النهار

ليفني: نزاعنا مع "حزب الله" لا مع لبنان

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل خلال المؤتمر الامني أمس في ميونيخ. (أ ب)
وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس انتقادات لاذعة ضد الولايات المتحدة، محذراً من أن افراطها في استخدام القوة العسكرية يؤدي الى سباق تسلح جديد. وأكد أن روسيا لن تؤيد أي خطة دولية لتسوية وضع كوسوفو من دون محادثات ثنائية بين السلطات في صربيا والإقليم الإنفصالي. وجددت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعوتها سوريا الى عدم التدخل في شؤون لبنان واسرائيل. وقالت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني ان الدولة العبرية في "نزاع" مع "حزب الله" لا مع لبنان.
وكان بوتين يلقي خطاباً رئيسياً أمام مؤتمر ميونيخ الثالث والأربعين للسياسة الأمنية، والمعروف أيضاً باسم منتدى دافوس للأمن، الذي يشارك فيه نحو 270 خبيراً مدنياً وعسكرياً من 40 دولة، وقال إن "الولايات المتحدة تخرج من حدودها الوطنية في كل المجالات، وهذا خطير جداً. لم يعد ايّ كان يشعر بالأمان لأنه لم يعد في وسع احد الاحتماء خلف القانون الدولي".
وأضاف أن "عالماً أحادي القطب لا يعني عملياً سوى أمر واحد هو مركز سلطة، مركز قوة، مركز قرار يتصرف على أساس أنه سيد وحيد، مهيمن وحيد، وهذا سيقضي على الطرف المهيمن نفسه الذي سيدمر نفسه من الداخل". بيد أنه أطرى على الرئيس الأميركي جورج بوش، إذ قال إن "صديقي رئيس الولايات المتحدة يُنتقد على كل ما فعل، لكنه رجل نزيه ويمكن العمل معه".
ورأى أنه يعود لصربيا وكوسوفو ايجاد تسوية لوضع الإقليم الذي تسكنه غالبية من الألبان. وقال: "دعونا لا نلعب دور الله (في كوسوفو) ولا نفرض شيئاً على سكان صربيا وكوسوفو وإلا فإننا نسير نحو فشل". وأضاف: "دعونا نتركهم يجدون الحل".
وردّ الرئيس الروسي على انتقادات ضد قيود موسكو على عمل المنظمات غير الحكومية واغتيالات الصحافيين في بلاده، مشيراً الى أن عدد الصحافيين الذين يقتلون في العراق يفوق عدد الذين يقتلون في روسيا. كما حذر طهران من عدم التجاوب مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعلق عدد من المسؤولين الأميركيين الموجودين في ميونيخ على تصريحات بوتين. وقال وزير الدفاع روبرت غيتس إنها "مثيرة للاهتمام وصريحة للغاية". وصرح السناتور جون ماكين، الأوفر حظاً بين الجمهوريين لخوض السباق الرئاسي السنة المقبلة، بأن "العالم متعدد القطب ولا مكان للمواجهات غير المجدية، وآمل في ان تفهم روسيا ذلك". ووصف السناتور جوزف ليبرمان كلمات بوتين بأنها "استفزازية". واعتبر السناتور لينزي غراهام أن خطاب بوتين "يسهب في التظاهر بالشجاعة ويفتقر الى الواقعية".
غير أن الناطق باسم بوتين أكد أن الرئيس الروسي لا يحاول استفزاز واشنطن. وقال إن "الأمر لا يتعلق بمواجهة. إنها دعوة الى التفكير".
الى ذلك، أمل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ياب دي هوب شيفر في أن يدحر الحلف غالبية التمرد الذي تقوده حركة "طالبان" الأفغانية المخلوعة بحلول سنة 2009، متمنياً أن "نرى في 2009 حكومة أفغانية اكثر قدرة على حكم البلاد بنفسها".
وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي ترأس بلادها الدورة الحالية للإتحاد الأوروبي، قد افتتحت المؤتمر بتحذيرات من "عواقب وخيمة" قد تترتب على ظاهرة الإحتباس الحراري. وانتقدت سوريا، مذكرة بأن وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير زار دمشق أخيراً وطلب من القيادة السورية تبني "موقف بنّاء". ولفتت الى أن "سوريا لم تغتنم الفرصة"، لكن "الباب غير مقفل"، مشيرة الى ان دمشق "ينبغي ألا يساورها أي شك حول تصميم المجتمع الدولي حيال اسرائيل ولبنان".
ورحبت باتفاق مكة بين حركتي التحرير الفلسطينية "فتح" والمقاومة الإسلامية "حماس" لتشكيل حكومة وحدة وطنية، واعتبرته "خطوة في الاتجاه الصحيح" ويمتاز "بأنه أتى من منطقة" الشرق الأوسط.
وفي حضور أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي لاريجاني الجالس في الصفوف الخلفية من القاعة، حضت ميركل طهران على الإمتثال "من دون شروط" و"من دون مماطلة" لمطالب الأسرة الدولية الداعية الى تعليق برنامجها لتخصيب الأورانيوم. وحذرت ايران من "عزلة أكبر"، مذكّرة بعرض التعاون الذي قدم اليها في مقابل تعليق نشاطاتها النووية الحساسة.
وجدد لاريجاني لدى وصوله الى ميونيخ تأكيده الأهداف السلمية للبرنامج النووي الايراني. وقال إن بلاده "مصممة على التزام تعهداتها بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية".
وقلل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك للإتحاد الأوروبي خافيير سولانا شأن تكهنات باحتمال تحقيق انفراج خلال اجتماع مقرر اليوم بين مفاوضين أوروبيين ولاريجاني. بيد أنه عبر عن اعتقاده بأن "الملف النووي الإيراني يمكن حله بالمفاوضات".
وأفادت وزارة الخارجية الألمانية أن الاجتماع رتب مع لاريجاني، مع الأخذ في الاعتبار موعد 21 شباط الجاري النهائي الذي حدده مجلس الأمن لإيران لوقف تخصيب الأورانيوم أو مواجهة عقوبات مالية أوسع.
وتوقع ديبلوماسيون أوروبيون طلبوا عدم ذكر أسمائهم أن يتسلم لاريجاني اقتراحات من ديبلوماسيين سويسريين تتيح لإيران الاحتفاظ ببنيتها التحتية الحالية لتخصيب الأورانيوم، ولكن من دون تغذية أجهزة الطرد المركزي بأي كميات من سادس فلوريد الأورانيوم المعالج.
وعلى رغم أن الايرانيين سيبدون استعداداً على الأرجح للبحث في مثل هذا الإقتراح، إلا أن ديبلوماسيين غربيين توقعوا ألا تروق الفكرة الولايات المتحدة وبريطانيا.
وهاجمت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني ايران بسبب برنامجها النووي. وحملت على دور "حزب الله" الذي تساعده في لبنان، معتبرة أن هذا الحزب "لا يمثل مصالح" لبنان. ورأت أن اسرائيل "في المعسكر نفسه" الذي اختاره المعتدلون اللبنانيون، مضيفة أن لا وجود لـ"نزاع" مع لبنان، بل مع "حزب الله". كما اعتبرت أن "حماس لا تمثل المصالح الوطنية للفلسطينيين وطموحاتهم".
وخارج قاعة المؤتمر، تظاهر ما بين ألفين وثلاثة آلاف شخص في الساحة الرئيسية بوسط ميونيخ "من أجل السلام في العالم" وضد "سياسة الحرب والاحتلال التي تنتهجها دول حلف شمال الأطلسي". وساروا عبر المدينة للتنديد بـ"عسكرة السياسة الخارجية" و"التعذيب" و"هول الحرب".
وفرضت الشرطة الألمانية طوقاً محكماً في محيط فندق "بايريشر هوف" حيث يعقد المؤتمر.