النهار / سركيس نعوم

تتابع الادارة الاميركية برئاسة جورج بوش الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط وخصوصا في المملكة العربية السعودية والاردن ولبنان والسياسات التي ينتهجها قادة هذه الدول حيال القضايا الاقليمية المتفجرة وذلك انطلاقا من اقتناع بأن اتفاق هذه السياسات مع السياسات الاميركية من شأنه تعزيز التعاون والتنسيق بين اصحابها وتالياً تمكينهم من خوض المواجهة الاقليمية الشرسة التي يخوضون بكثير من القوة مع آمال وان حذرة في الانتصار فيها.
كيف ترى الادارة المذكورة التحرك السياسي السعودي الحالي والاوضاع في الاردن ولبنان؟
انها تتابع بكثير من الاهتمام السياستين الاقليمية والدولية للمملكة يجيب متابعون اميركيون جديون في واشنطن، فالمسؤولون الكبار فيها يحاولون الحصول على دعم مبدئي ومستمر من المجتمع الدولي لبلادهم وخصوصا لسياستها الخارجية. ويستعملون لتحقيق هذا الهدف النفط الذي هو ثروة اساسية او بالاحرى احد ابرز مصادر الثروة السعودية والغرض من الاستعمال هو خفض سعر هذه السلعة الحيوية للعالم كله بحيث يصبح خمسين دولاراً اميركياً البرميل وتمكينه من الثبات على هذا المستوى. ونجاحهم في ذلك، لا بد ان يساعد الاقتصادات الدولية او العالمية ويدفع المجتمع الدولي كله الى النظر الى المملكة بكثير من الود والاحترام والاستعداد لبذل كل جهد ممكن لمساعدتها في مواجهة اي مشكلة قد تتعرض لها داخلية كانت أو اقليمية. كما انه لا بد ان يبطىء الجهود التي تقوم بها الدول الصناعية المتقدمة وفي مقدمها الولايات المتحدة لايجاد بديل او بدائل من النفط سواء لتلافي اسعاره المرتفعة باستمرار او لتلافي الاضطرار بسبب الحاجة اليه الى الاستجابة لكثير من الضغوط الخارجية. طبعا لا يعني ذلك ان الدول المشار اليها ستوقف البحث العلمي عن مصادر طاقة بديلة ولكنه يعني انها لن تجد نفسها في حاجة الى الاسراع في ذلك مع ما يرتبه عليها من نفقات كبيرة ذلك ان كميات النفط المستخرجة حاليا وكميات الاحتياط منه في العالم وخصوصا في العالم العربي الذي تؤثر فيه السعودية كبيرة جدا بحيث تكفي الاستهلاك العالمي مدة طويلة من الزمن.
ومن شأن النجاح السعودي في استقرار اسعار النفط عند مستوى خمسين دولارا البرميل الواحد توفير مساعدة غير مباشرة للولايات المتحدة وربما للمجتمع الدولي في المواجهة الدائرة حالياً مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. ذلك ان سعرا بهذا المستوى المخفوض لن يسر الايرانيين لانهم يخوضون غمار مشروعات ضخمة اقتصادية – سياسية اهمها على الاطلاق انتاج الطاقة النووية وامتلاكها وربما الافادة منها لانتاج اسلحة نووية. وفي مشروعات كهذه تحتاج ايران الى مبالغ مالية هائلة. والمصدر الاول لها لا يمكن ان يكون الا النفط، علما ان بنيتها التحتية النفطية صارت قديمة وهي في حاجة الى اصلاح سريع وعلى مستويات مختلفة، وذلك بدوره يحتاج الى اموال ضخمة. ومن شأن النجاح السعودي نفسه مساعدة السعودية في "الحوار" الذي تجريه منذ مدة مع ايران الاسلامية حول العراق ولبنان. علما انه لا يزال من السابق لاوانه معرفة ما اذا كان السعوديون سينجحون في جعل الايرانيين اقل مواجهة "لاعدائهم" او اقل رغبة في مواصلة المواجهة واكثر ميلا الى حلول او على الاقل الى تسويات. اما على صعيد سوريا وامكان الافادة من دور المملكة للنجاح في وقف المواجهة مع النظام الحاكم فيها بطريقة او باخرى فان المعطيات والمعلومات المتوافرة تشير الى ان المسؤولين السعوديين لا يزالون مستنكفين عن "التحدث" مع السوريين لاعتبارات كثيرة معروفة، والى ان عددا من المحاولات العربية لإقناعهم بالتخلي عن هذه القطيعة لم تلق حتى الآن الصدى الايجابي المطلوب. طبعا قد يعتقد اخصام سوريا ان ذلك دليل على اتجاه المملكة الى محاولة قلب الاوضاع فيها. لكن المتابعين الاميركيين انفسهم لا يعتقدون انها وصلت الى هذه الدرجة رغم القطيعة ويرجحون ان يكون ذلك الاسلوب الذي سيتبعه السعوديون للضغط على سوريا بشار الاسد لحملها على اتخاذ مواقف ايجابية والاقلاع عن سياسة المواجهة والمعاندة وربما المكابرة التي تتبع ولاسيما في العراق ولبنان.
اما بالنسبة الى اردن المملكة الهاشمية، يقول المتابعون الاميركيون انفسهم فان ادارة بوش تتوقع ان يضطلع بقيادة الملك عبدالله الثاني وفي اطار التحالف او الحوار القائم مع السعودية وغيرها من الدول العربية بدور مطمئن لاهل السنة في العراق الامر الذي قد يساعد على تهدئة الاوضاع فيه ويدور في الموضوع الفلسطيني – الاسرائيلي.
ماذا عن لبنان في ادارة الرئيس جورج بوش؟
لا يزال المتابعون اياهم مقتنعين بان هذه الادارة وبدعم من فرنسا وبريطانيا والغرب الاوروبي عموماً فضلا عن معظم الانظمة العربية لا تزال تدعم الحكومة "الشرعية" التي يترأسها فؤاد السنيورة. وستحاول مساعدتها على تلافي انزلاق لبنان الى حرب مذهبية اسلامية او الى سيطرة سوريا وايران عليه من خلال "حزب الله" ومن يمثل وبعض الحلفاء غير الشيعة من اللبنانيين. طبعا لا يبدو المتابعون واثقين من قدرة اللبنانيين على تلافي الانزلاق المذكور. لكنهم يعتقدون ان تلافيه ممكن اذا توصل الاطراف اللبنانيون الى تفاهم جدي بعيدا من توجهات الخارج المتنوع ومصالحه واذا رافق ذلك او تلاه حل جدي لمشكلة سلاح "حزب الله" بحيث يصبح سلاح الدولة وليس سلاح حزب او طائفة. ولا يقلل من خطر هذا السلاح في رأيهم على السلام الاهلي في لبنان تأكيدات قادة "حزب الله" بانه موجه الى اسرائيل ولن يستعمل في الداخل وبان الضغط على السنيورة وحكومته سلمي، ذلك ان تهديد القوة المسلحة والعنف سيبقى قائماً رغم كل ذلك وسيبقى مؤثرا على العملية السياسية ما لم يوجد حل لها. الى ذلك فان دعم حكومة الغالبية واي حكومة تخلفها ينبع من اقتناع بانها الضمان لعدم تجدد العنف في الجنوب ومع اسرائيل من خلال احترام القرار الدولي 1701 واستكمال تنفيذه.