صدق من أعلن صراحة ، أن الأزمة في العقل ، في منهج التفكير والتدبير ... في منهج الحوار والتعاطي ... في منهج رد الحجة بالحجة لا بالتهجم والتجني .

قرأت ما ورد في مقال " تزييف التاريخ " الذي ورد في نشرة "كلنا شركاء" تاريخ 3/2/2007، كما سبق وأن قرأت مقالاً شبيهاً يتكلم عن المعارض التي ذُكرت ضمن السياق وعما كان فيها من أخطاء ، تعد قاتلة بالنسبة للبعض الكثير الذي يعرف ويهتم ، وبسيطة للبعض الآخر(؟) ... كما قرأت التعليقات التي وردت والتي طالب الكثير منها باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المسيئين .

تبقى أزمتنا في العقل ... قد تكون لازمة دائمة في العقل العربي الجمعي الذي ، عندما لا يستطيع مقارعة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة ، ينحو باتجاه التقريع والتشويه والهجوم على صاحب الحجة والفكرة ، ومحاولة اتهامه بشتى الأوصاف والموبقات التي تخرج تماماً عن موضوع النقاش .

هذا بالضبط ما كان في جواب " المكتب الصحفي في المديرية العامة للآثار والمتاحف" الذي شعرت – كما غيري الكثير – أنه أكد حقيقة ما جاء في مقال "تزييف التاريخ" كونه لم يتطرق نهائياً إلى الأفكار الرئيسة التي وردت في سياقه سوى الفقرة التي تقول :

" يعلم أن ما جاء في المقال شيء مبتذل لاسيما أن ما ذكره كاتب المقال المحجوب الاسم عن دليل معرض زنوبيا ،سبق أن تتداخل به وعلق عليه الدكتور العالم محمد محفل في صحيفة تشرين على مدى صفحتين كاملتين . ولم يكن للمدير العام الحالي أي دور بذلك وقد تم حصر المسؤولية آنذاك بأحد ممن أبعد لاحقا" عن إدارة المديرية . ثم ذاك اللقاء التلفزيوني ، فالمعلوم أن الأجوبة تتبع نمط الأسئلة .. وهذا ماكان . "

حسناً ، إن كان قد تم إبعاد من اعتبر مسؤولاً عن الخطأ "القاتل" الذي حصل ، فلم طريقة الرد المتوترة التي كانت واضحة تماماً ؟ .... وإن كان قد تم الاعتراف بالخطأ عن طريق إبعاد "المسبب" ألا يتم التساؤل عن السبب الذي كانت فيه مسؤولية معرض على ذاك المستوى من الأهمية منوطة " بشخص واحد مسبب " تم إبعاده (؟) بسبب ما حصل من خطأ ؟.... ألم تكن هناك مجموعات من الموظفين أصحاب الامتيازات والدرجات الذين قاموا بالتحضيرات والترتيبات ثم التنفيذات أم كان الأمر جميعه على عاتق شخص مفرد واحد ؟...

ثم ، من الذي اكتشف الخطأ ؟ .... هل هو ذات الشخص المفرد الواحد ؟... هل هم الزوار ؟... هل هم أصحاب الكفاءات الذين أشرفوا على حسن سير وتنفيذ الجناح ؟... أم هم مجموعة من المواطنين الصادقين الغيورين على وطنهم وتاريخهم ومستقبلهم وأولادهم ..؟ ولم كان البدء بإثارة الموضوع بواسطة شبكة الويب ؟...

ثم ، هل أن ما حصل بمثابة العادي والبسيط - ليس فقط في مثل الظروف التي تمر بنا ولا تزال على مدى ستين عاماً – لدى من هو مسؤول عن إظهار حقيقة تاريخنا الذي به نعتز ونفتخر – لأننا لم نخترع شيئاً نعتز به في تاريخنا الحديث سوى تمجيد تاريخنا القديم – والذي بسببه قال عن بلادنا ذاك " الغير الأجنبي الغربي المتآمر" بأنها مهد الحضارة ...؟ وإن كان بسيطاً أفليس من بديهيات البساطة التعامل ببديهية لتصحيح الخطأ البسيط الذي حصل ...؟

أزمتنا في العقل ... وأزمتنا في فكرة الثواب والعقاب .. وأزمتنا في مفهوم دولة المؤسسات ... أزمتنا أن ما حصل يستوجب اعتباره بمثابة البلاغ لذوي الاختصاص ، للتأكد والتمحص واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيصال الصورة الواضحة والإجراءات الكفيلة بعدم التكرار من جانب ، و العمل على عدجم تكرار مثل هذه "الأخطاء" مستقبلاً مهما كانت الظروف ، من الجانب الآخر، .

أزمتنا في العقل وفي النهج ... في من يعتبرأن :

" والجهات العليا التي عينت المدير العام أدرى بما تفعل ولعل الغمز من قناة المدير العام تؤدي إلى الغمز بمن عيّن المدير العام "

أزمتنا في التخفي والتستر والتلطي والتهديد الفارغ الأجوف بمن هو أعلى ، أزمتنا في محاولة تغييب وتضييع الحقائق بمحاولة الإيحاء والتوجيه باتجاه منحى مغاير تماماً ... أزمتنا في الصغار الصغار الذين يتهربون من المواجهة بالتهديد بسيوف الغير .... أزمتنا في سوء الأداء سوء العقاب ، وفي المحسوبيات والمنفعيات ....

أأسف من هكذا رد وجواب ، أتى من " المكتب الصحفي في المديرية العامة للآثار والمتاحف" الذي يفترض به أن يكون مثالاً للغير تجاه الإداء المتزن العقلاني الهادئ الراقي ... لمن هو مسؤول عن آثار بلادنا وحقيقتها والحفاظ عليها وإظهار حقائقها ومقارعة الحجة بالحجة والشرح بالشرح والإقناع .

أأسف لكل ما حصل ....... وأأسف إن صدقت مقولة " لا تيأس ... ما في أمل " .

مصادر
سورية الغد (دمشق)