هآرتس

استأثرت المواجهات الدامية بين "فتح" و"حماس" في غزة باهتمام المعلقين الاسرائيليين الذين تساءلوا عن الموقف الذي ينبغي على اسرائيل ان تقفه. فرأى المعلق في صحيفة "هآرتس" امس داني روبنشتاين انه يجب السعي الى تحجيم "حماس" واعادتها الى الحجم الذي كانت عليه قبل الانتخابات. وكتب: "لا مجال لتغيير "حماس"، وكل الشخصيات السياسية الفلسطينية والمصرية التي حاولت التوصل الى اتفاق بين الطرفين تعلم هذا الامر. ورغم ذلك يحاول الكثيرون التوصل الى صيغة متفق عليها لاقامة حكومة واحدة وطنية توقف سفك الدماء.
من بين هذه المحاولات المهمة ما يقوم به الاسير الفلسطيني المشهور مروان البرغوثي الذي ارسل وهو في السجن شخصين من المقربين اليه هما قدورة فارس ومحاميه خضر شقيرات الى دمشق للتحاور مع خالد مشعل وقيادة "حماس". وعاد الاثنان بصيغة رسالة تكليف اقترحاها على رئيس السلطة محمود عباس تقضي بتعيين اسماعيل هنية رئيسا للحكومة الجديدة – القديمة. ولكن بعد سنة كاملة من المفاوضات ومحاولات الاقناع، تبيّن الصورة الحالية للمفاوضات استحالة التوصل الى تربيع الدائرة وردم الخلافات بين الطرفين. فليس في استطاعة فتح التنكر للاتفاقات التي جرى التوصل اليها في الماضي، ولا يمكنها التراجع عن اعترافها باسرائيل، وفي حال كان مطروحا سابقا احتمال ان تتغير "حماس" بحيث تصبح اكثر اعتدالا، فقد بات اكيدا اليوم ان هذا لن يحدث. فكون "حماس" حركة دينية تشكل فرعا من حركة الاخوان المسلمين يجعلها عاجزة عن تغيير مبادئها. من هنا فطريقة التعامل مع "حماس" ليست في تغييرها وانما في محاولة تهميشها واعادتها الى الحجم والموقع اللذين كانت عليهما كحركة دينية – وطنية في الاعوام التي سبقت فوزها في الانتخابات. كيف نفعل ذلك؟ ليس من طريق القوة (...) تدل تجربة الماضي على ان التقدم الحثيث في العملية السياسية وحده قادر على لجم "حماس". وفقط عندما يتضح ان اسلوب ابو مازن وسياسته هما الانجح، هناك حظ في ان يتنكر الجمهور الفلسطيني لـ"حماس" ويتراجع التأييد لها الى ما كان قبل نشوب المواجهات الدموية منذ ستة اعوام".
اما افتتاحية "هآرتس" فقد كانت اكثر تحديدا في تصوير الموقف، فدعت الحكومة الى نبذ استخدام القوة العسكرية ضد "حماس" والتوقف عن التظاهر بدعم ابو مازن ضدها وتبني مبادرة السلام العربية للقمة التي عقدت في بيروت. وكتبت: "بدلا من البحث مجددا عن الاستغلال الاسرائيلي الافضل للوضع، على الحكومة الاسرائيلية ان تقرر فورا وفي صورة قاطعة تبنيها لمبادرة القمة العربية في بيروت، واستعدادها بالاستناد الى مبادئ المبادرة للتفاوض مع اي طرف فلسطيني متفق عليه، والتعاون مع كل حكومة فلسطينية في المسائل المتصلة بالخدمات الحيوية. ولهذا الغرض لا حاجة الى اعتراف "حماس" باسرائيل او العكس، وانما المقصود هو التفاهم على الحاجات الانسانية للمدنيين الذين تحوّلوا رهائن".