رفضت واشنطن أمس تقديم اي "تنازل" لدمشق في اطار رفضها عرض الرئيس السوري بشار الاسد مساعدتها على انهاء اعمال العنف في العراق، في ظل مفاوضات "بين الاطراف كافة في العراق مع الولايات المتحدة". فيما اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعض دول الجوار بأنها تخاف "امتداد الحرية"، واصفاً إياها بانها "استنساخ من الديكتاتورية التي كانت تحكم العراق"، وحض القادة العسكريين على الاسراع في الاستعدادات اللازمة للقيام بحملة أمنية تدعمها واشنطن في بغداد، بعد سلسلة من الهجمات راح ضحيتها مئات القتلى في الأيام الاخيرة.

وكان الرئيس السوري صرح في مقابلة مع شبكة"اي بي سي" الاميركية للتلفزيون بثت الاثنين، بأن ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش لا تملك رؤية لاحلال السلام في العراق وأن دمشق يمكن أن تضطلع بدور كبير في الجهود الدولية لاخماد العنف الطائفي في هذا البلد.

ورد الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك أمس بأن "ثمة أموراً يمكن ان يقوموا بها... وفي امكانهم ان ينجزوها من دون مطالبة الولايات المتحدة او اي كان بتنازلات... اذا ادعت سوريا انها ترغب في عراق أكثر استقرارا وأمناً، ففي وسعها ان تتخذ بعض الاجراءات في هذا الصدد"، ذلك ان "لدى الحكومة السورية وسائل عدة". لكنه اوضح ان واشنطن لا تزال ترفض الحوار مع دمشق لان سوريا قد تغتنم هذه الفرصة لتحسين سمعتها على غرار ما فعلت في الزيارات الاخيرة التي قام بها مسؤولون اوروبيون لدمشق، وخصوصاً وزير الخارجية الالماني فرانك - فالتر شتاينماير، مشيراً الى "ان ما فعلوه أنهم استفادوا من هذه الزيارات في مجال العلاقات العامة بالقول: انظروا، هذه الدول تتحاور معنا، ليست هناك اي مشكلة، في حين أن ثمة مشاكل خطيرة في الواقع". وخلص الى ان "سوريا لا تزال تضطلع بدور سلبي في لبنان ولا تضطلع بدور ايجابي في العراق، انها تقوم بدور سلبي في تطلع الفلسطينيين الى اقامة دولتهم ولا تريد قطعا المضي في مشروع المحكمة" الدولية لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

المالكي

وفي بغداد، قال المالكي لدى لقائه قادة عسكريين عراقيين: "نتمنى من الذين يعلنون شعارات من دول الجوار تتحدث عن تجربتنا ان ينظروا الى تجاربهم وكيف يتعاملون مع الغالبية والاقلية وكيف يتعاملون مع ارادة شعوبهم قبل ان يتحدثوا عن ارادة شعبنا... فلينظروا في ما يفعلونه في شعوبهم قبل ان يتحدثوا عن وضعنا الحالي. اعرف لماذا يعارضون لانهم يخافون امتداد الحرية والديموقراطية، وحقهم أن يخافوا لانهم استنساخ من الديكتاتورية التي كانت تحكم العراق". وانتقد بشدة "التدخل الذي أعلنا عنه مراراً وقلنا اننا لن نسكت الى ما لا نهاية عن الذين يتدخلون في شؤوننا ويدعمون الارهاب". وأضاف: "كنا نتمنى من أشقائنا ودول الجوار ان يفرحوا بخلاص الشعب من الديكتاتورية، ولكن ، ويا للاسف، يبدو أن التعايش مع الديكتاتورية هو السمة البازرة في هذه المنطقة".

وحذر العسكريين من "انتصار ارادة الارهاب والميليشيات" إذا فشلت الخطة المنتظرة لفرض الامن في بغداد، قائلاً: "تعرفون ماذا سيحل بالعراق. ستنتصر ارادة الميليشيات والارهابيين والخارجين عن القانون". وخاطب العسكريين بأن "ليس منكم من هو محسوب لحماية لتلك الطائفة انما لحماية جميع العراقيين... العمليات ستستهدف كل الطوائف وكل القوميات اذا خرجت عن القانون".

الاعظمية

في غضون ذلك، أفاد مصدر اميركي ان قوة عراقية - اميركية مشتركة بدأت مساء أمس عملية عسكرية في حي الاعظمية بشمال بغداد، موضحا انها بداية الخطة الجديدة لاعادة الامن الى العاصمة. الا أن مصدراً عراقيا أفاد ان العملية محدودة.
وقال الميجر روبي بارك إن "القوات الاميركية والعراقية تقوم بعملية تمشيط في الاعظمية اليوم كجزء من الخطة الامنية الجديدة بمشاركة ثلاث كتائب من الفرقتين السادسة والتاسعة من الجيش العراقي والشرطة الوطنية".
وأوضح مصدر مقرب من المالكي لاحقاً أن العملية "تتعلق بتشديد الامن حول منطقة الاعظمية اثر ورود معلومات عن وصول مقاتلين الى هناك". وقال إن "الخطة الامنية الشاملة لم تبدأ بعد".

مصادر
النهار (لبنان)