من الواقعي اليوم النظر الى الحرب الباردة كتاريخ انقضى، ومن الواقعي ايضا ان هذا التاريخ انقضى الى رجعة لأنه وببساطة اذا كانت الحرب الباردة حرب عالمية ، فعلى العالم ان يدفع للمنتصر مكافأة انتصاره حتى ولو كان هذا العالم نفسه دفع سلفا مستحقاته من دماء وأموال وتعطيل تنمية ، ليدفع للمنتصر ما بقي في جيوبه من فراطة حتى لو كانت كرامة أو حضور واه يعفيه من الفناء .

على الرغم من انه (واقعيا) الحرب الباردة انتهت!! ، ويفترض أن المنتصر ـ الذي صرع الناس ان الاتحاد السوفياتي الآفل كان سبب كل الشرور ، أن الحرب ضده هي واجب أخلاقي تنموي أرتقائي (وفي احدى تمظهراته في الدول المتخلفة حصريا واجب ديني أولا وأيضا) ـ يفترض به ان يملأ الدنيا رخاء وعفافا في أمتصاص خيرات الشعوب ودمائهم وكراماتهم …

ولكن في تأمل بسيط نرى أن العكس هو الصحيح ، فوجود الاتحاد السوفياتي (الآفل) كان يشكل ولو عصى رفيعة في وجه هذا (الفجعان) لكل شيىء ، ولم يشكل زوال هذا السوفياتي (البشع) الا على زيادة البشاعة في هذا العالم القرية ، ولم يحس أحد بالفرح الطاغي لزواله الا من خلال الدماء والدموع ، ليس المطلوب الآن البكاء على السوفياتي فالواقع هو الواقع ، ولكن المطلوب هو عدم التسلح بالحنق والتعصب وخصوصا الديني منه كأسلحة في وجه الخديعة ، بل بالعقل وحده ، فالحنق والتعصب اوصلانا كي نكون وقود معركة الحرب الباردة ضد السوفياتي الملحد ، واليوم تتشكل بروفات الشرق الاوسط الكبير على شكل دماء وحنق وتعصب بأنتظار العرض الكبير

…. شرق اوسط صغير صغير … وتافه …