لمن استطاع ان ينسف غلافه القديم؛ ليجد ان المساحات حوله قادرة على استيعابه، وربما وضعه على "الرقعة" الإنسانية التي تحمل كل الاحتمالات .. ولمن كان قادرا على الغرق في الحياة بدلا من تجنبها أو الذعر منها لمجرد أنها لامست مساماته .. لكل من حاول أن يعيش شبق الحداثة، فحط رحاله في باريس أو لندن أو أي دولة شكلت بداية لمشهد آخر غير مألوف، أو غير معتاد في تقليدية الحياة التي نعيشها .... إنها ليس رسالة لأنني أحاول فك رموز هذه الحداثة التي تصعقنا ثم تتركنا منغلقين على لون واحد. فنخجل من عدم قدرتنا على تبنيها، ثم نستخدم لكنة أجنبية للتعبير عما بداخلنا.

تجاوزت الحداثة كل مصطلحات الإناث والذكور داخل الواقع الاجتماعي .. فعندما نقرر دخولها يقابلنا طيف لوني من التداخل والاختلاط، ولا نستطيع رد الضوء عن أعيننا، أو ملامسة كل الألوان التي تهاجمنا فجأة ... لكننا عندما نقرر إغلاق محيطنا فإننا نقف دون الماضي أو الحاضر... ونكتشف أننا نسفنا "الغلاف القديم" لكننا عاجزون عن الانفتاح أو التفتح .. أو ممارسة "الاختلاط والمخالطة" ... والدخول في علاقات اجتماعية لاتضع "مخططا" جنسيا مسبقا لأي التفاة من أنثى، أو نظرة اعجاب من ذكر ... عندها ندرك أن الحل الوحيد لفشلنا هو استدعاء هواجس الحداثة والتحصن بأنفسنا.

في الحداثة التي اختلطت بي لم يكن بإمكاني التفكير للحظة بأن المجتمع يتربص بي .. أو أنني طريدة الذكور أينما ذهبت .. وفي الحداثة تصبح التجارب الشخصية معبرا لما بعدها، فاكتشف أن "ما بعد الحداثة" مصطلح لا يمكن إيجاد تعريف واحد له .. لأنه بالنسبة لي نوع من المعرفة التي تميز القدرة على التحرر حتى من "الحداثة" نفسها .. وهو من واقع "تجربتي"، وأنا كأنثى محط التجارب، انكسار لعجز البعض عن التوقف للتمتع بدخولهم "المجال الجديد"، فهم كانوا قادرين على تحطيم غلافهم لكنهم عجزوا عن دخول التجربة .. دخول المجتمع .. الاختلاط بمساحة الجميع بغض النظر عن الجنس.

وبعد التجربة لا استطيع الخوف لأنني متهورة بحكم المعرفة!! فارى الجميع يتماوجون بفعل الحياة، واستطيع أن أبحث دون وجل لأن "المحرمات" تنتمي لمراحل العبودية .. فأسئلتي لا تنتهي ...

عندما نستطيع التعامل دون تفكير مسبق مع أي حدث أو علاقة اجتماعية فإننا دخلنا الحداثة وتجاوزناها .. وعندما يبقى لساننا "أعجميا" وتفكيرنا وجل من التعامل مع الجميع، ذكورا وإناثا، فإننا بالفعل نعيش الفصام الذي نتهم الآخرين به.