقه نتيجة المواجهات العنيفة التي خاضها مع رفاقه أثناء تصديهم لواحدة من عمليات الإجتياح عام 2004. شقيقه الأكبر "نعيم" يتحدث بفخر عن "محمد" (أعلم أن أخي ينتمي لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، ودائماً يشارك بصد الإجتياحات، لاسيما الأخيرة لمناطق "العطاطرة و العمودي" في بيت لاهيا). "أم نعيم" والدة الإستشهادي قالت (كنت أعلم نيته الإستشهاد والشهادة، لكنني لم أعلم توقيت ذلك). زوجته نادية جمال السكسك أعربت عن فخرها بما قام به الزوج (لقد علمت بنبأ إستشهاده اليوم "الإثنين" أشعر بالفخر به وبما قدمه لفلسطين). شقيقة الشهيد الصغرى "داليا" تتحدث وهي تغالب دموعها (أنا فخورة بشقيقي محمد، لأننا نرفع رؤوسنا شامخة بهذه العملية).

الشهيد قبل توجهه للعملية، أكد لمن حوله بأن )مواجهة العدو هي المهمة الأولى والوحيدة للشعب الفلسطيني، ولهذا فإن الإقتتال الداخلي كارثة لنا(. لهذا تقول الوالدة أن إبنها "محمد" أبلغها (لابد أن تصحو "حماس وفتح"، إن الإقتتال بينهما جريمة لايستفيد منها إلا ّ العدو)، ولهذا تصر على أن إبنها (أوجع العدو ولم يمت في الإشتباكات المخزية). "نعيم" يؤكد (محمد تمنى دوماً أن يكف المتقاتلون عن قتالهم ويوجهوا بنادقهم لصدر الإحتلال). الزوجة المرفوعة الرأس بالبطل تصر على (افتخارها بموته شهيداً، فهو لم يذهب ضحية الصراع بين حركتي فتح وحماس). حقاً لقد أوجعت العملية العدو "ثلاثة قتلى وتسعة جرحى"، ونسفت نظرياته وإجراءاته عن "الأمن" وفضحت عجزه عن اكتشاف العملية قبل وقوعها، وكذلك عن تخبطه في معرفة التفاصيل الدقيقة، التي مكنت الإستشهادي من الوصول للهدف. إنها واحدة من الإبداعات/ الإنتصارات التي يتوصل إليها المقاتلون حينما يتفرغون لمقارعة عدوهم. لقد جاءت العملية بوقتها المناسب، إنها رسالة "الصحوة" لأولئك المنشغلين بـ"مقاعد الوزارات السيادية"، وصرخة الإحتجاج على تبديد الرصاص في معارك "مخزية" تحصد أمن المجتمع وأرواح المواطنين.

ونحن ننحني بإجلال وإكبار لروح الشهيد، نتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت للعناوين المقصودة، وأن تكون الصرخة قد بددت العديد من الأوهام حول "السلطة والسيادة"، وأعادت التوازن لخطوات البعض المتجهة نحو الإنتحار الجماعي والكارثة الوطنية.