لن تشدنا المساحات الملونة أو الكتابات التي تحاول بشكل خجول التعبير عن صور المرشحين، ففي الحملات الانتخابية تنتهي قدرة العين على التمييز لأنها تبحث عن المساحات البيضا، ففي هذه المساحة يمكن أن يدخل التعبير عن العملية الانتخابية مجالا آخر .. فنعرف أن البعض ترك لنا حرية التصرف في رؤيته، بدلا من فرض الصورة النمطية لابتسامته علينا.

عندما نستطيع أن نصل إلى "مساحة بيضاء" في أي إعلان انتخابي، ندرك أن المرشح يعرف حقنا في التعامل معه، وأننا قادرون على مشاركته "رؤيته" أو حتى التفاعل مع ما يريده، بدلا من جلوسه يتأمل القادمين والمودعين على أهازيج متفرقة بينما تفوح رائحة القهوة من المكان.

"المساحة البيضاء" ليست رمزا لأنها بوابة لفهم العمل الانتخابي خارج الاعتبارات التقليدية التي تتحدث عن النزاهة أو المساحة الديمقراطية أو غيرها من "مواد" البيانات السياسية، فندرك أن هناك تجربة تمر كل أربع سنوات وأننا نسمح لها المرور دون أن نعيشها بالكامل، او نتعامل معها على أنها حق لنا.

وإذا كانت المساحة البيضاء نادرة في الحملات الانتخابية، فإن وجودها ولو لمرة واحدة تضفي إبداعا على تقليدية الصور الانتخابية والتصنيفات التي باتت أكثر من مألوفة .. فهي تحمل متعة التجريب في ترك "الجمهور" يقرر ماذا يضع على "اليافطات" التي ستغص بها الشوارع قريبا، وربما ترسم لوحة جديدة دون الدخول في متاهات التنظير حول الانتخابات والبرامج "المفتعلة" للمرشحين، أو حتى العناوين التي تطرق العين فنضطر إلى البحث عن مكان آخر بدلا من النظر إليها.

مساحة بيضاء واحدة تجعلنا ندرك أننا مقبلون على "انتخابات" تحمل فرحا على "رزانتها" بدلا من كونها "أهازيج" توحي باستعراض تراثي يمكن مشهدته في أي مسلسل تلفزيوني يتحدث عن القرن التاسع عشر.. وعندما تتوفر هذه المساحة فإنها تفتح الأفق للخروج من التصنيفات المكتوبة تحت اسم المرشح لأنها ستصبح تعبيرا واضحا عن قدرة المجتمع والمرشحين على التعامل مع هذا الحدث بشكل مختلف وربما يحمل هوية خاصة ...

ربما تبدو المسألة وكأنها خربشات داخل "حلم انتخابي" .. لكنها في النهاية رغبة في "عيش" الحدث القادم بشكل خارج عن مألوف "الحلات الانتخابية" التي اعتدنا عليها واعتادت علينا.

مصادر
سورية الغد (دمشق)