الاتحاد

تصعيد أميركي مع إيران... وشكوك حول التزام بيونج يانج بالاتفاق النووي

الجدل الدائر حول احتمال تحول بريطانيا إلى دولة بوليسية، والتصعيد الأميركي مع إيران، والاتفاق النووي مع نظام بيونج يانج... موضوعات حظيت باهتمام خاص من الصحف البريطانية الصادرة خلال هذا الأسبوع.

* "هل تحولت بريطانيا إلى دولة بوليسية؟": في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، تناولت صحيفة "الأوبزيرفر" الاتهام الذي وجهه الدكتور "جون سينتامو" أسقف "يورك" الأسبوع ما قبل الماضي إلى بريطانيا بأنها تمر بمرحلة تتحول فيها إلى دولة بوليسية شبيهة بما كانت عليه أوغندا في عهد "عيدي أمين"، وهو الاتهام الذي أيده بلا تحفظ وزير داخلية حكومة الظل "ديفيد ديفيس"، وأيده بشكل غير مباشر رجل دين آخر بارز عندما قارن الغارات التي شنتها الشرطة البريطانية على مساكن لمسلمين اشتبهت الأجهزة البريطانية، في أنهم يدبرون مؤامرة لتنفيذ عملية إرهابية بالأعمال التي كانت ترتكبها ألمانيا النازية ضد اليهود. ورفضت الصحيفة تلك الاتهامات واعتبرتها من قبيل المبالغة. وعلى رغم أنها قد اعترفت بأن هناك الكثير من الانتقادات التي يمكن توجيهها للحكومة البريطانية بارتكاب بعض الانتهاكات في مجال الحقوق المدنية، وتركيزها على تنفيذ القانون والمحافظة على الأمن والنظام، واعتبارهما أكثر أهمية بكثير من الحريات النظرية، إلا أن مثل هذا التوجه من جانب الحكومة، وبصرف النظر عن مدى الخطأ والصواب فيه يجب -بحسب الصحيفة- أن يناقش في البرلمان وأروقة السلطة القضائية وأعمدة الصحافة، وإن هذا تحديداً هو ما يتم في الوقت الراهن (بدرجات متفاوتة من النجاح)... أما وصف بريطانيا بأنها دولة بوليسية لا تختلف عن دول العالم الثالث فهو -في نظرها- نوع من السخف والتملق الرخيص لأصحاب الرؤى الانفصامية والعدمية الذين يفكرون في كل شيء من منظور المؤامرة التي تشارك فيها الحكومة دائماً.

* "لم يعد في مقدور الغرب تجاهل إيران": اختارت "الديلي تلجراف" هذا العنوان لافتتاحيتها أول من أمس الثلاثاء، التي بدأتها بالتذكير بالتصريح الذي كان "دونالد رامسفيلد"، قد أدلى به قبل غزو العراق وقال فيه إن الولايات المتحدة "قادرة على خوض حربين كبيرتين في وقت واحد". تؤكد الصحيفة أن هذا القول لم يعد صحيحاً اليوم، علاوة على أن رامسفيلد نفسه لم يعد موجوداً في السلطة. وعلى رغم أن الرئيس الأميركي غارق اليوم في المستنقع العراقي، والإدارة الأميركية في حيرة من أمرها هناك، فإنها قامت بالتصعيد ضد إيران من خلال اتهامها بأنها تقوم بتزويد المتمردين بالمتفجرات والألغام المتطورة التي تسببت في خسائر فادحة للجنود الأميركيين. وترى الصحيفة أنه على رغم أن الكثيرين في واشنطن وخارجها، يرون في ذلك التصعيد نوعاً من الشبه بما حدث في فترة التمهيد للحرب ضد العراق، فإنها لا تتوقع أن تتجاوز المواجهة الحالية بين طهران وواشنطن مرحلة التلويح بالسيف دون أن يخرج هذا السيف من غمده أبداً لأن التصعيد في الحالة الإيرانية ليس الهدف منه شن حرب ضد هذه الدولة، وإنما تشديد الضغط على نظام "محمود أحمدي نجاد" المتشدد، وخصوصاً بعد أن كان الاشتباك مع النظام الإيراني قد خفت حدته عقب وصول الرجل إلى سدة الحكم. وترى الصحيفة أن الظروف الحالية، والدرجة التي وصل إليها البرنامج النووي الإيراني، وفشل الجهود الدبلوماسية وفشل العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على النظام في إجباره على تخفيف حدة لهجته، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تستدعي من الولايات المتحدة أن تلجأ للتصعيد ضد النظام الإيراني، خصوصاً وأن هناك مؤشرات على أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي غاضب من نجاد، وأن الدعم الشعبي للأخير قد تضاءل كما بينت الانتخابات البلدية الأخيرة. وتنتهي الصحيفة إلى القول إنه على الرغم من أن أكثر المتفائلين لا يتوقع لهذا النظام العنيد المتصلب الرأي أن ينثني أمام الضغوط الأميركية والأوروبية، فإنه لا مفر من الاشتباك معه، وزيادة الضغط الدبلوماسي والنفسي عليه لأن اتباع أية مقاربة أخرى في التعامل معه سيؤدي إلى عواقب لا يستطيع أحد أن يتنبأ بمداها.

