لا يذهب وديع بشور في كتابه الجديد عن الحروب الصليبية الى تفسير جديد ( غير رسمي ) في اعادة قراأته للحروب الصليبية ، كي يضيف نظرة ثالثة الى التاريخ من موقع تصالحي ، ولكنه وان كان يدعو الى اعادة قراءة وكتابة التاريخ بطريقة عقلاانية علمية ، الا انه وفي هذا الكتاب ينظر الى الماضي ليس ككتلة ايديولوجية معاصر تسقط نتائجها على التاريخ … حيث يرى أن تاريخ الحروب الصليبية ليس مجرد اختصار لصراع شرق غرب على اساس ديني ، ينطلق كشعار من فم مؤدلج ليلقمه اذن العامة كتتويج لعلم مكتمل وحكم نهائي … فالتاريخ أبن واقعه وليس أبنا للتفسرات المعاصرة ، التي تقدم وصفات جاهزة لأستعادة عدو مفترض ولا لزوم له من هذه الوجهة ، وان كانت هذه التفسيرات تحمل وجهة نظر او احكاما ما ، فهي كما هو مفترض تدعو الى الاستفادة من التاريخ وليس لأستمرار معاركه المدمرة .

يدعو وديع بشور في كتابه الى عدم الاخذ بالتاريخ ككتلة ايديولوجية واحدة تختلط فيها معالم الماضي بالحاضر وتنتفي الحدود بينهما ، فالحروب اذا كانت دينية خالصة فهي من سمات عصر مات … مات وانقضي ،على الرغم من ترجيحه ان ليس هناك من حرب دينية خالصة ، من هنا ينظر الى الحروب الصليبية من ضمن الظروف الاوربية ، والظروف الاسيوية التي ادت الى الصراع على سوريا ( بلاد آشور ) كأستمرار للصراع عليها قبل المسيحية وبعدها وقبل الاسلام وبعده … حيث تتجاوز المصالح الامبراطورية غلالة الدين الشفافة وتعاكسها أخلاقيا ، ليتحول الدين الى جزء من ديكورات واكسسوارات وملابس المعركة ، وليتحول تفسير عذه الديكورات والاكسسوارات في التفسير المعاصر الى اساسيات معركة مستحدثة ، وكأنها رواسب ثقافية ترفع الرأس وتستحق خوض معارك دامية للحفاظ على شكلها .

في اطلاعه الدقيق على تاريخ سوريا ( بلاد آشور ) الغائبة كدولة عن مسرح العالم ، يشير وديع بشور الى صراع مصالح امراطوري بين العجم ( الذين اسماهم نفس التاريخ الايديولوجي الشعوبيين ) الاسيويين الذين تمددوا خارج بلادهم وبين الاوربيين الذين يسعون لحل ازماتهم الداخلية بالتمدد خارجا ، انه كتاب ضد مسبحة الشيطان التي تبث في ثقافات الشعوب ولغتهم الكراهية ..أو وقود الحرب….

سؤال برسم الامم التي قررت الحياة وليس مجرد العيش .