باردة ، فاترة ، ساخنة .... ليست المياه ، وليست الأفلام او الأغاني أو الكلمات ..... إنها أحاسيس ومشاعر يدركها حتماً وبشكل مباشر ، من كان متابعاً ومهتماً بالشأن العام ، أي بمصلحة العموم والجميع ، لا مصلحة فردية أو حزبية او عشائرية ومناطقية ومذهبية .... أي ، من كان صادقاً باهتمامه .

وباعتقادي ، فإن الصدق هو أحد أولويات الوصول إلى حالة الثقة ... والصدق كما نعلم جميعاً ، ليس مجرد كلمة قرأناها في دفاترنا المدرسية العتيقة ، بل إنها حالة نتجت عن ثقافة أسروية / مجتمعية ، عن ثقافة عمل وممارسة لا مزاودات وشعارات وخطابات وتقارير و إلى ما هنالك من مفردات ....

والكذب بالمقابل ، موبقة كبيرة لدى المجتمعات الشرقية والغربية والجنوب شرق آسيوية ومعتنقة الديانات الشرقية و..,... إلى آخره ، وهي إحدى الاعتبارات الخطيرة التي تؤثر على مسيرة أياً كان ، لأن من يكذب على الغير إنما يهدم في الثقة باعتبارها أساس للمجتمع المتماسك .

فماذا عن المقولة لدينا : الكذب ملح الرجال .... ؟

سنشاهد ونقرأ كميات كبيرة من نشرات تحمل عبارات مليئة بالدسم والثقل الكلامي ، و" انتخبوا مرشحكم " ، من قال أنه أو غيره ، فرداً أو حزباً ، أو مجموعة ... من قبلت أن يترشح عني ؟! ولم استخدام ذاك التعبير الآمر دائماً في بداية كل نشرة أو لافتة ؟ وكيف لي أن أعرف حقيقة المرشح وإن كان يمكن لي الاقتناع أنه " سيمثلني" ضمن مجموع عددي يتجاوز المليونين ؟ وإن كان قد وضع رقم هاتفه الخليوي – الموضة الجديدة لكسب الثقة – فهل أن الأمر يكفي وإن حتى لمجرد الإيحاء بأنه " حلال الهموم والمشاكل ، وأنه ديبها " ..

كيف لمطلق مرشح كان أو لمجموعة " كتلة نيابية " ، أن يناقش في قوانين متخصصة في العلوم المالية ، أو الإدارية ، أو السياسية ، أو الاقتصادية ، دون استشارة متخصص ... وهل يكفي أن يوجد حرف مع نقطة امام اسمه الأول ، أو اسم مجموعة منهم ، لأعطي الثقة ... ؟

وهل أنه سيقوم بواجبه تماماً كما هي صفته كنائب ومشّرع ومراقب ..؟ هل أنه سيكشف ما هو خاطئ من ممارسات ...؟ هل أنه / أنهم سيكررون ما كان من " مسرحيات" .؟

كيف للمرشح أن يستقطب جموع الناخبين في دائرة انتخابية ؟ ... بالهدايا ؟ بالوعود ؟ بالعشائرية ؟ بالمذهبية؟ أم باللقاءات وإيضاح برامج العمل التي نذر نفسه لها .... هل له أن يستخدم التلفاز في حملاته الانتخابية ؟ أله أن يشرح أمام الجموع برامجه وأفكاره أن يحاور ويناقش علانية لكسب المصداقية ؟....

وهل ستجرى الانتخابات في أيام العطل أم أيام الدوام ....؟ وهل بمطابقة لوائح الشطب مع البطاقات الانتخابية والشخصية ... ؟
هل ستكون نسبة " المستقلين " على ما هي عليه ؟ وجموع نسبة " العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين " ....؟ ثم ، ماذا عن " الصندوق الجوال " الذي - وللمصادفة البحتة - يصل دائماً في الأوقات الملائمة ......

" انتخبوا " مجرد كلمة واحدة ، فعل أمر مفرد ... تكفي (؟) للمشاركة ضمن إحدى أهم المؤسسات على مستوى الوطن ، تكفي للحصول على " ثقة " المواطن الناخب ، تكفي للمشاركة والحصول على الحصانة .....
" انتخبوا " ، مع صورة شخصية ، ومع ابتسامة جانبية أو أمامية أو موروبة ، ونظرات ثاقبة أو ناعمة أو حنونة أو حالمة أو .... " انتخبوا " بصيغة أمر متفائلة وكأنها تقول للناخب المسكين " أنا بس يللي بيعجبك وغيري لا لا " .... - لا أتوجه بكلامي هنا عن الإناث ، رجاءً - ....

" انتخبوا لائحة الأمانة"،" انتخبوا لائحة تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي"،" انتخبوا لائحة الكرامة"،" انتخبوا لائحة الأهلية"،" انتخبوا لائحة التطوير"، " انتخبوا لائحة التصدي للمؤامرات الخارجية"، " انتخبوا لائحة دعم تشافيز"، "انتخبوا لائحة مقارعة الفساد"، " انتخبوا لائحة التطوير الاداري"، إلى ما هنالك من جمل طنانة رنانة ..... أما غيرها الآخر ، وإن كانت لفرد أو لمجموعة ، فستحمل بعضاً من "شعارات" و "أقوال" ، تكفي – برأي معديها – لكسب ثقة الناخب ( ؟ ) .

ما قد يعتبر مشكلة ، أن اللافتات لا يمكن لها استيعاب صور مرشحي الإئتلافات الانتخابية ، لمشاهدة الابتسامة الجماعية التي " تجمعهم" ، وحتى إن كانت لائحة الجبهة التي لا أعتقد أنهم سيكونون فيها على ذات النمط في الابتسام .

ذكرت في البداية ، بأن الصدق هو أحد أولويات الوصول إلى حالة الثقة . والصدق كما نعلم جميعاً ، ليس مجرد كلمة قرأناها في دفاترنا المدرسية العتيقة ، بل إنها حالة نتجت عن ثقافة أسروية / مجتمعية ، عن ثقافة عمل وممارسة لا مزاودات وشعارات و إلى ما هنالك من مفردات ....

ما أقصده مما سبق ، أن نكون صادقين مع ذواتنا ، مع أنفسنا ، مع كل ما تمثله هذه المؤسسة صاحبة العلاقة بموضوع الانتخابات ، مع كل ما تمثله من مهمام وواجبات تتطلب أعمالاً بكل ما في الكلمة من معنى ..... لا مجرد ابتسامات .
لأن من سيصل إلى " دار النيابة " سيكون من اختيارنا نحن ، مجموع الناخبين .... ولأننا نحن المسؤولين عن ما نعتبره " ممثلنا " في " مجلس الشعب " ...

أخشى ما أخشاه بعد فرز نتائج الإقتراع ، أن نسمع عن نسب من الأصوات نالتها الرائعة " سلاف فواخرجي" أو الممثل " قيس الشيخ نجيب " أو حتى " بروس ويلليس" ....

ورحمك الله يا جدتي ، كم كنت معجبة بابتسامة الرائعين – كما كانت تصفهما – " أحمد رمزي " و" رشدي أباظة " ...... من يدري ، فقد يحصلان على أصوات أمهاتنا ....... !!!!

" دار النيابة قد صـُفـَّـت أرائكهـــا ........ لا تـُجلسـوا فوقها الأحجـار والحطبـا "

نـزار صبـاغ