* "يجب على كوريا أن تفي بعودها وأن تراقب الصين ذلك": كان هذا هو عنوان افتتاحية صحيفة "التايمز" ليوم أمس الأربعاء، والتي دارت حول الاتفاق النووي مع كوريا الشمالية، والذي ينص على بدء تلك الدولة في اتخاذ الخطوات الأولى للتخلي عن أسلحتها النووية، مقابل الحصول على مساعدات من الطاقة. وترى الصحيفة أن تلك الاتفاقية غير كافية، وأنها تفتقر إلى ذلك النوع من الشمول والقطعية، اللذين تميز بهما القرار الصادر من مجلس الأمن الدولي كرد فعل على التجربة النووية التي قام بها نظام بيونج يانج في أكتوبر الماضي. فذلك الاتفاق -كما ترى الصحيفة- لا يتضمن أي إشارة لبرامج كوريا الشمالية في إنتاج المواد البيولوجية والكيماوية، ويؤجل لمرحلة لاحقة كل الأسئلة الحرجة المتعلقة ببرنامج بيونج يانج الخاص بتخصيب اليورانيوم كما أن الاتفاق باهظ التكلفة حيث يتضمن تزويد بيونج يانج بما قيمته 300 مليون دولار من النفط سنوياً وهو ما يعادل ثلثي استهلاكها السنوي من تلك المادة، كما أن الاتفاق يبدو وكأنه نوع من مكافأة الأشقياء على سلوكهم، بدلاً من معاقبتهم عليه، وهو ما يحمل في طياته إشارات خطرة، وخصوصاً بالنسبة للأنظمة الجانحة. علاوة على ذلك فإن لكوريا الشمالية سجل من عدم الالتزام بالتعهدات، كما أنه من الصعب مراقبة مدى التزام نظامها بهذه التعهدات، خصوصاً إذا ما عرفنا أن ذلك النظام يمتلك شبكة هائلة من الأنفاق والملاجئ والغرف والقاعات المبنية تحت الأرض، والتي يستطيع أن يستمر فيها في ممارسة أنشطته غير المشروعة بعيداً عن العيون والأقمار الاصطناعية وغيرها من وسائل المراقبة والكشف. وترى الصحيفة أن كوريا الشمالية يجب أن توضع أمام اختبار أكثر صرامة، وهو تقديم بيان شامل عن كافة تفاصيل برامجها النووية قبل القيام بتفكيكها.. وتنصح بأنه لكي يتم تحقيق ذلك الشرط، فإن إجراءات التفتيش الخاصة بالأمم المتحدة يجب أن تظل مكانها، على أن تستمر الولايات المتحدة في تجميد الأرصدة الكورية الشمالية في بنوك الغرب، وخصوصاً تلك التي تستخدم لتمويل أنشطة التجارة في المواد الممنوعة، والتهريب وتزوير العملة، وأنه لا يجب السماح لنظام بيونج يانج بأن يغش العالم مرة أخرى كما سبق له ذلك من قبل، وأنه يجب عليه أن يدرك أن قواعد اللعبة مختلفة هذه المرة، وأن الصين هي الحكم وليست الشاهد الذي يتظاهر بأنه لا يرى شيئاً كما كان الحال في السابق.