"ربما كان من الارتقاء ان ننظر الى المرشحين كممارسي سياسة، ولكن هل المرشحين انفسهم (على قد) هذه النظرة؟ سؤال برسم المرشحين انفسهم الذين لم يعتادوا ان يعدوا ناخبيهم بشيء " ....
فقرة بسيطة من سطر ونيف قد حملت قدراً كبيراً من التعبير والمعاني ، وردت على لسان الصديق " نجيب نصير" في مقالته الصادقة الموجزة الطريفة (( البقوسة ، وثقافة الانتخاب )) ضمن نشرة "سوريا الغد" تاريخ 5/2/2007 ، والتي قال فيها أيضاً " وكأن المسؤولية الاخلاقية والحقوقية تقع على الناخب وليس على الناجح في الانتخابات لتبدو المسألة برمتها موضوع اداري بحت ، يتم ترفيع المرشح من مواطن عادي الى نائب في المجلس كدليل على نباهته وذكائه وقدراته الشخصية، وليس نتاج ثقة الناخبين به " ...

ثقة الناخب بالمرشح ، لا بصفته الشخصية قدر ما يفترض أن تكون أمل أو ثقة بقدرة على العمل لتنفيذ برنامج واضح معلن ، إن عن حزب - كائناً من كان - ، أو مجموعة احزاب ، أو مرشح مفرد أو مجموعة ....

ليس المهم الإعلان عن الانتخابات قدر التأكيد على حقيقتها وماهيتها ، قدر تعميق مفهوم ثقافة انتخابية حقيقية بحيث يكون الأداء ديموقراطياً حقيقياً في " مجلس الشعب " باعتبار البرلمانيين ، ممثلين لعموم الشعب .... الشعب المواطن لا الرقم ... المواطن الذي يطالب ممثليه بالعمل الصحيح للمصلحة الجماعية التي قدموا انفسهم لها ، لا المواطن الذي يشارك " كمجموع رقمي عددي " .... المواطن الذي يتوجب عليه أن يجدد الثقة أو يعطيها للمرشحين وفقاً للبرنامج الواضح المعلن ووفقاً للأداء ، لا لعدد مرات الظهور على شاشة التلفاز ...... فمن المفترض ألا يكون مجلس الشعب خطوة ترفيعية لأحد يتم تبادل التهاني بين العائلة والأصدقاء بمجرد " ظهور" اسمه ضمن لائحة محددة بذاتها ، كما ليس خطوة في طريق الثراء .

لا أعرف الكثير عن النظام الداخلي لمؤسسة " مجلس الشعب " ، كما لا أعلم الكثير عن القوانين الناظمة والمتعلقة به ، كما أكاد لا أعلم شيئاً عن مهام عضو مجلس الشعب جراء ما رأيته ولمسته – كما رأى ولمس غيري الكثير - من تصرفات العديد منهم ... لكني أعلم أنه من المفترض به ان ينوب عني في الكثير من الأمور ، في طرح المشاكل والهموم وفي دراسة القوانين بدقة كي لا تكون بها أخطاء – غير مقصودة – وفي الرقابة ومتابعة الأداء إلى ما هنالك من أمور وشؤون وواجبات تمنحه حصانة وموقعاً ، كما تجعله مساءلاً – كائناً من كان - أمام الناخب ...

ولأنه ينوب ، كانت تسمية المبنى الذي يحوي مجموع " النائبين" أو "النواب" – كما كانت التسمية سابقاً - باسم " دار النيابة " ...
ولأنها " دار النيابة " ، أذكر هنا حادثة طريفة حصلت في حماة إثناء حملات انتخابية لمرشحين إلى البرلمان في خمسينيات "القرن الماضي"، وقد كان التنافس بينهم على أوجّه حيث كانوا يتجولون في الأحياء (أي يذهبون إلى أماكن تواجد " الناس" ليتكلموا معهم ويتبادلوا الحوار والنقاش ويعلنون خلالها برامجهم الانتخابية ) ، كان من بينهم مرشحاً مشهود له بوطنيته وثقافته العالية ، ارتجل أبياتاً من الشعر إثناء ارتجاله – أيضاً – خطاباً أمام جمع من المواطنين ، قال فيه :

دار النيابة قد صُـفَّــت أرائكها ............. لا تُجلسوا فوقها الأحجار والحطبا

"ربما يجب علينا قبيل موسم الانتخابات النيابية ان نتطلع خلفا الى ما انجزناه في هذه الثقافة وهل نحن بحاجة الى ثقافة جديدة ، وهل بمقدورنا تخيلها او تصورها او التفكير فيها ؟؟؟؟ " ....
لا تذهب بعيداً لأنها موجودة يا صديقي ، كما "المساحة البيضاء" التي طلبتها نشرة " سوريا الغد "...... إنها موجودة في أبيات الشعر المذكورة أعلاه .

مصادر
سورية الغد (دمشق)